أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – (لين أبوشعر)
عندما تسير في تلك الأحياء المهجورة في مدينة "حمص" السورية، تشعر وكأنك تتجول في أحد استوديوهات التصوير في هوليوود، فلا يمكنك تخيل أن ذلك الخراب كان عبارة عن بيوت وأحياء ومحلات تجارية وأن تلك الشوارع كانت مكتظة بالمارة والسيارات يوما ما.
المباني تملؤها فجوات كبيرة إثر التفجيرات، النوافذ والأبواب لم تسلم من أضرار الرصاص، الأضرار مادية ولكن المشهد لوحده كاف لاحداث أضرار نفسية في قلوب سكان تلك المناطق.
كيف يمكن تحويل تلك المدينة التي كانت تعج بالحركة والحياة، الى مدينة أشباح، فارغة، محطمة، حزينة، مهجورة، ومخيفة!
قصة مؤلمة .. في كل زاوية
عندما تتجول في هذه المدينة، يمكنك رؤية مخلفات الحرب في كل مكان، فكل زاوية تروي قصة، وكل زاوية شهدت حكاية شهداء وأطفال ومشردين وقتلى ومعاناة أهلها الذين لم يجدوا أمامهم الا خيار الذهاب … السفر الى المجهول، والابتعاد عن بيوتهم التي كانت قصورا لهم، ولم يقدموا على قرار الابتعاد الا لسبب واحد، وهو تجنب الموت تحت القصف والرصاص أو النجاة بحياتهم وأولادهم الى التشرد واللجوء الى بلاد أو مدن أخرى.
وكم من السكان فضلوا البقاء تحت أسقف بيوتهم التي تهدمت فوق رؤوسهم، أشخاص تحلوا بالشجاعة والصبر والايمان بأن الله قادر على كل شيء وأن عمر الانسان محدد مهما حصل.
يبدو هذا المبنى وكأنه ترمم في مرحلة ما، ربما خلال هدنة، ليتم استخدامه من جديد فقط للاختباء عند اندلاع المعارك اذ يَظهر الطابق الثاني مغلقًا بالكامل بالمتاريس (أكياس الرمل).
وفي حمص القديمة، لا تزال المقبرة على حالها، وكأن هذا الركن تُرك، ليرقد القتلى بسلام بعد معاناة الحرب.
القناص .. وأهدافه
وفي الطابق الأول لبناء مجاور، لا يزال موقع القناص كما هو، فيمكنك مشاهدة الكرسي وآثار أقدامه فوق الغبار، والمرآة التي استخدمها لتحديد أهدافه ببطء قبل الاقدام على القتل.
وفجأة تظهر فتاة في آخر البهو المظلم، يا ترى هل تعرف ذلك القناص؟ هل هو أحد أفراد عائلتها؟ هل هو على قيد الحياة؟
أطفال "حمص" … أشباح صامتة
ينظر الأطفال في وجه الغرباء باستغراب، وبصمت، ولا يتواصلون معهم، لا يُبدون أي تعابير، وكأنهم تحولوا الى أشباح صامتة، ربما بسبب ما مر بهم من أحداث مخيفة، قاسية، وصعبة.. آلاف الأطفال قُتلوا هناك في ذاك الحي وفي الجوار.
الأطفال هناك، لا يبتسمون، ولا يتكلمون، هم فقط يقفون بجوار الأنقاض التي كانت فيما قبل، منازلهم ووطنهم الصغير .. يتأملونها.. بكل حزن وأسى، لا شك أن الظروف قد حولتهم الى أشباه أشباح.
ونظرة لوم كأنها تقول… "ماذا فعلتم بمدينتي؟ لمَ أنا هنا؟"
أطفال "حمص" لم يعودوا أطفالاً… الهموم والذكريات المؤلمة تملأ عقولهم وقلوبهم ..
طفلة وجدت نفسها لاجئة بين المئات من الأطفال
خوف وألم … والكثير من الحزن
صورة قاسية لطفل في حمص.. وكأنه يقول: "ماذا حلّ بمنزلي؟؟ لمَ أنا وحيد هنا؟؟"
أصبحت حمص ساحة معركة، إذ تصدى الثوار لهجمات قوات النظام التي تحاصر المدنيين لأكثر من عامين من أجل السيطرة على المدينة.
عودة أهالي "حمص"
وفي مايو 2014، تدخلت الأمم المتحدة، لاجراء اتفاقية سلام، ولكن أقل من 20% من السكان فقط عادوا الى مناطقهم، بينما يعيش معظمهم في مخيمات اللاجئين في أماكن أخرى.
هل يمكن أن يتجدد الأمل؟
وعلى الرغم من أن هنالك الكثير من المدن التي تدمرت وهاجر أهلها، ولكن عادت تلك المدن من جديد الى الحياة مثل: بيروت وسراييفو ودرسدن، الا أنه من الصعب تخيل أن هذا الدمار سيتحول الى حياة من جديد، خصوصاً في ضوء تجدد القتال ومع احتمالية أن تصبح حمص ساحة معركة من جديد من أجل العاصمة "دمشق"