ريف دمشق، سوريا، 18 يناير، (جابر المر، أخبار الآن)

بينما ينتظر العالم بأسره مؤتمر السلام حول سوريا (جنيف 2 )، لا يبالي أبناء المناطق المحررة بالمؤتمر وينتظرون فشله بيأس، بعد أن دفعوا تكلفة باهظة الثمن لحريتهم المنشودة، أما المتفائل منهم فيراه دون جدوى على الأرض.

خطورة تفكك المعارضة

“كيف بدو ينجح جنيف 2 وفي ألف مين يمثل الشعب السوري، مو لنعرف مين اللي عميمثلنا فعلا !!” هكذا يسخر محمد أحد أبناء معضمية الشام النازح إلى قدسيا، ولسانه هو لسان حال معظم السوريين الذين يتابعون انشغال العالم وقنوات الإعلام بالمؤتمر الذي ينبغي أن يحدد مصيرهم، لكن البرود والترقب هما سيدا الموقف، إذا يشكو معظم السوريين من تشتت المعارضات السورية السياسية وانعدام الرؤيا والبصيرة والوضوح فيما تفعل وهذا ما أدى إلى فقدان الثقة المطلقة بها في معظم الأحيان، أما نورا ابنة داريا المهجرة إلى مخيم خان الشيح فتقول: “نحنا ناطرين ومتأملين بجنيف 2، بس المعارضة بيضلو حردانين وكل ما زعلو بيبطلو يروحو عالمؤتمر”. ويرى هادي ابن الهامة أن “نجاح جنيف لصالح السوريين مرهون بوجود معارضة قوية سياسيا، وصالحة اخلاقيا، وهذا ما لا تملكه المعارضة السياسية في سوريا خصوصا وانها غضة العود حديثة العهد”، وكل من تسأله عن المعارضة في الريف يجيبك أن من لم يقدر على إدارة محافظة محررة كالرقة، ومن لم يهتم بشكل فعلي في أمور حزام العاصمة المحرر كيف سيتمكن من المفاوضة على كامل التراب السوري ويخرج بنتائج إيجابية؟

جنيف مؤتمر للسلام، أم للنظام؟

وعلى اعتبار أبناء الريف المحرر هم أكثر من خبر شراسة النظام وهمجيته، وفي الوقت الذي دوت فيه قذائف النظام وبراميله الملقاة من الطائرات، عرف أبناء الريف مقاتلين على الأرض من ذات الدول التي ستقف إلى جانب النظام في جنيف 2 وعلى رأسهم إيران التي يرفض السوريون تدخلها، حياة من زملكا تعتبر أن النظام أقوى سياسيا فتقول: ” النظام فاسد وعميل وبيبيع البلد بقشرة بصلة لأي محتل، مشان هيك ما حدا من دول العالم إلو مصلحة بزوالو” أما أبو سعيد العربيني فمن وجهة نظره أن على المرء توقع كل شيء من النظام الفاجر ” اللي ما بيخاف من الله خاف منو، وهاد النظام ما بيخاف الله”.
على كل كراهية السوريين لنظام الأسد إلا أنهم يدركون مدى قوته السياسية وعلاقاته الدولية التي مكنته من الصمود إلى اليوم في وجه الثورة المندلعة منذ آذار 2011، لذا فهم يخشون أن يحقق له جنيف 2 المكاسب التي يرجونها للمعارضة، فهم يرون غالبا أن النظام خائن، وعميل، ومجرم لا يتوانى عن أي نوع من أنواع القتل ليحقق مكسبه.

فرض الحل من الدول العظمى

يرى بعض المتفائلين في الريف كالجامعي أحمد أن جنيف سيكون نهاية معاناة السوريين “ماضل شي بالبلد ليدمروه أكتر من اللي دمروه، بكرا أمريكا وروسيا بيحطو الحل وبينادو الطرفين ليوقعو عليه وبتخلص الحرب”، أما هند ابنة دوما فترى أن الحل وإن ستفرضه الدول العظمى إلا أن الحرب لن تنتهي بسبب انعدام سلطة المعارضة السياسية والنظام على الأطراف المتقاتلة على الأرض.

كلما اقترب جنيف يزداد العنف أكثر، وتصبح الرؤية أكثر ضبابية، لكن أبناء الريف المحرر الذين ينظر كل منهم إلى جنيف من ناحية يدركون جميعا خطورة أن يفشل المؤتمر، لأنهم يؤمنون أن فشل جنيف يعني بداية الحرب الطويلة والتي ستمتد لأعوام وهذا ما لا يرجوه أحد.