بيروت، لبنان، (جابر المر، أخبار الآن)

على كل الاضطهاد الذي يتعرض له العمال السوريين في لبنان، أتى عرض (عينات إسمنتية) لـ”إلاريا لوبو وجو نعمة” ليزيد من اضطهادهم أكثر من أن يعطيهم مساحة للتعبير.

العمال كتلاميذ وأدوات في العرض ..

حاول عرض (عينات إسمنتية) خلق فضاء صوتي وبصري في إحدى ورشات البناء التي يعمل بها السوريين وتحويل هذا الفضاء إلى عمل فني، وما أن تصل إلى باب الورشة حتى يعطونك ورقة جاء في بعضها التالي: “هؤلاء العمال هم من الجنسية السورية، وغالبا ما تتحول مواقع البناء تلك إلى منازلهم المؤقتة في بيروت. عمل لوبو ونعمة لمدة شهرين مع هذا الفريق، وفي كل يوم كان العمال يتمرنون على إمكانيات خلق الأصوات من أدوات عملهم اليومية”. لكن العرض الذي اعتمد على أصوات أدوات العمال مع إيقاعات أخرى لم يبرز أن العمال تدربوا لمدة شهرين بل على العكس تماما رأينا رجلا يصفق لهم فيقومون بالإيقاعات وفقا لصفقته كطلاب مدارس جاء المنقذ ليبرز أنهم مبدعون مما زاد قسوة الصورة وامتهان العمال.

العمال السوريون في بيروت .. الاضطهاد حتى في الفن

فخامة الميديا ..

تتابع العمل لمدة خمس دقائق ثم عليك الخروج من الموقع ليدخل غيرك، وخلال خمس دقائق المخصصة لك تكتشف أن العرض الذي يعتمد أساسه على الموسيقى والإيقاع اعتمد على الضجيج والاستعراض، لم يكن هم صانعي العمل سوى أن يروجوه بصفته عمل جبار حيث عملو مع عمال لا يعرفون عن الفن شيئا، وستحس خلال المتابعة بالنظرة الدونية للعمال الذين لم يعطوا المساحة الكافية لإخراج ما في دواخلهم من إيقاع يومي فرضته شروط العمل، وأكثر ما يثير الانتباه خلال خمس الدقائق هو وجود أكثر من أربعة كاميرات مع العمال هي من الفخامة بحيث يبلغ ثمن الواحدة منها أجر سنة كاملة لأحدهم، فكرة التصوير كانت مزعجة جدا، يقول المخرج المسرحي السوري “م.أ”: “هذا العمل لم يقم من أجل العمال وموسيقاهم، بل للتجارة في خصوصياتهم عبر تصويرهم وكأنهم يجترحون المعجزات، أعتقد أن ما يملكه واحدهم من الموسيقا هو أكثر دلالة مما يملكه صناع العرض”.

أما “مايك” وهو مخرج أمريكي يعمل في بيروت يقول: “اعتقدنا أننا سنحضر فنا موجها من بشر عاديين لبشر عاديين، ما وجدناه أن العرض كان من فنانين وضعوا البشر ضمن قوالبهم وقدموا العرض لفنانين مثلهم فضاع حق العمال”.

وحين ترى العمال في أسفل الورشة يصنعون موسيقا بمطارقهم يتبادر إلى ذهنك السؤال متى سيعودون للعمل في وطنهم معززين مكرمين، هذا هو السؤال الذي يهتم به العمال السوريون في لبنان أكثر من أي سؤال فني آخر.

العمال السوريون في بيروت .. الاضطهاد حتى في الفن