دمشق، سوريا، 27 مارس، (يمنى الدمشقي، أخبار الآن)

قد يحمل العنوان بعض الغرابة لقارئه للمرة الأولى، فكيف لمن عايش الألم الحقيقي أن يكون ارتباطه بمناسبة الفرح افتراضياً؟.
لكن واقع الثورة والحياة أبرز كثيرا من هذه الحكايات، إذ أنه من الضروري الخروج من بوتقة الحزن والاندماج بالحياة بمختلف الوسائل لاسيما موضوع الارتباط والزواج. فمن كان ملاحقاً أو مطلوباً ولا يستطيع أن يتحرك بحرية في المناطق المحاصرة ويريد الارتباط والزواج سيلجأ إلى هذه الوسائل طالما لا تعارض المجتمع والدين.

حالات الارتباط ..
اتخذ كثير من ناشطي الثورة من “السكايب” للمكالمات الصوتية والمرئية عبر الانترنت وسيلة ومخرجاً من حصارهم، فعمدوا إلى عقد القرآن كحل مبدأي للارتباط ومن ثم التفكير بالزواج إلى حين انتهاء الأزمة أوانفراج الأوضاع في سوريا قليلاً.
“شام السيد” ناشطة تعيش خارج سوريا أجبرتها الظروف على اللجوء إلى هذه الوسائل، تعبر شام عن وجهة نظرها وتقول: “كنتُ على علاقة مع “محمد” ونحن في سوريا حتى باعدت بيننا المسافات وأضحى كل منا في بلد، لكن بالنهاية من المفترض أن يكون هناك بديل لهذا الظرف، فلجأنا إلى “سكايب” لعقد قراننا، توقعنا في البداية أن يكون هناك بعض العقبات في طريقنا، في مقدمتها عقبات مجتمعية لكن بعدما عرضنا البديل على الأهل واستشارة اختصاصي الدين بذلك لم يكن هناك مانع من التقدم خطوة أخرى وعقدنا القران على السكايب والآن نحضر للزواج والانتقال إلى بلد يجمعنا نحن الإثنين”.

أما “ماهر العابد” وهو أحد أفراد الجيش الحر في دمشق، فق لجأ إلى هذا الحل في الارتباط نتيجة استمرار الحصار لمدة طويلة في الحي، حيث تم عقد القران على “سكايب” وقام أهله بزيارة عروسته ودفع المهر المطلوب.
يقول العابد أن: “لحظات الحصار في هذا الظرف تكون صعبة جداً على الطرفين، لكنها تعطي كثيرا من الأمل لهما إذ أن الوضع النفسي الذي يعيشون فيه يجعلهم في توتر دائم، وكل منهما بحاجة للآخر لكي يخفف عنه وطأة هذه الظروف”.
 
عقبات مجتمعية ..
لا يزال المجتمع السوري، الذي يفرض قيوداً كبيرة على الزواج ويجعله منحصراً بتقاليد شكلية، يعارض هذا المظهر من الارتباط، إذ وجد فيه خروجاً عن المألوف من التقاليد، في حين رأت فئة من الشباب وبالأخص شباب الثورة أنَّ فيه نوعاً من تجديد معاني الحياة الزوجية وتخفيف وطأة التطلب على من لم يعد بإمكانه أن يؤمن كل متطلبات الزواج.
“أبو أحمد” رجل في الخامسة والخمسين من عمره، زوج ابتنه بهذه الطريقة، ورأى أنه على الرغم من غرابة هذا الحل وبعده عن المألوف فإن: “ظروف الحرب حكمت علينا أن نقبل بهذا الحل، ولم نطالب بما كان يطالب به المجتمع من طلبات تكون فوق طاقة الشباب”.

ويضيف أبو أحمد أن الثورة لم ولن تقتصر على إسقاط النظام ومحاربة قوات الأسد لكن الثورة عليها أن تطوّع لتشمل كافة مناحي الحياة لاسيما الزواج والقيمة الاجتماعية العظيمة التي يحملها ورمزيته.
 أبو أحمد يشغل منصباً رفيعاً في أحد مؤسسات الدولة لكنه لم يتردد لحظة واحدة في الموافقة على تزويج ابنته من أحد الثوار وعن طريق السكايب ليبرهن للعالم والمجتمع أن الثورة لا تقتصر على القتال ولكن الثورة يجب أن تبدأ من أنفسنا أولاً.

بعد ثلاثة سنوات خرج كل شيء عن المألوف في سوريا حتى علاقات الارتباط والزواج، لكن كالعادة وجد السوريون مخرجاً لهم من كل مأزق، وحلاً لكل مشكلة تعترضهم، لكن في هذا الموضوع كان الشيء المشترك هو الحب والرغبة باستمرار الحياة.