أخبار الآن | عين العرب – سوريا – (خاص)

بعد ثلاثة أشهر من المعارك المتواصلة بين افراد داعش ومقاتلي مدينة عين العرب كوباني .. يعاني ما تبقى من سكان المدينة أوضاعا معيشية مأساوية وسط نداءات متكررة بفتح ممر إنساني مع تركيا .. التقرير الحصري التالي يسبر واقع أهالي عين العرب كوباني .

على بعد أمتار من جبهات القتال في مدينة عين العرب – كوباني- يلعب هؤلاء الأطفال لعبة الاختباء من القذائف العشوائية التي تتساقط على ملاعبهم.  
لم توقفهم صور الدمار والحصار وقذائف الهاون المتساقطة حولهم من خوض تجربة الطفولة. يتجمهرون أمام عدستنا، جالبين معهم ألعاباً كانت آخر شيء انقذوه من طفولتهم المسروقة.
يقفون في صمت أمام العدسة، رافعين شارات النصر، لعل صمتهم ينقل حقيقة معاناتهم. يبتسمون متفائلين أن ينتصر أقاربهم على التنظيم الذي سرق طفولتهم وجعلهم نازحين داخل مدينتهم.
لم تعد القذائف التي تتساقط على مدار الساعة تخيفهم يقول ديار إبراهيم:
" هناك، سقطت قذيفة هاون قبل قليل. فأسرعنا للاختباء داخل المنزل. هذا كل ما فعلناه". 
هيفا، أم لخمسة أطفال تقول بأن المقاتلون  يشاركون معهم  الطعام والشراب المخصص للمقاتلين. إلا إن الأطفال يحتاجون الى ما هو أكثر من الطعام والشراب. 
هيفا " انظروا، ليس لدينا ملابس ولا أحذية ولا أدوية، نقي  بها أطفالنا من برد الشتاء. كما ترون هم يمشون شبه عراة". 

بعد أن سيطر تنظيم داعش على قريته في ريف كوباني التجأ محمود مسلم إلى منطقة الألغام على الحدود التركية. مسلم الذي يفتقد قدميه منذ الولادة، يعيل عائلة من ثلاثة أفراد. يقول مسلم بأن وضعهم اصبح مزريا في ظل هذه الحرب.
مسلم " خرجنا من منازلنا شبه عراة، لنسكن منطقة الألغام. كثير من قذائف الهاون والرشاشات الثقيلة أصابت مكان تجمعنا. توفي من مجموعتنا على الأقل تسعة أشخاص.  منذ نحو اسبوعين اتخذت قرارا  مع عائلتي بالعيش داخل المدينة والآن نحن نعاني من أزمة التدفئة والكهرباء والغذاء". 
في القبو الموجود خلف مسلم تعيش عائلة من خمسة عشر فرداً. نطلب من رب الأسرة أن يصطحبنا في زيارة لعائلته.
في البداية، يقف بصمت أمامنا وعزة نفسه عائق أمام تقبله لأن  يراه أحد من معارفه أوأقاربه في ظل هذه المعاناة. بعد تردد قصير يوافق على مرافقتنا في زيارة لعائلته. 
في هذا القبو الخالي من أي نظام للتدفئة، تتلحف الأم خديجة ببطانية. لا تستطيع خديجة الحركة بسبب مرضها فتقول ماسحة  دموعها:
"حرمنا من منازلنا وبيوتنا وقرانا في هذا الشتاء. أحاول وأطفالي أن نحمي أنفسنا من البرد بهذه البطانيات. كيف تستطيع هذه البطانيات والملابس ان تقينا من برد هذا القبو الرطب. لا أفهم السبب الذي دفعهم إلى تهجيرنا وحرماننا من منازلنا، ماذا فعلنا لهم؟ هل احتلينا أرضهم أم هجرنا ناسهم، كما هم يفعلون بنا الآن؟".
على مخرج القبو، يأتي سرحد كوباني وهو مقاتل في وحدات حماية الشعب لينبه رب الأسرة إلى ضرورة الحيطة والحذر على أطفاله الذين يبحثون عن فرصة مشروعة لممارسة طفولتهم من خلال اللعب في الشارع.
سرحد "أنتبه على أطفالكم. لا تدعهم يلعبون في الخارج، فهناك قذائف هاون تتساقط. أي شيء تحتاجونه، نحن نجلبه لكم" 
بدأ تنظيم داعش حربه على مدينة كوباني منذ قرابة ثلاثة أشهر، واليوم يحاصر التنظيم المدينة من ثلاثة اتجاهات، فيبقى أمل سكان المدينة معلقا على المعبر الحدودي القائم مع تركيا، التي بدورها أغلقت المعبر أمام كل المساعدات الإنسانية، رغم نداءات الطرف الكردي في المدينة والكثير من الدول والمنظمات الدولية بضرورة فتح ممر إنساني الى المدينة.