أخبار الآن | سوريا – ريف دمشق (أحمد الدمشقي)

تعيش بلدة مضايا ظروفاً مأساوية في ظل حصار خانق فرض على البلدة منذ أشهر، رافقه قصف عنيف بالبراميل المتفجرة على البلدة التي تأوي عدداً كبيراً جداً من الأهالي والنازحين، وعلى الرغم من المساعي الحثيثة لعقد تهدئة لإنقاذ حياة آلاف المدنيين، إلا أن نظام بشار الأسد مستمر بسياسة التجويع والقصف مع أن المجلس المحلي في البلدة نفذ معظم الشروط التي وضعها النظام.

والتقت "أخبار الآن" بالسيد "أبو قيس المضاوي" مدير المكتب الإعلامي في البلدة، وعضو المجلس المحلي، وتحدث بإسهاب عن حال مضايا قائلاً إنه "وبعد سلسلة من الهدن والخروقات المتكررة من جانب قوات الأسد، تمثلت بالقنص، والقصف، والاعتقالات العشوائية، واختطاف النساء لدفع أزواجهن لتنفيذ عمليات اغتيال داخل البلدة، شهدت المنطقة حالة من الهدوء النسبي منذ نهاية العام 2013 وحتى ديسمبر 2014، الذي شهد إسقاط أول دفعة من البراميل المتفجرة على مضايا، وفرض حصار خانق على البلدة ومنع الناس من مغادرتها، واعتقال عدد كبير من الأهالي عن الحواجز التابعة للنظام".

ويقطن مضايا حوالي 18 ألف نسمة، بينهم خمسة آلاف مدني نزحوا من دمشق وريفها باتجاه البلدة، وكان هؤلاء النازحون هم السبب بخروج الجيش الحر إلى محيط البلدة لضمان أمنها، وسكانها، ومحاولة إعادة فتح الطرقات لإدخال الغذاء، لكن المعارك التي اندلعت مع قوات الأسد في الجبل الغربي، وشارك فيها ثوار مضايا والتي خسر فيها النظام عدداً من مواقعة بالإضافة إلى عدد كبير من جنوده وعتاده، دفعت النظام إلى الانتقام من أهالي البلدة بتصعيد القصف والقنص وإلقاء المزيد من البراميل.

يقول عضو المجلس المحلي: "بعد مشاركة أبناء وثوار مضايا في المعارك ضد قوات النظام، فرض الأخير عدداً من الشروط للتهدئة، أبرزها (طلاء المحلات التجارية بعلم النظام، والسماح للقنوات التابعة له بالدخول إلى البلدة والتصوير فيها، وانسحاب الثوار بشكل نهائي بعيداً عن البلدة، وتشكيل قوة من اللجان الشعبية)، وهو ما حقق معظمه، فتم طلاء واجهات المحال بعلم النظام ورفع العلم على مخفر البلدة، وخرج الثوار من مضايا، لكن قنوات التلفزيون لم تدخل إلا بعض أحياء البلدة لتذرعها بعدم خروج المسلحين بشكل كامل".

وأوضح ابو قيس أن هناك بندا واحدا لن يتم تحقيقه أو الموافقة عليه، وهو تشكيل لجان تشبيحية تحتل البلدة، حيث رفض المجلس المحلي ذلك، واقترح تشكيل لجان داخلية لمتابعة الأسعار والخدمات في البلدة، ومع ذلك لم يوقف النظام إلى اليوم عن إلقاء البراميل، ولم يفتح الطرقات، ولم يتم التوقيع على أي هدنة.

وقال أبو قيس إن "حملة القصف الجوي بالبراميل على البلدة، خلفت عشرات الشهداء بينهم أطفال، فيما نزح حوالي 7000 من الأهالي والنازحين من البلدة إلى مناطق أخرى"، واعتبر أبو قيس في سياق حديثه أن هدف النظام البعيد المدى من وراء حصار البلدة وتجويعها وقتل أهلها بالبراميل والقصف والقنص، ما هو إلا إنشاء قوة للدفاع الوطني الموالية للنظام في البلدة، وهو إن تم، سيعني انتهاء الثورة في البلدة واحتلال مضايا.

وأشار إلى أن النظام جند لهذه الغاية عدداً من عملائه كالمدعو أبو رائد ليلى الذي جمع عدداً من الشباب من ذوي السمعة السيئة وتجار المخدرات لتشكيل الدفاع الوطني في البلدة، وهم الآن يساهمون مع قوات الأسد في حصار البلدة، منوهاً إلى أن الحصار دفع بالناس للتوجه إلى مخزونها الشتوي أو ما يعرف ب "المونه"، حيث من المعروف أن سكان المناطق الجبلية كمضايا يقومون بتموين بعض الأطعمة للشتاء، بالإضافة إلى قيام المجلس المحلي بتوزيع كميات من الطحين والمواد الغذائية التي قام بتخزينها من باب الحيطة، وهنالك عدد ممن سماهم أبو قيس بالشبيحة في البلدة يتعاملون مع الحواجز المنتشرة على أطرافها، ويقومون بإدخال بعض المواد الغذائية وبيعها بأسعار خيالية، الأمر الذي سبب حالة من السخط بين أهالي البلدة مشيراً إلى أنه لا يمكن المساس بهؤلاء خوفاً من انتقام النظام.

وروى أبو قيس بعض القصص للدلالة على الأساليب التي يتبعها النظام بالتعامل مع أهالي البلدة كقيامه باختطاف والدة وزوجة أحد العاملين مع قائد المجلس العسكري في البلدة، وتهديده بذبحهم ما لم يقم بزرع العبوة الناسفة التي سلموه إياها وهو ما تم بالفعل حيث انفجرت العبوة الناسفة بسيارة القائد العسكري وأودت بحياته.

وتقع مضايا في ريف دمشق الغربي، بالقرب من مدينة الزبداني، وفيها سوق شهير لدى أهالي دمشق وريفها وهي من المناطق السياحية الأكثر زيارة في ريف دمشق، وهي من المناطق المرتفعة عن سطح البحر والباردة جداً في فصل الشتاء وهو ما يقوم النظام باستعماله للضغط على الأهالي والثوار، فالتهديد مضاعف إما الموت برداً أو الموت جوعاً، وهو ما ينعكس سلباً على المدنيين بالدرجة الأولى، وتتهم البلدة بتزويد الزبداني بالمؤن والإمدادات مما يجعلها عرضة لنيران النظام الدائمة التي تستهدف الزبداني، خاصة في هذه الأيام التي خسر فيها النظام الكثير من جنوده ومواقعة في هذه المنطقة.