ضربت العاصفة الثلجية مخيمات النازحين السوريين على الحدود السورية مع تركيا ما أدى الى تدهم عدد من الخيم. وفي سبيل الحصول على التدفئة قام النازحون بإحراق كل ما توفر من ثياب واحذية واغصان اشجار الزيتون. مراسلنا مصطفى جمعة زار عددا من مخيمات النازحين ووافانا بالتقرير التالي.
يترائى لك مشهد الثلوج وقد غطت أسقف الخيام بالكامل في مخيمات الحدود مع تركيا, و كأنما الثلج قد تسلل إلى داخل الخيام, فما حال من قضى ليلتين متتاليتين والريح المصحوبة بالثلج تعصف في أروقة خيمته.
تقول أم حامد النازحة السورية: "لقد متنا من البرد, كل الليل الأطفال يبكون, لا غطاء ولا محروقات, ليلة كانت صعيبة". ويضيف أبو علي النازح السوري: "برد شديد, لم ننم طيلة الليلة الماضية, والأطفال نغطيهم بثيابنا, الثلوج حاصرتنا, إنظر للناس كيف تقص الأشجار مقابل الدفئ".
ستة وثلاثون ساعة من سقوط الثلوج على هذه المخيمات دون توقف, زادت من معاناة النازحين الذين لم يجدوا للدفئ سبيلا, بإستثناء من أضطر لقطع أشجار الزيتون خشية الموت برداً, فنادراً ما تجد خيمة سلمت من العاصفتين هدى وزينة, اللتان مزقتا وأغرقتا, وإجتثتا بعض الخيام من جذورها.
من جانبه يقول بدر النازح السوري:" العوازل تساقطت, الخيام تتهدم, وطول الليل نقوم بنقل المياه, وهنالك خيام مزقت, حالتنا كانت مزرية جداً". الكثير من النازحين هنا في تجمع مخيمات الكرامة, إتخذوا تدابير وقائية للتحصن من العاصفة, لكن أفكارهم وخواطرهم, ذهبت للبنان والأردن, للوقوف على ما حل بالسوريين هناك. لنتابع كيف تابع السوريون ما جرى في لبنان والأردن.
وبما أن البقاء داخل الخيمة كان أمراً محتماً عند تساقط الثلوج, راح النازحون يتابعون ما حل بالمخيمات الأخرى في البلاد المجاورة عبر التلفاز وصفحات الفيسبوك. يقول أبو عزام النازح السوري: "في لبنان والأردن, نتتبع أخبارهم, قلوبنا ومشاعرنا معهم, لقد مات منهم, نحن من هنا نتأثر عليهم على هذه المأساة". ويضيف عاطف النازح السوري: "العاصفة كانت هنا أخف قليلاً, بلبنان والأردن إخواننا يموتون من الثلج والصقيع".
وما إن توقف تساقط الثلوج حتى خرج الأطفال ليلعبوا في سفوح هذا الجبل الذي يتاخم الشريط الحدودي مع تركيا, إذ أنهم لم يجدوا ما يستحق البقاء في الخيمة في هذا البرد القارس.
يقول عبد الوهاب وهو طفل سوري: "لا فرق بين الخيمة والخارج, هناك برد قارس وهنا أيضاً, ولا يوجد ألعاب سوى اللعب بالثلج". ثلوج ورياح و أمطار, وعواصف شتى تضربهم أينما حطوا الرحال, ولكن ما يرجوه هؤلاء إنتهاء عاصفة الحرب, التي كانت و لا زالت سبباً رئيساً في تهجيرهم من ديارهم.