دبي، الامارات العربية المتحدة، ٣٠ مارس ٢٠١٤ آسية عبد الرحمن ـ أخبار الان –
“ليتني مت قبل هذا أو كنت نسيا منسيا”، ليت تلك القذيفة التي هدمت ثلاثة أرباع البيت، وقتلت خمسة من أفراد عائلتي كانت قتلتني، ليت ذلك القناص الماهر المتعلي سطح بناية عالية مطلة على ساحة العباسيين أوصل أمس رصاصته إلى عمق قلبي، ولم أنج منها لأصل ذلك الحاجز المشؤوم.
آه لو تعلمون مرارة أن يكون التعذيب بالشرف، أن يكون الذنب الذي ارتكبته٫ أن قريبا يحمل اسم عائلتي مطلوب على هذا الحاجز، لأنه خرج مرة في مظاهرة ضد الظاغية في حي جوبر بدمشق.
كانا يوما ربيعيا انتظرته طويلا، وكان الحي الذي أسكنه قد هدأ فيه القصف، حاولت أن ألمم ما تبقى معي وأن أغادر إلى مقر عملي، معتادة أنا منذ ثلاثة أعوام على التأخر والزحام والتفتيش المصحوب بكثير من الاستفزاز، لم يسبق أن مررت بذلك الحاجز راجلة، كنت أمر به دائما في السيارة، ولكن اليوم وجدت قذيفة سقطت البارحة قرب السيارة فهشمتها.
كان الشاب المكتئب الذي يدخن بشراهة ويلوح برشاشه هو من استوقفني، أظهرت بطاقة الهوية، صاح بعنجية : سيدي هذه قريبة فلان..ودفعني بقوة نحو بيت صغير يبدو أنه كشكشا لبيع الجرائد قبل تحويله إلى حاجز.
تلقفني سيده بلطمة قوية قائلا بصوت مبحوح: قريبته؟ .. وتتجولين هكذا؟، ثم أردفها بلطمة أخرى.
لم تمض سوى ساعة حتى وجدتني في فيلا كبيرة بحي المزة، يبدو أن الأمن يتخذها مركز اعتقال للسيدات اللاتي لا جرم لهن ليحلن به إلى السجن.
دفعني المغتصب الأول بقوة إلى سرير متهالك، يبدو أنه كان شاهدا على حالات تعذيب واغتصاب، كما متوحشا، ولم تجد صرخاتي، ولا استغاثتي،
وكانت رائحة الكحول الكريهة المنبعثة من جسده أسوأ من أي رائحة شممتها في حياتي..
توالت بعدها الاهانات والسب، أمضيت يوما كاملا وأنا عارية تماما، وفي جنح الليل الأخير وبعد أنت توالى على اغتصابي ثلاثة أشخاص٫ اثنان منهم ملثمان، جاءت سيدة متسللة ترتدي ملاءة سوداء، أعطتني ثيابي، وقالت بلغة ملؤها الحقد.. أخرجي يا… كان مجند معتوه يدخن سجارة من النوع الردئ يقف على الباب، رماني في مؤخرة سيارة معصوبة العينين، وعلى مدخل الحي الذي أقيم فيه أنزلني آخر من السيارة، قائلا: دعي كلاب ثورتك يعيدون إليك شرفك.. يا..
مرت أشهر كثيرة لم أكتب فيها شيئا، تجنبت فيها الحديث عن تلك المصيبة، لكن تقرير الأمم المتحدة الصادر قبل أيام والذي تحدث عن تسجيل ثلاثمائة حالة اغتصاب في دمشق وحدها، استفزني لأكتب، مؤكدة أن أي عدد يقدم عن ضحايا الاغتصاب في المناطق التي تسيطر عليها قوات الأسد هو عدد تقريبي، وبعيد جدا عن الواقع.
لقد بات الاغتصاب عملا روتينا، بل سلاحا تسخدمه قوات الأسد وشبيحته تارة للانتقام من الثوار، وتارة لتعذيب النساء المشاركات في الاحتجاج، ومرات كثيرة لمجرد الترفيه عن الجنود المهزومين من الداخل.
وقل أن تجد تلك القصص المرعبة عن الاغتصاب طريقها إلى النشر خوفا من الفضحية التي ترافق المغتصبة بقية حياتها، وقول الأمم المتحدة إن ثلاثمائة حالة تم توثيقها في دمشق وحدها، على مرارته وألمه هو مبشر أن هناك ثلاثمائة سيدة تملكت الشجاعة لتشهد أمام لجان التحقيق الأممية.. فمتى تمتلك الأمم المتحدة الشجاعة لمحاكمة الجناة؟
ملاحظة هذه القصة من وحي الواقع.