ريف إدلب، سوريا، 21 فبراير، (علي أبو المجد، أخبار الآن)
لجأ النظام السوري إلى قطع جميع شبكات الاتصالات عن ريف إدلب في محاولة لعزل السكان عن ذويهم في المناطق الأخرى، وقطع أسباب التواصل والاطمئنان على بعضهم البعض. وكان من نتائج ذلك أن أغلقت محال الأجهزة الخلوية أبوابها لإنقطاع زبائنها تقريبا وانتقل أصحابها إلى العمل في مهن أخرى وأصبح مشهدا نادرا أن ترى شخصا يحمل جهازا خلويا ويمشي في الشارع.
الصدفة الجميلة ..
ضاق الناس ذرعا في ظل هذه الحال المستمرة منذ فترة طويلة وصلت لسنتين متواصلتين في بعض المناطق، لكن الصدفة الجميلة كانت مع أحد رعاة الأغنام عندما كان يرعى على إحدى التلال المنتشرة في ريف إدلب ويحمل جوالا في جيبه حينما وصلته رسالة، وقد تبين بعد الدهشة التي أصابته أن هناك شبكة خلوية تصل إلى هذه التلة مصدرها مدينة (صوران) التابعة لمدينة حماة والتي تبعد 60 كيلو مترا عن المكان وانتشر الخبر المفرح بين الناس. ومنذ ذلك الوقت أصبحت (تلة القراطي) مقصد المئات من الأشخاص يوميا ومن كافة المناطق المحيطة يقصدونها للاتصال والاطمئنان على ذويهم ومعارفهم.
باب رزق ..
“جمال” مواطن من تلك المنطقة لديه محطة لتعبئة الرصيد حدثنا لدى لقائنا به: “يرتاد هذه التلة مئات الأشخاص يوميا وبالتأكيد هم بحاجة لشحن هواتفهم بالرصيد المطلوب لإجراء اتصالاتهم. في بداية الأمر كنت آتي إلى هنا لعدة ساعات وأجلس على كرسي في وسط التلة لكن مع زيادة إقبال الناس قررت بناء غرفة صغيرة والبقاء هنا طوال النهار بالإضافة إلى بيع الموالح والدخان وعلب البسكويت”.
سنترال ريف إدلب ..
مساحة التلة ليست كبيرة فمن يريد الاتصال عليه أن يبقى ضمن إطار محدد لا يتعداه إلى مكان آخر، وبات المكان وكأنه مركز الاتصالات في المنطقة، فعندما يصبح المكان مزدحما وخاصة أيام المناسبات كالأعياد، ترتفع الأصوات وتتداخل. “أبو ريّا” جاء إلى التلة للاطمئنان على ابنته المتزوجة في مدينة دمشق حيث كانت فرحته واضحة وتملأ المكان لدى حديثه معها وذلك من خلال صوته المرتفع وكلماته التي أسمعت كل من حوله، حدثنا قائلا: “لقد جئت من مسافة 15 كم إلى هنا فهذا المكان يشعرني بالارتياح. من هذا المكان أتواصل مع بقية أفراد عائلتي اسأل الله أن يجمعني بهم عما قريب”.
قطعة من الأرض تعلقت قلوب معظم الناس بها هنا في ريف إدلب، ويبقى السؤال: متى ستصبح سوريا على امتداداها كهذه التلة وتجمع القاصي والداني في وطن واحد؟.