أخبار الآن | تقرير عسكري – (راني جابر)

خلال ذروة الحرب الباردة، ظهر سلاح سوفيتي جديد سمّي "أصابع الموت الثلاثة"، تلك كانت تسمية بطاريات سام 6 ذات عربة إطلاق الصواريخ المجنزرة التي تحمل ثلاثة صواريخ، والتي سيطر الثوار على محطة إطلاق صواريخ تابعة لها عند دخولهم للواء 82 في درعا.

يستخدم سام 6 للدفاع الجوي على الارتفاعات المنخفضة، ويعتبر من الأنواع ذاتية الحركة، حيث ركبت كامل مكونات المنظومة على عربات مجنزرة .

وتستطيع هذه الصواريخ الاشتباك مع أهداف بارتفاع حتى 15 كم ولمدى 22 كم (عملياً يستخدم حتى ارتفاع 11 كم فقط) وأقل ارتفاع لهدف يستطيع الاشتباك معه يبلغ ثمانين متراً، وهو قادر على الاشتباك مع الأهداف ذات المناورة العالية بحكم سرعة الصاروخ الكبيرة التي تصل حتى 2.8 ماخ.

الصاروخ

تحمل كل عربة ثلاثة صواريخ، تعمل بمحرك وقود صلب على مرحلتين، توجه عن طريق موجات الراديو في المرحلة الأولى من إطلاق الصاروخ، ثم ينتقل التوجيه لتوجيه راداري نصف فعال، حيث يحتوي رأس الصاروخ على مستقبل راداري يستقبل إشارة الرادار المنعكسة عن الطائرة الهدف، ويصدر هذه الإشارة رادار توجيه المقذوفات المرافق لعربة قيادة النيران، ويحمل الصاروخ رأساً شديد الانفجار كثير الشظايا يزن 56 كغ، ويمتلك صاعقين أحدهما طرقي والأخر تقاربي .

مكونات البطارية

تتكون البطارية بشكل رئيس من مكونين أساسيين، هي عربة رادار قيادة النيران، وعربة إلى أربعة عربات إطلاق صواريخ، ويمكن إضافة لرادار قيادة النيران الأساسي أن ترتبط البطارية برادار استطلاع بعيد المدى يؤمن مدى كشف يصل إلى 250 كم.

غالباً ما تتكون البطارية من أربعة منصات إطلاق صواريخ ومحطة رادار تحكم بالنيران وأربعة عربات محملة بالصواريخ للتعمير وعربات صيانة وخدمة.

تستطيع البطارية توجيه ثلاثة صواريخ دفعة واحدة نحو الهدف، حيث تطلق بتسلسل زمني محدد لرفع احتمال تدمير الهدف، وتوصل قاعدة إطلاق الصواريخ بالرادار إما بوصلة سلكية طولها عشرة أمتار أو بوصلة راديوية، حيث تنشر البطارية وتصبح جاهزة للعمل خلال خمسة دقائق، ويستغرق إعادة تعمير قاعدة الإطلاق بصواريخها الثلاثة قرابة عشر دقائق.

تحتوي عربة رادار قيادة النيران على رادارين فوق بعضهما البعض، يستطيعان الدوران بشكل مستقل عن بعضهما، السفلي رادار الكشف، والعلوي هو رادار توجيه الصواريخ، ويعمل رادار الكشف لمدى يصل حتى 75 كم، حسب حجم الهدف وطبيعة الظروف الجوية.

إضافة لذلك، تحتوي عربة رادار قيادة النيران على كاميرا يمكن من خلالها توجيه الصواريخ يدوياً خلال النهار لمدى يصل حتى 25 كم، وتستخدم في ظروف التشويش أو الخشية من الصواريخ المضادة للرادارات.

أحد أهم عيوب هذا الرادار هو عدم قدرته على اكتشاف الأهداف المرتفعة أعلى من مدى كشفه، ما يجعله بحاجة دائمة لتلقي المعلومات من رادارات الإنذار المبكر التي تكشف الطائرات على ارتفاعات عالية ومدى كبير.

عيب أخر في هذه النوعية من الصواريخ هي القدرة على الاشتباك مع هدف واحد فقط، ووجود زمن للاستجابة عند الانتقال لأهداف أخرى وبالأخص فاصل الزمن اللازم لإعادة تعمير الصواريخ على قواعدها.

خلال فترة انتاجه التي توقفت أواسط الثمانيات، صنع منه حوالي 500 قاعدة إطلاق وحوالي 10000 صاروخ، لتظهر بعدها أنواع مبنية على أساسه .

تاريخ خدمة هذه الصواريخ لدى النظام

 دخل الخدمة في سوريا أول مرة عام 1973، وحصل النظام على عدة دفعات منه أعوام 1974 – 1978 -1981 من (النسخة التصديرية) ويعتقد أنه يمتلك حوالي 27 بطارية ( حوالي 190 عربة ).

قبل الثورة كان هناك حوالي خمسين موقعاً تحتوي سام 6 في سوريا تغطي المنطقة الجنوبية والوسطى، وقسماً بسيطاً من المنطقة الشرقية أخلى النظام قسما منها و خسر قسماً خلال معاركه مع الجيش الحر.

استخدمت هذه الصواريخ في الجبهتين السورية والمصرية خلال حرب 1973، وكانت ميزتها الأساسية أن إسرائيل لم تكن تمتلك خبرة بالتعامل معها أو تفاصيلها التقنية فسقطت حوالي 64 طائرة بواسطة 95 صاروخ سام 6- كفادرات.

لكن بعد حرب 1973 طورت اسرائيل قدراتها وتقنياتها المضادة للصواريخ المضادة للطائرات، بعد الخسائر التي سببتها لها هذه النوعية من الصواريخ، لتدمر عدداً من البطاريات خلال واحدة من أضخم المعارك الجوية بعد الحرب العالمية الثانية في لبنان 1982، بعد أن أدخل النظام هذه الصواريخ التي كان قد استخدمها قبل تسع سنوات إلى البقاع لتتعرض عدة بطاريات منها للتدمير، ويعزى تدمير قسم كبير من بطاريات الدفاع الجوي السوري في لبنان إلى تثبيت هذه البطاريات في مواقع ثابتة لفترات طويلة وأنطبق الأمر أيضاً على هذه النوعية التي يفترض بها أن تعمل من مواقع متغيرة بحكم كونها منظومة محمولة بالكامل، لكن نظام الأسد لم يكترث لذلك وثبت البطاريات لفترات طويلة في مواقع مكشوفة ما أدى لاحقاً لتدميرها، إضافة لعدم تواجد أوامر بإطلاق النار بشكل ذاتي (أمر الاطلاق مركزي).

وخلال الحرب الحالية في سوريا، تعرضت ألوية الدفاع الجوي الصاروخي للإهمال الشديد من النظام، لانعدام دورها في قمع الثورة، وعدم استخدامها في المعارك، ما قلص عدد الأفراد الذين يرسلون لهذه الوحدات وتوقف الكثير من مكوناتها عن العمل.

هذه ليست المرة الأولى التي يسيطر فيها الجيش الحر على هذه النوعية من الصواريخ، بل سيطر على شحنة منها في شهر أيلول 2012 في حران العواميد شرقي دمشق، مكونة من ثمانية صواريخ محملة على شاحنتين بدون قاعدة الإطلاق.

وبالنسبة لإمكانية استخدام هذه المحطة، فهي محددة بعاملين الأول جاهزية المحطة للعمل، والثاني هو وجود رادار قيادة النيران والذي لا يبدو أن الجيش الحر عثر عليه.

فهناك احتمال كبير أن عناصر النظام قد خربوا المحطة قبل انسحابهم، لأنها ليست المرة الأولى التي ينسحبون فيها بعد تخريب العتاد المهم، فيكفي إزالة إحدى الوصلات أو أحد (الركات) لتصبح المحطة غير قابلة للعمل.

وبالنسبة للطاقم البشري، فلا يوجد نقص فيه، لأنه يوجد الكثير من الضباط وصف الضباط المدربين على استخدام هذه الصواريخ.