ستوكهولم، السويد، 12 يناير، (حازم داكل، أخبار الآن)

“شكارنا” بداعش لك أبني

علمت أم عمر من أحمد أحد شبان الحي الذي كانت تعمل له الشاي والقهوة يومياً لقاء وقوفه لساعات حارساً للحي من “لصوص الثورة” كما يسميهم البعض في المنطقة مع بارودته على طرف الحي وهو يحرس، أن ابنها قد توفي بأحدى معتقلات تنظيم داعش، فقالت له راجية: “فينا نشوف جثته لك ابني؟, الله يحن عليك بدي شوفه حتى لو كان ميت”، اصطحبها احمد (حارس الحي) الى مشفى الأطفال في حلب، كانت الجثث مكومة فوق بعضها مكبلة ومعصومة العينين وغارقةً بالدماء، سألت أحدهم باكية: “وين محمود؟ اعطوني جثته أعطوني ياه دخيل الله”، أجابها: “روحي دوري بين هالجثث!”. دورت لعشرين دقيقة بتمعن، قلبها مكسور خائف، الى ان وجدت قميصًا أحمر تعرفه جيداُ، كيف لا وقد اشترته له قبل اسبوع من خطفه هدية لعيد ميلاده الـ 24، ضمته ورددت جملة واحدة مرارا: “يا ضو عيوني، شكارنا (ما علاقتنا)  بداعش يابني، شكارنا بداعش يابني؟”.

وانا بدي داعش !!

بقي أحمد مخطوفاً يعّذَّب وينكَّل به – لنشاطه الأعلامي الموالي لثورة سوريا – لأربع وخمسين يوماً، خرج بعدها وهو في أسوأ حال، لحية طويلة، ثياب صيفية مهترئة ورائحة بشعة، وصل إلى المنزل في العاشرة صباحاً بعدما حرره الجيش السوري الحر، استقبله ابنه وسام وزوجته وأقربائه بفرحٍ وسعادة لا توصفان، في اليوم الثاني كتب على صفحته منشوراً على الفيسبوك: “شو بدكم بالحكي ياللي عباله ريجيم ماله غير الداعشيين (تنظيم داعش)، نزل وزني من 107 كيلوجرام الى 76 كيلوجرام خلال 54 يوماً”.  قرأت لزوجتي ما كتبت وضحكنا لسخريته معاً لكن زوجتي “الحربوقة” قالت شيئاً لم أستوعبه: “أي وأنا بدي روح لعند داعش أخسر هالـ 3 كيلو اللي سمنتهم بالحمل..شو بدي بالرياضة والريجيم انا؟!”.

نظارة فاخرة ..فوق 64 جثة !!

انطلق عبد الباسط الساروت “حارس شباك فريق الكرامة السوري سابقاً، قائد كتيبة شهداء البياضة حالياَ” مع أفراد كتيبته المؤلفة من أربعة وستين عنصراً مدججين بالسلاح والهمة، من حي “البياضة” المحاصر الى مطحنة حمص الخاضعة لسيطرة النظام السوري، علّه يستطيع إحضار شيء من الطحين ليُطعم أهل الحي وأطفاله ويكسر حصار حمص المفروض من النظام السوري معاقباً لسكان المدينة بسبب احتضانهم لمسلحين ارهابيين، سلفيين وعرعوريين “حسب زعمه” لكنه عاد وحيداً بعد صاروخ أردى الجميع شهدائاً وأبطال. في اليوم التالي كانت كندة الخضر مراسلة قناة سما (الموالية للنظام السوري) قد وصلت الموقع على عجل هي وفريقها الفني، إذ صورت على عجلٍ أيضاً تقريرا تلفزيونيا تحكي فيه قصة النصر الكبير الذي حققه جيشها “الباسل” متباهية ومتناسية بشكل مقصود نظاراتها الشمسية الفاخرة وبنطالها الضيق وجزمتها الطويلة وحمرة شفاهها زهرية اللون لتقول: “نحنا بس منعيش هيك، وانتو بتموتو بهالطريقة”.

ليش ما عنا أكل ؟!

سأل طفلٌ جائع من سكان مخيم اليرموك في دمشق أمّه عن سبب عدم توفر الطعام في المنزل بسبب الحصار المفروض عليهم منذ أشهر قائلاً: “ماما ليش ما عاد عنا أكل متل اول، فجاوبته مستغلّةً الموقف، علّ زوجها يخفّف من نشاطه المعارض: “بشّار يملك الأكل واللحمة لكنّه لن يعطيه لنا لأنه وأباك متخاصمان، اطلب من ” البابا” أن يكفّ عن ذلك .. يصبح عندنا ” أكل ولحمة”.
ذهب وسأل أباه: “بابا .. مين هاد بشّار لحتّى يعطينا أكل أو ما يعطينا ؟!”.