أخبار الآن | دمشق – سوريا – (آية الحسن)
ثلاثة عناوين كبيرة جداً ستلازمك وجوباً في كل دائرة حكومية رسمية في مناطق سيطرة النظام، يجب عليك أن تشتري هذه العناوين الثلاثة لتحصل على ختم أو توقيع يسير لك أمورك قانونياً.
تتفاوت تكلفة هذه العناوين الثلاثة حسب الدائرة الحكومية والمؤسسة الرسمية التي تذهب إليها: وزارة، نفوس، مؤسسة خدمات وغيرها، ولا تنتهي عند اسمها الكبير فقط بل تتعدى ذلك لتصبح تجارة رابحة للجهة المقصودة. فبين مئة وخمسين ليرة إلى ثلاثمئة ليرة سورية هي تكلفة قوات النظام الذين قضوا والمجهود الحربي الذي تقوم به وثمن إعادة الإعمار الذي سيتكفل به كل مراجع ومواطن لتلك المؤسسات الحكومية.
تحكي لنا (ريما) رحلتها مع الطوابع الثلاثة فعندما ذهبت إلى وزارة الثقافة لتصديق شهادتها، حيث استقبلها المستخدم والمسؤول عن شراء الطوابع والبصق عليها ولصقها على الطلب، وطلب ألفان وخمسمائة ليرة سورية لأجور الطوابع، فأجابته ببساطة "وهل يمكنك أن تخفضلها لي؟". رد عليها بعد أن رسم ابتسامة خادعة، "لا تسامحنيّ إذا ربحت منك أكثر من عشرين ليرة. لان أوراقك كثيرة والطوابع غالية جداً".
هنا لا يمكنك إلاّ أن تنصاع لتلك القوانين وتدفع ثمن طوابع تشعرك حينها بمصيبة أخرى أثقلت بها كاهل المواطن. يجني من ورائها النظام السوري الأموال لتمويل مشاريعه.
(وائل) طالب في جامعة دمشق قسم اللغة العربية رفض أن يدفع أجور الطوابع الحربية فقام اتحاد طلبة سوريا والذي يعرف بتشبيحه وسيطرته على الطلاب الجامعيين باعتقاله والتحقيق معه عن السبب. وأخرجوه بعد أن أملو عليه درساً في حب الوطن والمساهمة إلى جانب النظام في دفع تكلفة الحرب، مؤكدين له بأن ثمن الطوابع التي تسمى "طابع شهيد" تذهب كلها لإعانة أُسر الشهداء الذي ضحوا بأنفسهم لحمايته من المسلحين.
من يرفض أن يدفع ثمن الطوابع الثلاثة يعتبر خائنا للوطن، جملة فاشية يمليها عليك الموظف المسؤول عن لصق الطوابع في كل دائرة حكومية وكأن جوهر عمله يتمحور حول الدروس الأخلاقية التي يلقيها على مسامع من يستغرب أو يرفض شراء الطوابع، هذا عوضاً عن توقيف تسيير أمر المعاملة.
تجارة أخرى أضيفت إلى جعبة النظام السوري الذي لم يعد يفوت طريقة ليتباكى على حاله معتبرًا نفسه ضحية مؤامرة كونية يقودها العالم ضده. إلى أن أصبح اليوم يتاجر حتى بالشهداء مجبرًا المواطن الذي أكل النصيب الأكبر من الخيبة أن يدفع تلك التكلفة، في حرب جره إليها النظام .