ريف دمشق، سوريا، 13 مارس، (خبيب عمار، أخبار الآن)

وكما جرت العادة عند مجيء الطائرة المروحية لتلقي براميل الموت على خان الشيح في ريف دمشق الغربي، احمل كامرتي واتوجه الى سطح المنزل لتصويرها وكما جرت العادة ايضا يصعد معي الاطفال في الحي لأن بيتي هو الاعلى في المنطقة. استعدت الطائرة لتلقي برميلها الاول فالقته وللمرة الاولى ياتي البرميل قريبا مني الى هذا الحد، تابعت تحليقها في الأجواء وانا اراقبها بكمرتي ووقفت لتلقي برميلها الثاني ولكن هذه المرة كانت فوقي مباشرة ولكن لم اكن اتوقع ان هذا البرميل المتفجر من نصيبي، فالقته ولكن توقعاتي كانت خاطئة فالبرميل توجه الي مباشرة فقلت لمن حولي: “هذا البرميل علينا”.

وكان امامنا ثلاثون ثانية فقط للهروب، بدأ الاطفال بالبكاء عاجزين في ثواني قليلة عن الهرب ولم يفلحو بالهروب الا لمقدمة درج المنزل، حينها سقط البرميل ومن شدة الصدمة والعجز وعند سقوطه لم ارى الا غبارًا كثيفًا واغلقت عيني، لم اكن اعلم انني على قيد الحياة قبل ان افتح عيني، وبعد أن فتحتها لم ارى الا غبارًا كثيفًا وسمعت صراخ الاطفال وبكائهم فايقنت انني على قيد الحياة.

لم انظر إلى جسدي ان اصبت بشظايا ولكن احسست انه لازال في جسدي قوة فتوجهت الى الخارج لارى ما حل باطفال الحي فلم يصب احدهم باذى وهذه كانت اولى المعجزات. كان بيتي يحوي عائلة نازحة من قطنا قوامها ام وخمسة اطفال فنزلت اليهم وكانت غرفتهم قد دمرت عن بكرة ابيها، بدات برفع الانقاض انا ومن معي من سكان الحي الذين تجمهروا حول مكان سقوط البرميل، ازلنا بعض الانقاض ولكن لم نرى شيئًا من الغبار الكثيف وجل ما كنا نسمعه هو صراخهم وبكائهم, فأزلنا بعض الانقاض ورأينا الام وهي تضم اطفالها الخمسة وتبكي وكانت الدماء قد غطتهم جميعا، جروح الام كانت بالغة ولكن اطفالها كانت جروحهم بسيطة.

توجهت الى داخل المنزل لتفقد عائلتي وزوجة اخي وابنائها الاثنين فكانو يصرخون ولم يصابوا بأذى ولم ارى الا طفلها الاكبر فقالت الثاني بغرفة النوم، دخلنا على الغرفة فلم نرى الأبواب والنوافذ التي كانت قد تجمعت فوق بعضها وهو نفس مكان نوم الطفل مجد ذو الثلاثة أعوام،
لم اسمع صوته ولا بكائه فقلت انه قد هلك، حتى رفع المسعفون عنه الأثاث والركام وكان لا زال مستغرقا في نومه ولم يتاثر بسقوط البرميل او حتى صوته المرعب وانفجاره المخيف فكانت هذه المعجزة الثانية. لم نفقد احدًا في هذا الإنفجار ولكن حتى هذه اللحظة عند مجيء الطائرة يبدا الاطفال بالصراخ والبكاء حتى لو كانت تمر فوقنا فقط.

خبيب عمار - خان الشيح

خبيب عمار - خان الشيح