أخبار الآن | حماة – سوريا – (مكسيم الحاج)
منذ اندلاع الثورة السورية في منتصف شهر مارس من 2011، لم تستثن قوات النظام شيئاً إلا ووظفته بهدف قمع الثورة؛ فمن المدنيين مروراً بالمنازل والمرافق العامة، وصولاً إلى الأماكن الأثرية، وخاصة بما تعرف به سوريا بمهد الحضارات.
ومن تلك المعالم الأثرية "قلعة حماة الأثرية" التي تقع بين حيي المدينة والمغيلة بحماة، والتي يعود تاريخ بنائها لمئات السنين على يد أبي الفداء الذي سمّيت هذه المدينة كناية باسمه, والتي تعد من أبرز المواقع الأثرية في المدينة مع ما اشتهرت به حماة بنواعيرها القديمة.
حول النظام تلك القلعة إلى أكبر معاقله في حماة في اقتحام النظام الثاني للمدينة في شهر 9-2011، وجعلها مكاناً يحتوي عشرات الدبابات، ومئات الجنود ومدافع الهاون وعشرات الحواجز على محيط هذه القلعة.
يقول يوسف اليوسف – ناشط إعلامي بحماة- إن النظام استعمر هذه القلعة لموقعها الاستراتيجي الهام في حماة، حيث أنها تقع في وسط المدينة تقريباً, علاوة على ذلك لإطلالها على أحياء حماة بالكامل، مما يفيد بعمليات القنص، ومراقبة شوارع المدينة، وتحركات الأهالي، وكذلك القصف بالهاون والدبابات على الأحياء من تلك المنطقة، كما حدث أثناء سيطرة الثوار على حي طريق حلب بحماة، حيث قصفت دبابات وحواجز هذه القلعة حي طريق حلب عند إعلان دخول الجيش الحر لهذا الحي، مما سبب القصف من هذه المنطقة المرتفعة والمطلّة على الحي دماراً كبيراً حوّل الحي إلى بقايا منازل.
ويشير اليوسف إلى أن القناصة المتمركزين على القلعة يستهدفون التحركات في شوارع المدينة والذي دفع ثمن هذا الأمر أهالي وأطفال حي باب قبلي والشير والمغيلة، حيث سقط منهم العشرات جراء ذلك في أيام سابقة.
وفي سياق متصل، أفاد محمد العمر –ناشط ميداني بحماة- بأن النظام منع الأهالي منذ استعمر القلعة من التنزّه او الاقتراب منها، وقد حوّل ساحة قلعة حماة الأثرية إلى ملهى ليلي لجنوده، وتم توثيق ذلك لدى الناشطين اثناء مراقبة العناصر الذين كانوا يجلبون بعض النساء في ساعات الليل المتأخرة بسيارات خاصة بالجيش تصعد إلى القلعة في كل يوم إلى هذه اللحظة.
وأكّد العمر ان النظام يحشد قوة عسكرية كبيرة مجهزة في القلعة رداً على أي محاولة للجيش الحر في اقتحام المدينة، كما أنها تحوي رتباً عسكرية كبيرة أيضاً.
وفي جولة لـ"أخبار الآن" في أحياء حماة المجاورة للقلعة، قال أبو محمد – اب لعائلة في حماة- أن منزله يقع أمام قلعة حماة مباشرة ويطل عليه عناصر القلعة مما جعل هذا الأمر معاناة يومية، حيث كان منزله محطّ استهداف لقناصة القلعة، ومكاناً لتسليتهم ليل نهار، حيث كانوا يقنصون نوافذ المنزل بشكل دائم وتكسير للزجاج دون سبب يذكر، وإنما بداعي إبراز العضلات على الشعب الأعزل.
وأكمل أبو محمد أن طفله الصغير ذو الاعوام الخمسة أصيب برصاصة قناص في قدمه لمجرد خروجه إلى شرفة المنزل كي يحصل على لعبة كانت هناك منذ عام ونصف، فأصابته رصاصة القناص بشكل مباشر, وأضاف أنهم لا يستطيعون فتح نوافذهم أبداً بسبب القناصة وبسبب تلصص العناصر على نساءه بمناظير القناصة، علاوة على استهدافهم لأي ضوء قد يرونه أمامهم مما يجعل عائلة أبو سعد تعيش في سجن يطبق عليهم من نوافذ وأبواب ولا يستطيعون الخروج من منزلهم بعد الساعة الرابعة مساء.
وختم أبو محمد معاناته، قائلاً "إن هذه القصص من المعاناة يتعرض لها المئات من سكان هذه الأحياء، فالقلعة كانت لدى الأهالي متنزه ونعمة، ولكن النظام حولّها لثكنة عسكرية ونقمة على حماه وساكنيها.