دبي، الامارات العربية المتحدة، ٣١ مارس ٢٠١٤ آسية عبد الرحمن ـ أخبار الان –

 تدخل الثورة السورية عامها الرابع مثخنة بأكثر من مائة وأربعين ألف قتيل، وخمسة ملايين طفل بحاجة للمساعدة العاجلة، وثمانية وستين في المائة من المستشفيات خارج الخدمة إما بفعل الدمار الهائل، أو بفعل نقص المعدات والطاقم البشري.وعسكريا تتدرج كرة الثلج الثورة ببطء بين أرياف المدن الكبيرة، تعوض ما انتقص منها في ريف حمص، بما تكسبه في ريف درعا والقنيطرة، ويتنزع منها تحالف نظام الاسد وحزب الله والميليشيات العراقية مراكز في القلمون بريف دمشق فتعوض النقص سريعا بفتح جبهة جديدة في ريف اللاذيقية مقتربة من عمق الخزان العسكري والطائفي لنظام الأسد في الساحل.ولكن كل هذا التقدم والتراجع مرهون بواقع المعركة على الأرض، وعدم تكافؤ القوة والعدد والعدة بين الثوار وبين الخصم الذي بات إخطبوبا تمتد أذرعه متعددة الأجنحة من الحرس الثوري الايراني، ومليشيات عراقية وقوات حزب الله اللبناني، والكل مدعوم بالقوة الروسية الضاربة، والسند الديبلوماسي الروسي الصيني، ليكون قلب الاخطبوط يتمركز في دمشق، مركزا هدفه على حماية نظام الأسد من السقوط.في حين يقاتل الجيش السوري الحر وحيدا أعزل إلا من أسلحة خفيفة ومتوسطة اغتنم أكثرها من المخازن العسكرية التي يسيطر عليها بين الحين والآخر، أو ما استطاع الحصول عليه من السوق السوداء وتمكن من تجنيبه الرقابة الدولية المشددة على كل ما يدخل إلى سوريا من سلاح قد يساهم في حسم المعركة.داعش..

عصا في دولاب الثورة

لم يكن الظروف المفاجئ لتنظيم داعش سيء الصيت بعد مؤتمر جنيف الأول منتصف العام قبل الماضي اعتباطيا، فقد تبين لاحقا أن التنظيم ذي الارتباط الوثيق مع القاعدة فكرا وتنسيقا، جاء إلى سوريا ليكون العصا التي تعيق دولاب الثورة السورية، فخلال سنتين من وجوده على الارض، تبين أن مهمته تنحصر في ترويع الناس، وفرض رؤية أكثر تشددا تنفر الشعب التائق إلى الانعتاق من نظام الأسد.

لم تسجل للتنظيم المتطرف أي مواجهة في أي جبهة عسكرية على الارض مع نظام الأسد، واستغل انشغال الثوار في توسيع رقعة سيطرتهم على أماكن أكثر في ترسيخ نفوذه بالمال والسلاح وفرض فكره المتشدد على الأماكن التي يحررها الثوار ويكتفي هو بإدارتها  كما أنه لم يسجل خلال السنتين الأخيرتين أي استهداف من قوات الأسد لهذا التنظيم المعلوم المكان، والمكشوف العناصر، وظلت مدينة الرقة التي يتخذ منها التنظيم المتطرف مقرا له بعيدة من مرمى البراميل المتفجرة التي يوزعها النظام في كل الأماكن التي تسيطر عليها المعارضة من غير داعش.وفي الأشهر الأخيرة وتزامنا مع اقتراب موعد مؤتمر جنيف الثاني كشف التنظيم المتطرف عن جزء من وجهه الحقيقي، وفتح للثوار جبهة أخرى، شغلهم فيها عن جبهات الحقيقية واستنزف فيها مواردهم العسكرية، ليتسبب ذلك لهم بخسارة مواقع مهمة في ريفي حمص الشمالي والغربي، وكذلك في ريف دمشق.

فزاعة داعش.. والحرمان من التسليح

على الرغم من أن حلفاء نظام الأسد في كل من إيران ولبنان والعراق وروسيا لم يتوانوا يوما في إمداد النظام بالسلاح والمقاتلين، إلا أن ما يسمى دول أصدقاء الشعب السوري لم تقدم حتى الآن للمعارضة السورية سوى دعم باهت لمطالبها السياسية، في ما ظل الدعم العسكري مجرد وعود معلقة لم ينفذ منها حتى الآن ما يمكن من توازن القوة.في السنة الاولى للثورة السورية كان هناك توجه دولي للمطالبة بفرض منطقة حظر طيران تأسيا بالتجربة العراقية في التسيعينات لكن شراسة الفيتو الروسي جعلت ذلك المطلب يتقلص إلى الدعوة إلى فتح ممرات إنسانية ليمتخض جبله في الأشهر الماضية عن القرار الأممي الملزم بمجرد إدخال مساعدات إنسانية، وهو القرار الذي خلا من أي تهديد باستعمال القوة وتبينت نتيجة ذلك التخاذل بعد شهر من القرار بإعلان الأمم المتحدة أن الأسد يمنع دخول المساعدات، مثبتا بذلك القول المأثور : من أمن العقوبة أساء الأدب.

ومع أن المعارضة المسلحة لم تطلب سوى أسلحة دفاعية مثل منظومة ستنيجر الأميركية المضادة للطيران وصوايخ سام ٧ وسام ١٤ المحمولة على الكتف، إلا أن وجود تنظيم داعش وأخواتها في سوريا شكل هاجسا للمجتمع الدولي وخاصة الادارة الاميركية لخشيتهم من وصول تلك الصواريخ إلى الأيدي الخطأ، وتشكيلها تهديدا للطيران المدني في منطقة تعتبرها الولايات المتحدة والدول الغربية منظقة نفوذ استراتيجي.

وفي انتظار أن يقدم حلفاء المعارضة السورية على خطوة دعم عسكري جاد يبقى على هذه المعارضة مواجهة مصيريها منفردة، وافتكاك نفسها بين أسلحة طيران النظام وبراميله المتفجرة في السماء، وغدر داعش وتشويهها سمعة الثورة على الأرض٫ لتكون شوكة في خاصرة الثورة، ويصدق عليها المثل الشعبي القائل إن أسوأ الناس من لا ينفعك ولا يترك غيره يفعل.