سلسة قرارات أصدرها تنظيم داعش في المناطق الخاضعة لسيطرته في سوريا أدت إلى إيقاف العملية التعليمية بشكل كامل في المناطق الممتدة من ريف حلب الشمالي إلى أقصى شرق سوريا في دير الزور وريفها، وكان التنظيم سيطر على كل مفاصل الحياة في هذه المناطق وسيطر على الحياة الخدمية والإغاثية والطبية ، وجميعها تأثرت بشكل سلبي وإنعكست مزيدا من المعاناة على الأهالي في هذه المناطق.
منذ بداية سيطرة داعش على المنطقة في دير الزور وريفها عمل التنظيم على إيقاف المدارس والمدرسين بكل تدريجي وحجج متنوعة، وأعاق بشكل مستمر ومتعمد التعليم في المحافظة ومنع الفتيات من الإلتحاق بالمدارس وفرض العديد من القيود والشروط القاسية ومنع المعلمين من الذهاب إلى مناطق النظام لإستلام رواتبهم بل إتهمهم بالخيانة والعمالة للنظام، وكان النظام أيضا فرضا قيدوا قاسية على تسليم الرواتب وذلك بحضور المدرس وعدم تسليم الرواتب للمعتمديين الماليين وعمل بحزم على حصرها في مركز المدينة وبحضور الشخص نفسه مما أدى إلى الكثير من حوادث الاعتقال أثناء توجه المدرسين لقبض رواتبهم، ومن نجى من إعتقال النظام كان له تنظيم داعش بالمرصاد والعقاب.
قيود وشروط قاسية فرضها النظام لإستلام رواتب المعلم وقرارات داعشية بهدف إيقاف العملية التعلمية كليا وتشديد أمني وعسكري من التنظيم وقرارات بإغلاق المدارس ورفض مناهج التعليم في مناطق داعش جميعها عوامل أصابت العملية التعلمية بشلل كامل.
منسقو حملة دير الزور تحت النار ذكروا لأخبار الأن أن التنظيم أصدر قرارا يقضي بإغلاق كافة المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية إلى حين استكمال التنظيم للإجراءات التي يعمل عليها والمتمثلة بالانتهاء من تحضيرالمناهج والعمل على تخريج المدرسين المعلنين لتوبتهم أمام التنظيم بعد إخضاعهم لمعسكرات ودورات شرعية.
وتزداد مخاوف الأهالي والمعلمين في هذه المناطق بشأن المناهج التي يعتمد التنظيم فرضها على المدارس والطلاب في كافة المراحل الدراسية، وكان داعش ألغى مجموعة من المواد كالتاريخ والجغرافية والثقافة القومية والموسيقا والرسم والتربية الإسلامية واعتبارها مواد كفرية يحرم تدريسها.
ولم يكتف داعش بذلك بحسب بل أصدر قرارات جديدة تزيد من معاناة الطلبة حيث أصدر التنظيم قرار يقض بمنع أي طالب من الخروج من مناطق سيطرته والإلتحاق بالمدارس في مناطق خاضعة لسيطرة النظام كي لا يسخر الطالب مستقبله ومنعهم من تقديم حتى الإمتحانات الفصلية والتي باتت قريبة جدا وأصدر قرار ثاني منع من خلاله النساء تحت سن الخمسين الخروج من مناطق سيطرته إلى تركيا أو إلى مناطق سيطرة النظام، القرار الأخير شكل صدمة للأهالي خصوصا في الرقة حيث خرج عدد من الأهالي بمظاهرتين تنددان بالقرار وطالب المتظاهرون داعش بإلغاء القرار.
قرارات يصدرها تنظيم داعش وتزيد من معاناة الأهالي وتزيد من معاناة الطلاب والمعلمين وحتى طلاب الجامعات لم يسلموا من قرارات داعش التعسفية والتي باتت قرارته تهدد مستقبل جيل كامل في هذه المناطق، حيث منعت التنظيم طلاب الجامعات من الإلتحاق بجامعاتهم ومتابعة دراستهم، وبحسب زيد الفراتي أحد منسقي حملة دير الزر تحت النار فإن التنظيم قام في البداية في منع طلاب السنة الأولى من الدخول إلى مناطق النظام لإستكمال إجراءات تسجيلهم في الكليات والمعاهد، وعمم القرار لاحقا ليصبح منع كافة طلاب الجامعات من حقهم التعليمي ومتابعة دراستهم والإلتحاق بجامعاتهم ومعاهدهم، وقد تعرض الكثير من الطلاب الذين حاولوا تجاهل هذه القرارات إلى مضايقات كثيرة وخصوصا على حواجز التنظيم المنتشرة على مداخل مدينة دير الزور حيث وجه عناصر داعش إليهم عدة تهم، منها ما يرويه لنا أسامة الأحمد وهو اسم مستعار لأحد الطلاب من أبناء المحافظة حيث يقول: "أوقفونا على أحد الحواجز التابعة لهم وطلبوا الهويات البطاقات المدنية وسألني أحدهم إلى أين أذهب فوجدت نفسي أجيب بتلقائية أنا طالب فانهال علي العنصر بالشتائم والتهم قائلا أنتم عملاء للنظام تقومون بتزويد النظام بمعلومات وبيانات عن التنظيم، ولكننا حين ندخل مناطق النظام نجد أنفسنا أمام نفس الاتهامات من قبل عناصر النظام العسكريين والأمنيين ".
"نورهان" إحدى منسقات حملة دير الزور تحت النار تقول إن التنظيم يهدف من خلال هذه الإجراءات إلى استقطاب جيل الشباب إلى مراكزه الشرعية ومعسكراته القتالية لضمهم فيما بعد الى صفوف المقاتلين، وقد لوحظ في الفترة الأخيرة أن الطرف الرابح في إيقاف عمل المدارس هو التنظيم فقط، فقد لوحظ في المناطق التي تتوقف فيها المدارس وخصوصا الإعدادية والثانوية والجامعات أيضا لوحظ توجه عدد من المنقطعين عن الدراسة إلى الانتساب لتنظيم داعش إما طوعا لأسباب تتعلق بالحالة المادية أو الأمنية، أو بالإجبار من قبل التنظيم من خلال ممارسة نوعين من الإقناع: الدروس الدينية الموجهة التي يقيمها التنظيم في مناطق سيطرته، والمنشورات التي تستهدف الشباب دون غيرهم بأفكار وجمل حماسية ".