أخبار الآن | عمان – الأردن – (مالك أبو خير)

تساقط الشعر من رأسي وظن الجميع أن نهايتي اقتربت، وأنني لن اصعد المسرح مع الممثل جلال الطويل وارقص كالفراشة الى جانبه، لكنني تغلبت على جرعات الكيماوي وهزمتها وهزمت ذلك الذي احتل جسدي وكان لقبي بين الجميع "بالفتاة المعجزة" وعاد شعري للظهور من جديد.

وقفت امام كاميرات الصحفيين اتحدث عن دوري في المسرحية وعن دور البطولة الذي قمت به بجدارة، كان كبار الممثلين السوريين كـ يارا صبري وفارس الحلو ومازن الناطور وعبد الحكيم قطيفان وغيرهم يحضرون عرضي وصفقوا لي، وهناك من بكى لانني مع زملائي استطعنا ان نؤثر فيهم، لكنهم لم يلاحظوا أنني نفس الفتاة التي خرجت لتوها من صراع مع ذلك المرض.

"طلعنا على الضو" كان اسم المسرحية، جميع من معي خرجوا الى الاضواء، وانا في داخلي تمنيت ان يخرج هذا المرض من جسدي وارقص من جديد دون خوف ان يأخذني الى القبر، واكثر ما سرني في هذا العرض انه ريعه قد عاد الى اغلب الاطفال السوريين الذين يعانون مما أعاني، فكثير منهم يموت وجعاً دون ان يتناول جرعة واحدة او حبة دواء تخفف عنهم ألمه، وانا استطعت ان اؤمن لهم ولي ثمن بقائهم دون الم فترة طويلة.

البعض يقول عني مغرورة، فانا الجميلة التي يتغزل الجميع بجمالها، وقوتها وقدرتها على ان تقود كل الاطفال الذين حولها وان تجتاز اي صعاب تواجهها، حتى هذا المرض كنت اقوى منه وغلبته في كل الجولات التي تصارعنا بها، وكان اخرها انني فقدت شعري وبتصميم وايمان وابتسامة دائمة عاد من جديد وعدت مجدداً اقف أمام المرآة واسرحه من جديد.

لم اكتف بذلك كنت اصغر عضو في فريق ملهم التطوعي السوري الذي يعمل على اغاثة السوريين، وطبعا أنا الاجمل بينهم جميعاً والمدللة من قبل جميع اعضاء الفريق، جميعهم يريدون سعادتي وبنفس الوقت كنت ابحث معهم عن اي عمل يساعد من هم مثلي ومن هم في مخيمات اللجوء في الاردن، واحياناً ارافقهم بجولاتهم وكأنني عضو اساسي اقوم بتوزيع المساعدات وفي بعض الاحيان انسى نفسي واعود لطفولتي واذهب للعب بين الاطفال لحين ينتهون من عملهم.

توقعت ان يكون قد رحل من جسدي، فبعد عامين من العلاج وشعوري بالانتصار عليه عاد من جديد، وبشكل اقوى من قبل وكأنه مصر على أن يأخذني مع باقي الذين رحلو، وكأن هذا الموت كتب علينا نحن السوريين دون غيرنا، وان لم نمت بالقذائف والصواريخ يقدم لنا اشكالاً مختلفة قد لاتقل وجعاً كهذا الذي في جسدي، ومع الحمد لله طبعاً على كل شيء، لكنني لم أتوقع أن يكون شرساً هذه المرة، فقد اعادني إلى المستشفى من جديد وبقي مصراً الى أن حرمني الوقوف أمام المرأة وسقط شعري من جديد، وعادت الجرعات هي الاخرى للسريان في جسدي.

لا أنكر ان جسدي بات نحيلاً ولم اعد كما كنت من قبل، ولا أنكر أيضاً أنه الجرعات باتت تأكل جمال وجهي الذي كنت اتباهى به امام الجميع، لكنه لم يقتل الاصرار في داخلي على البقاء والعيش.

أحياناً اشبه ما يحدث معي تماماً كما يحدث في سورية، كلما حاولت التخلص من موت، يأتيها موت جديد وبطريقة اقوى لكن ما يجعلني صامدةً أنني سورية لا أموت.

لا اعلم اذا كانت هذه الكلمات الاخيرة لي، لكن املي بالحياة ما زال قوياً وساكمل هذا العام 13 من عمري، فهو قوي بوجود اصدقائي من فريق ملهم الى جانبي وكم بكيت حينما حلقوا رؤوسهم جميعاً تضامناً معي وضحكت أيضاً فهم الابتسامة التي بقيت لي في هذه الحياة.

لكنني اعدكم جميعاً بأنني لن اسمح له بأخذي بعيداً … فأنا سأكون اقوى منه.

التوقيع : رزان خواجا … طفلة مصابة بمرض السرطان.

بإمكانكم إعادة البسمة إليها: 
ارقام فريق ملهم

00962795501305
00962789793355
Paypal: molham.team@gmail.com