أخبار الآن | دمشق – سوريا – (سيف الدين محمد)

يعيش فلسطينيو سوريا هذه الأيام على وقع قرارات غريبة وغير واضحة المعالم من قبل النظام، إذ توجد سلسلة من قرارات غير مكتوبة لكنها تنفذ بحقهم، وكأنها عرف أو اتفاق بين الأجهزة الأمنية المختلفة، وكان آخر هذه القرارات هو منعهم من الرحلات الجوية الداخلية عن طريق مطار دمشق الدولي.

ممنوع من السفر ..

يجد الفلسطينيون السوريون اليوم أنفسهم مصنفين في خانة ناكري المعروف و"عض اليد" التي مُدت لعونهم، على اعتبار أن النظام الحاكم هو من ساواهم، من حيث الحقوق والواجبات، بالسوريين، ولهذا، يجب معاقبة من "خان الأمانة"، بنظرهم، وذلك بتضييق سبل حركتهم والحد من خياراتهم داخل البلد أو التفكير بالخروج منها.

بعد وقت من سلسلة الاعتقالات والاختفاء القسري للهاربين منهم، أي الفلسطينيين، عن طريق حماه- حلب وصولا لتركيا، قامت سلطات مطار دمشق الدولي بمنعهم دون مبرر سوى "خيانتهم" لسوريا الأسد التي فضّلت عليهم بحمايتهم. وقد بدأ هذا القرار، غير المكتوب، بالسريان.

الشاب "طارق. ر" لم يجد طريقة للخروج من سوريا إلا من مدينة القامشلي في شمال سوريا، لكن سلطات المطار أعادته بعد سلسلة من الشتائم والاعتداء اللفظي والجسدي. يقول: "لا يوجد خيار لدينا إلا بالخروج عن طريق معابر تركيا من القامشلي بعد "التشليح" الذي تقوم به لجان الدفاع الوطني خصوصا في حاجز مدينة "السّلمية"، حجزت على طيران أجنحة الشام، وهي لرامي مخلوف، وفي المطار تم إعادتي إلى دمشق دون معرفة السبب سوى أن سلطات المطار أبلغتني بأنه "حويناكم وطلعتوا خاينين".

ويبدو أن النظام قد لاحظ موجة الهجرة الفلسطينية من المطار، فصدرت أوامره بالمنع، وهو ما يترك التساؤل مفتوحا حول جدوى هذه القرارات طالما تمت شيطنة الفلسطينين السوريين ووضعوا في خانة "الخائنين" للنظام.

محاولات ناجحة ..

بعد حوادث الاختطاف والسلب التي تعرضت لها عائلات فلسطينية/ سوريا في طريق الهجرة البرية إلى تركيا، خرجت من طريق القامشلي مجموعة كبيرة من العائلات والشباب، ولم يخلُ الأمر من بعض الصعوبات.

"محمد سهلي" وعائلته سافروا إلى القامشلي ومن هناك وجدوا مهربًا أوصلهم إلى الحدود التركية: "لم يكن الخروج من مطار دمشق سهلا فقد إستجوبونا حول وجهة سفرنا ولماذا، وتم سؤالنا عن الهجرة إلى تركيا، وبعد وقت من التحقيق تركونا نستقل الطائرة ومن هناك واجهنا مافيات التهريب التي تركتنا ليلا في جو ماطر على الحدود التركية وهربوا".

محمد وعائلته اليوم في تركيا لإجراء مقابلة في سفارة السويد من أجل لمّ الشمل لوجود ابنه هناك: "الدخول إلى لبنان بات صعبا فلم نجد إلا طريق التهريب نغامر به". هاجر محمد بعد اعتقال أخيه وابن أخيه دون معرفة السبب أو معرفة الفرع الذي قام باعتقالهما.

أما السيد ياسر. ج الذي يعمل مدرّساً فقد اختار الهروب وحيدا على أن تلحق به عائلته لاحقا، وسلك طريق المطار سبيلا. يقول: "نواجه الموت من أجل خلق حياة جديدة. الوضع في دمشق لم يعد محتملا، ولا ندري ما هو مصيرنا بعد أن أصبحنا في نظر النظام خونة له بسبب وقوف معظم فلسطيني سوريا إلى جانب الثورة".

معارضون ومؤيدون ..

كما حال الشعب السوري، انقسم الفلسطينيون بين مؤيد ومعارض للنظام، والشواهد كثيرة بدءًا من تنظيم "القيادة العامة" الموالي للنظام والمشارك معه عسكريا إلى كتائب فلسطينية كعارضة حملت السلاح إلى جانب الثورة، فضلا عن الناشطين والمعتقلين الذين استشهد كثير منهم تحت التعذيب.

لكن النظام القائم لا يقبل بوجود سوري معارض له، فكيف الحال بالفلسطيني الذي يجب، كما يتصور، أن يضع فروض الطاعة والولاء للنظام الحامي لقضيته!

وثقت جهات مختلفة هجرة ما يقارب من 90 ألف فلسطيني/سوري من سوريا باتجاه بلدان مختلفة. ويبدو أن النظام لا يكترث بأي تبعات لتصرفاته، فمن يقوم بقتل شعبه الثائر عليه، لا يكون في حسبانه قتل كل من يعارضه على أرض سورية، وخارجها أحيانا. وما الذي يحدث في مخيم اليرموك جنوب العاصمة دمشق إلا دليل سافر على عنف النظام ووحشيته.

وإلى هذه اللحظة يبحث الفلسطينيون عن سبل الهروب من جحيم الحرب وقمع النظام، في إعادة لحكاية اللجوء المتكررة لديهم.

وللتنويه، فإن قرار مساواة الفلسطيني السوري بالمواطن السوري في الحقوق والواجبات هو قانون أقر في البرلمان عام 1956 فترة حكم الرئيس السابق "شكري القوتلي".