القلمون، ريف دمشق، سوريا، 10 يناير، (مالك أبو خير، خاص أخبار الآن) –
عددهم تجاوز الالآف معظمهم من النساء والاطفال، في كل عائلة لابد من شهيد او معتقل لدى نظام الاسد، منهم من رحل بعد فقد كل شي خلفه فإما دمر منزله او تحول لنقطة عسكرية، وصلوا الى القلمون ومع كل عائلة منهم حكاية تكفي لصياغة رواية كاملة ومن عدة فصول أيضاً، قبل دخولنا منطقة القلمون كنا نسمع عن مساعدات تقدم من قبل الائتلاف ومؤسساته الى الداخل السوري ووفقاً لبعض التصريحات فإن التقصير في دعم اللاجئين في الخارج نتيجة للاهتمام بالداخل السوري، لكن عندما وصلنا وجدنا ان هذا الاهتمام لا وجود له على الاطلاق.
مئات من الاسر تسكن مدارس وابنية غير صالحة للسكن، في حين أن البعض استقر في الجوامع ودور العبادة، ضمن ظروف قاسية وانعدام لاي وسائل تدفئة في وقت البرد والصقيع على اشده، حيث نبدأ بالحديث عن وسائل التدفئة، فقد باتت اكياس القمامة وبقايا الثياب الممزقة وما توفر من اغصان الشجر هو اهم وسائل التدفئة وقد قام البعض بتحويل علب التنك الى ادوات لحرق القمامة به والتدفئة عليه، فالوقود غير متوفر وان توفر فسعره قد يعجر سكان القلمون انفسهم عن تأمينه فكيف اللاجئين.
” محمد ” من مدينة حمص وتحديداً من القصير لجأ الى القلمون مع عائلته حيث يقول:” منذ وصولنا مع النازحين من اهالي القصير لم نتلقى أي عون من اية جهة اغاثية، كل ما يأتينا هو من اهالي القلمون انفسهم او من الجيش الحر الذي يقدم لنا ما يحصل عليه من غنائم، اذ بعد نزوحنا من القصير جاءت الينا احدى الجمعيات والتي قالت انها من قبل الائتلاف لتسجل احتياجاتنا وبالفعل قام الموظفون بتسجيل كل ما طلبناه منها لكننا لم نشاهد وجوههم حتى اليوم، اطفالنا تعاني امراضا عديدة ووضعنا لا نحسد عليه نعيش ضمن غرف تعاني رطوبة عالية وعدم توفر حمامات لنا حيث نضطر للذهاب إلى العراء لقضاء حاجتنا”.
عند زيارتك لاماكن سكنهم تشعر بحجم المعاناة التي تعيشها الاسر، لا ماء ولا كهرباء ولا خدمات واحياناً يعجزون عن تأمين ثمن رغيف الخبز حيث يصل سعر ربطة الخبز ما بين ( 150 – 175) ل.س وهو سعر مرتفع بالنسبة اليهم طبعاً ان توفر الخبز لكون القلمون محاصرة من قبل النظام، وبالتالي يتم الاعتماد على الطحين الذي يتم تهريبه من لبنان.
في المقابل حال الاطفال وحده يحتاج الى حديث منفصل وسرد طويل، معظمهم خارج اطار التعليم، ومنهم من يعاني امراضا ناتجة اما عن البرد او سوء التغذية فمعظم الاطفال لا تتناول سوى وجبة واحدة في اليوم، وهناك اطفال تعاني من امراض نفسية ناتجة عن حجم القتل وفظاعة الحرب التي شهدوها، فمثلاً هناك احد الاطفال يصاب بحالة من الهستيريا عند سماعه صوت الرصاص ولا يتوقف الا بتناول نوع معين من المهدئات والذي قد لا يتوفر في صيدليات القلمون نتيجة للحصار.
” ام فاطمة” ام لثلاثة اطفال زوجها شهيد في معارك القصير وصلت الى القلمون بعدما فقدت الاتصال بكل عائلتها، تقول:” نزحنا الى القلمون والآن اعيش مع اطفال في احد الغرف التابعة لمزرعة للدجاج، احمد الله على كل شي، لكننا نعيش على ما يقدم لنا من فتات من اهالي القرية التي اقطنها، وقد كدت افقد احدى أطفالي نتيجة سوء التغذية وقلة الطعام، في حين نحن مهددون بالموت نتيجة البرد وعدم توفر التدفئة، حيث اشعر اننا نتحمل ثمن هذه الثورة وحدنا وندفع تكاليف الخسائر كلها دون ان يسمع احد وجعنا وما نعانيه”.
في القلمون الكثير من القصص والكثير من الروايات المؤلمة والنائمة في قلوب السوريين المهجرين، وحده الصمت من يجيب عليهم إن صرخوا وقالوا وجعهم، ويبقى الانتظار وتحمل الالم وحده مصيرهم كمصير ملايين السوريين في هذه الثورة.