أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا – (جواد العربيني)
سجادةٌ، وثلاثُ فرشات، وأربعة أغطية, هو جميع ما تملكه "أم محمد" وأولادها الأربعة داخل منزل نزحوا إليه لا يحوي أية تجهيزات سكنية فلا صنابير ماء، لا طلاء جدران، لا نوافذ، لا أبواب, حيث أصبح الهواء والبرد شريكاً أساسياً لهذه العائلة, التي قَنعت ببساطة العيش ورضيت بأقل سبل الحياة, تلك القناعة لم تشفع للعائلة بالحصول على باب ونافذة يشعرهم بأنهم يعيشون حقا داخل منزل وليس في الشارع.
تتحدث "أم محمد" لـ"أخبار الآن"، وفي عينيها لمعة حزن تحكي سنتين من المعاناة، وتقول: "قبل سنتين كنا نقيم داخل ملجأ في حي جوبر الى أن تعرض هذا الملجأ للقصف، وبينما كنا نحاول الانتقال الى ملجأ اخر تعرض زوجي لإصابة في ظهره، ومع اشتداد قصف النظام نقلنا الجيش الحر الى مدينة عين ترما، حيث تعرضت هناك للإصابة ليأتيني خبر بعد أسبوع من الإصابة بوفاة زوجي.
وتضيف: "لم نجد وأطفالي الأربعة، سوى هذا البيت مكانا يأوينا، حيث كان وقتها الجيش الحر يرسل لنا الطعام قبل اشتداد الحصار وانقطاع تلك الوجبات, ابنتي ياسمين تبلغ من العمر أربعة عشر عاماً زوجتُها لتخفيف معاناتنا، وابني محمد البالغ من العمر 16 عاما لا يستطيع النطق حاله كحال أخوه الصغير حسام البالغ من العمر 6 سنوات، أما محمود الذي يبلغ عمره 14 عاماً فيقوم بالعمل في مقطرة بلاستيك، وكل مايجنيه نأكل فيه, مر علينا هذا الشتاء بأنواع مختلفة من الموت حتى وصلنا لمرحلة البكاء من البرد، نحن نصبر على الجوع لكن أقصى ما نتمناه هو تركيب باب ونافذة تقينا الهواء البارد".
قلة الطعام تبدو واضحة على أجساد أم محمد وأولادها، حيث يجني محمود كل يوم مبلغ 300 ليرة سورية توفر لهم نصف كيلو من طحين الشعير، بينما تقوم ام محمد بحمل وعاء وتبحث بين المنازل والشوارع عن كمية قليلة من الطعام، فوجبة واحدة في اليوم تبدو بنظرهم كافية، وستجعلهم بمنتهى السرور كونهم تمكنوا من الحصول عليها.
أرملة بائع الترمس الذي كان ينظف شوارع حي جوبر أيام الأعياد، والذي كان الجميع يحبه ويعطف عليه ببعض اللحم والحلويات، لم تتمكن من جلب اللحم لأولادها منذ قتل زوجها قبل سنتين، بل يتعدى الامر إلى أبعد من ذلك، فحتى كأس الشاي الذي كان شراب الفقراء لم يدخل إلى منزل أم محمد منذ نصف عام.
المنزل غير الصالح للعيش، وتعرض العائلة لبرد شتاء كامل، جعل من المرض هو الآخر شريكاً للعائلة إذ تعاني العائلة بأكملها من أمراض مختلفة، منها "نقص التغذية والزكام وضعف الحركة"، وهناك أمراض تجهل العائلة بها لعدم زيارتهم لطبيب منذ عام كامل، إذ إنهم لا يملكون المال لدفع مصاريف المعاينة لدى الطبيب.