الباب، حلب، سوريا، 13 يناير، (رامي سويد، أخبار الآن)

على جانبي "شارع مرطو" الشارع العريض الذي يقسم مدينة الباب "30 كلم شرق حلب" إلى قسمين "شمالي وجنوبي" يحاول أصحاب المحلات التجارية مع العدد القليل من الزبائن الذين يرتاون محلاتهم تناسي حجم المأساة التي تعيشها المدينة, فمنذ أربعة أيام يخوض أبنائهم وإخوتهم معركة من نوع جديد لم يألفه السكان من قبل.

على مداخل المدينة هناك جيش تابع لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، يقوده شخص يقال له "عمر الشيشاني" يحاول اقتحام المدينة من خلال مهاجمتها من عدة محاور وبطريقة سريعة ومباغتة، بحيث يغير محور الهجوم خلال دقائق قليلة لعدة مرات متتالية, في المقابل هناك شباب من مختلف فصائل الثوار "لواء التوحيد, ولواء أبو بكر, ولواء الإسلام, وحركة أحرار الشام, وكتيبة أحفاد عمر" تحاول بكل ما أوتيت من عدد وعدة الذود عن المدينة ومنع المسلحين الغرباء من اقتحامها.

ظهرا وبينما يملأ أزيز الرصاص الأجواء, يسمع من الأعلى صوت طائرة حربية, ما هي إلا ثوان معدودة إلا ويصل البرميل المتفجر الذي ألقته الطائرة إلى الأرض, صادف أن سقط البرميل فوق بناء مؤلف من ثلاثة طوابق بالقرب من ساحة "8 آذار سابقا , 15 آذار حاليا" في وسط الشارع العريض وسط المدينة.

خلال دقيقتين بدأ الغبار الانفجاري بالانقشاع وبدأ سكان الأبنية المجاورة وأصحاب المحلات التجارية بالهرع إلى ركام المبنى المصاب بحثا عن جرحى لإسعافهم, خلال دقائق بدأت فرق الدفاع المدني والإسعاف بالوصول, وبدأ العمل على رفع ما تيسر من الأنقاض, للبحث عن عشرات الشهداء والجرحى المدفونين تحتها.

في الأثناء يشتد صوت الاشتباكات بين الثوار المدافعين من جهة وأتباع الشيشاني من جهة أخرى, تبدأ الإشاعة بالتفشي، يهمس كل واحد لجاره: "عم يقولوا دخلوا الباب..!" ليجيبه: "مو معقول .. أمسح وجهك بالصلاة ع النبي..!"

على الطرف الجنوبي الغربي من المدينة، وفي الشوارع المحيطة بجامع "زمزم" الأثري تجري الاشتباكات , لقد تمكن أتباع الشيشاني من إجبار حاجز الثوار على الانسحاب، بسبب تواريهم من نقاط رباطهم لدقائق خوفا من استهداف الطيران لهم.

يتقدم أتباع الشيشاني تدريجيا، يضطر الثوار إلى مزيد من التراجع، لقد فقد الثوار متاريسهم التي كانوا يتمترسون فيها للدفاع عن مدخل المدينة الرئيس، وتحول القتال إلى قتال شوارع، المدافع فيه – بطبيعة الحال – أسوأ حالا من المهاجم.

بعد ساعة، يتوقف إطلاق النار لقد اكتفى عمر الشيشاني بالتقدم الذي أحرزه، يلتفت إلى مقاتليه يأمرهم بتفتيش البيوت بيتا بينتا للبحث عن "المرتدين من رجال الصحوات العميلة لأمريكا..!" كما يسميهم، قواعد التفتيش على الشكل التالي، كل بيت توجد فيه قطعة سلاح، يصادر السلاح فورا ويعتقل صاحبه وكل من يملك لباسا عسكريا "بنطالا مموه أو كنزة عسكرية أو سترة مموهة" يعتقل فورا.

يدخل رجال الشيشاني إلى الطابق الثاني من ذلك البناء البسيط المبني بالقرميد الرخيص غير المغطى، يطرقون الباب بعنف يفتح أحمد، يحاولون الدخول , يقول لهم زاجرا: "نساء .. هناك نساء أنتظر..!!" يقول العنصر المداهم لأحمد سائلا: "أتحفظ شيئا من القرآن؟" يجيبه أحمد : "نعم ..!" يقول العنصر: "أتلو عليّ مما تحفظ..!".
يبدأ أحمد بتلاوة سورة الغاشية..! يقاطعه العنصر ويطلب منه إغلاق الباب وعدم الخروج من المنزل..!، في الشارع عشرات ممن أنزلوا من بيوتهم بتهمة التعاون مع عناصر الثوار وحيازة السلاح والملابس العسكرية.

على الجانب الآخر وبالقرب من السوق يحاول الثوار أخذ نقاط تمركز جديدة، للدفاع انطلاقا من خطوط الاشتباك الجديدة، ياسر "أحد عناصر لواء التوحيد" يفكر بزوجته وابنه الذين أصبحا في منطقة سيطرة الشيشاني, يسلي نفسه قائلا بصوت غير مسموع، "هدول همج ما خرجهم يعرفوا مين عم يقاتل ومين ما عم يقاتل لينتقموا من عيلتي، أنشاء الله ما بيصير شي..!".

في الأثناء يخطر له ماهر "الأخ الأكبر له" الذي يرابط على جبهة النقيرين بحلب مع كتيبة الانصار التابعة للواء التوحيد , لقد وصلت إلى مسامعه أخبار عن تقدم النظام على هذه الجبهة، ولم يستطع التأكد من سلامة ماهر بعد, فجأة يعاود رجال الشيشاني إطلاق النار باتجاه نقاط تمركز الثوار الجديدة، يبدأ ياسر ورفاقه بالتصدي من جديد ولسان حالهم يقول قولة الشاعر العربي: وسوى الروم خلف ظهرك .. رومٌ, فعلى أي جانبيك تميلُ..!