دمشق، سوريا، 9 مارس، (أحمد الدمشقي، أخبار الآن)

بعد تنفيذ بعض الهدن في عدد من المناطق وخاصة في العاصمة دمشق وريفها كحل أخير أو إسعافي للمشكلات الإنسانية التي يعاني منها المدنيون ابتداء من مشكلة السكن وليس انتهاء بمتطلبات الحياة اليومية الأساسية.
طافت على السطح مشكلة دمار معظم البيوت في المناطق المهادِنة فغلبت حياة عدم الاستقرار على أهالي هذه المناطق عندما عادوا إليها، فهذا الذي وجد منزله مهدماً وآخر وجده منهوباً وثالث لم يجد بيته أصلاً بفعل القصف الذي مسح شوارع بأكملها عن هذه الأحياء، وهذا هو حال حي برزة الدمشقي.

كيف تعامل المهجرون مع مشكلة السكن؟
عند عودة المهجرين إلى بيوتهم تكشّف لهم حجم الدمار الذي حل بأحيائهم لتبدأ رحلة البحث عن مأوى في مناطقهم للتخلص من مشكلة النزوح التي يتبعها نفقات مادية كبيرة لاسيما أجرة المنازل المرتفعة جداً أو تكاليف المعيشة إذ تشهد مناطق النزوح غلاء كبيراً جداً بالأسعار، هنا وجه هؤلاء أنظارهم إلى منازل المدنيين الآخرين الذين لم يعودوا إلى بيوتهم إما لاغترابهم أو لظروف أخرى منعتهم من العودة. وكان الأمر عشوائياً في بعض المناطق ومنظماً إلى حد ما في مناطق أخرى، وتحمل هؤلاء المهجرون أعباء تأهيل هذه المنازل

انعدام خطط إعادة الإعمار وتعويض المتضررين ..
كانت آراء معظم الناس مؤيدة لهذا السكن وإن تجلّى بهذه الصورة من العشوائية وانعدام التنظيم، لكن من وجهة نظرهم أنه لا يوجد أي بديل عن هذا الحل، إذ أن هؤلاء الناس قبل أن يفقدوا منازلهم كانوا قد فقدوا عملهم ومورد رزقهم الوحيد فلم يعد هناك من بديل يستطيع من خلاله الناس توفير حياة كريمة لعائلاتهم.
يعبر (ياسر) عن صعوبة تحديد قناعته حول الخيارات التي وضع أمامها الناس فهو من جهة يعتبر أن هذا الأمر غير مشروع لا في الدين ولا في القانون ولا في الأعراف لأنه ينعكس سلباً على صاحب المنزل الذي يعتبر أن هذا الأمر فيه استيلاء وسرقة لممتلكاته بغير وجه حق فهو بذلك لا يختلف عن أسلوب النظام ومن جهة أخرى يرى أن لا حل بديل أمام هؤلاء الناس يلجأون إليه.
في حين عبرت (مروة الشامي) أن لا ضير من لجوء المدنيين إلى بيوت غيرهم من المهاجرين أو المغتربين بل أوضحت أن هذا من حقهم باعتبارهم دفعوا الضريبة الأكبر في هذه الثورة بينما كان غيرهم يعيشون في نعيم ورخاء على حد تعبيرها.
لكن (مالك) يملك رأياً مغايراً ووسطياً إن صح التعبير إذ يرى أن يتم أخذ الإذن من صاحب المنزل للسماح بسكن البيت من قبل عائلة أخرى كحل إسعافي ريثما يتم تأمين حل بديل لهذه العائلات أو إلى حين ترميم البيوت المهدمة.
فيما نفى (أبو محمد) وهو أحد قادة الجيش الحر في حي برزة حدوث مثل هذه الحالات إلا بشكل نادر أو في نطاق ضيق مؤكداً أن من يقومون بهذا الأمر لا يمتون للثورة بصلة أو آخرين أجبرتهم ظروفهم المعيشية القاسية إلى اللجوء إلى هذه الوسائل، حيث لا بديل!

على من تقع إدارة الشؤون الإغاثية والتنظيمات الإدارية؟
إن النظام غير مسؤول عن هذا الأمر بل من مصلحته خلق هذه الحالة من الفوضى ودب الخلافات بين الناس مما يجعلهم ينقمون على الثورة والجيش. وقد تم في بعض المناطق تشكيل لجنة لتدارس الوضع ومتابعة هذه البيوت واستئذان أهلها لإغاثة عائلات أخرى فيفرضوا بذلك نوعاً من التنظيم، كما في حي برزة شمالي شرق العاصمة دمشق.
وعلى أية حال فإن هذه المشكلة كانت من أعقد المشاكل التي واجهت المدنيين بل سببت كثيراً من النزاعات والخلافات بينهم ووصلت إلى حد رفع السلاح ترهيباً لطرف آخر يحاول أن يقطن في نفس البيت الذي وضعت عائلة أخرى يدها عليه، الأمر الذي سبب نوعاً من الفوضى والاضطراب قد يطول علاجها إن استمر الوضع على ما هو عليه.