باريس، فرنسا، 10 يناير 2014، وكالات –
شدد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس امس على ان الهدف من عقد مؤتمر “جنيف 2” هو نقل السلطة كاملة في سوريا الى حكومة انتقالية تجمع المعتدلين في صفوف النظام السوري والمعارضة.
وجدد موقف بلاده من عدم امكانية لعب بشار الأسد الموصوف دوليا ببمجرم ضد الانسانية أي دور في مسقبل البلاد وكذلك الامر نفسه ينسحب على المجموعات الارهابية.
وقال فابيوس في لقاء متلفز مع القناة الفرنسية الثانية ان “فرنسا كانت دائما تحبذ لو ان العالم استمع لرايها منذ حزيران 2012 فهي كانت تطلب من المجتمع الدولي حينها وخاصة من شركائها الاميركيين والاوروبيين تقديم الدعم الكاف للمعارضة السورية المعتدلة من اجل تحقيق تقدم حاسم امام النظام، ولكن للأسف كان هناك انقسامات بين الدول العربية في هذا الاطار وكانت الادارة الاميركية مشغولة بالانتخابات الرئاسية فلم تلق مقترحاتنا آذانا صاغية. في ذلك الوقت لم يكن هناك تورط مباشر لإيران وحزب الله في الصراع السوري كما ان المجموعات الارهابية لم تكن نافذة ميدانيا كما هي الآن. لكننا نؤمن ان الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة وبالتالي نحن نتطلع لإنجاح مؤتمر جنيف 2”.
وأكد فابيوس “صعوبة الوضع الراهن ميدانيا مع توسع نشاط المجموعات الارهابية التي تتقاطع مصالحها مع مصالح النظام فكلاهما سبب لوجود الآخر. النظام يزعم انه في حال تخليه عن السلطة فإن البلاد ستكون ساحة للارهابيين، والمجموعات الارهابية تقول انه اذا كان النظام سيسقط فنحن الاحق بحكم سوريا. لكن الاسرة الدولية بالطبع لا يمكن ان ترضى باستمرار بشار الأسد في الحكم او بلعبه اي دور في مستقبل البلاد فهو موصوف من اعلى جهة مستقلة في العالم امين عام الامم المتحدة بان كي مون بأنه مجرم ضد الانسانية. كما اننا في الوقت نفسه لا نريد سقوط سوريا في يد الارهابيين”.
وعن مشاركة الطرفين النظام والمعارضة في المؤتمر ورغبتهما في التوصل الى حل قال فابيوس “نعم الامر معقد. فالمعارضة من جهتها راغبة في المشاركة في جنيف ولكنها في الوقت عينه لا تريد ان تذهب لتفاوض في محادثات قد ينتهي بها الامر بابقاء الأسد في السلطة. ومن الجهة الثانية بشار الاسد راغب في ارسال وفد للمشاركة ولكني لست اكيدا من قبول الأسد بأن يفاوض الوفد في جنيف على مصيره هو. على كل حال لقد تلقت فرنسا امس دعوة رسمية من امين عام الامم المتحدة بان كي مون ونصها واضح جدا بان الهدف الرئيسي لمؤتمر جنيف هو التوصل الى تشكيل حكومة انتقالية من طرفي النزاع تستلم السلطات التنفيذية كاملة في سوريا. من هذا المنطلق آمل ان تتحمل جميع الدول الكبرى المشاركة في جنيف مسؤولياتها من اجل الضغط على النظام وتحقيق الهدف الذي يعقد المؤتمر من اجله وهو تشكيل حكومة انتقالية تضم معتدلين من المعارضة ومعتدلين من النظام بدون بشار الأسد”. واشار الوزير الفرنسي الى اهمية الاجتماع الذي تستضيفه باريس الاحد المقبل لنواة مجموعة اصدقاء سوريا من اجل التحضير بشكل واف لانجاح “جنيف 2”.
واصدرت الخارجية الفرنسية بيانا رسميا قالت فيه: “تنظم فرنسا في 12 كانون الثاني الجاري في باريس اجتماعا وزاريا لنواة مجموعة دول اصدقاء سوريا التي تضم 11 بلدا. وسيرأس هذا اللقاء وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بحضور وفد من الائتلاف الوطني السوري بقيادة رئيسه المعاد انتخابه احمد الجربا”.
اضاف البيان “سيسمح هذا اللقاء بإعادة تاكيد دعمنا الكامل للائتلاف الوطني السوري ومع اقتراب مؤتمر جنيف 2 هذا اللقاء سيعيد التأكيد أيضاً على رؤيتنا الموحدة لعملية انتقال سياسية تستجيب للتطلعات المشروعة للشعب السوري. ان تشكيل هيئة حكومية انتقالية لها كامل الصلاحيات واسلطات التنفيذية في سوريا هو الهدف المركزي لمؤتمر جنيف 2”. وختمت باريس “وبينما هروب النظام السوري الى الامام، من خلال القمع، يواصل تأزيم الوضع الانساني في سوريا سيؤكد اجتماع الأحد المقبل على ارادتنا تقديم مساعدات اكبر للائتلاف الوطني السوري والشعب السوري لا سيما في المناطق المحررة”.
وتجدر الاشارة الى ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سيلتقي نظيره الاميركي جون كيري في العاصمة الفرنسية يوم الاثنين المقبل اي مباشرة بعد الاجتماع.
كما كان الملف السوري حاضرا ايضا في اجتماع لوزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ مع نظيره الاردني ناصر جودة في لندن امس وايضا في لقاء فابيوس مع نظيره الياباني فوميوم كيشيدا الذي اكد بدوره دعم اليابان بشكل كامل الائتلاف الوطني السوري والحل المنشود في جنيف 2 وتطابق موقف طوكيو التام مع باريس في الملف السوري.
وتضم نواة اصدقاء سوريا 11 بلدا هي فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الاميركية وتركيا والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر والامارات العربية المتحدة والأردن والمانيا وايطاليا. واصبحت تعرف غالبا بإسم “لندن 11” بعد عقدها اغلب اجتماعاتها في العاصمة البريطانية العام الماضي. وسيعقد نهاية الاسبوع وزراء الخارجية العرب وفي مقدمهم وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل لقاءات ثنائية مع وزير الخارجية الاميركي جون كيري سيتم خلالها التطرق ايضا الى مسار عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
وتأتي اهمية اجتماع باريس كونه يأتي بعد لقاءات غربية ـ اسرائيلية (زيارة كيري الاخيرة الى اسرائيل) وغربية ـ ايرانية، بما يعني انه سيعقد بعدما تكون اتضحت الصورة بشكل اكبر لدى الديبلوماسيين الغربيين والعرب بعد الوقوف على وجهتي نظر دولتين معنيتين بشكل مباشر بالأزمة السورية هما اسرائيل القلقة دائما على امنها وايران الحضن الدافئ لبشار الأسد ونظامه. كما انه سيأتي قبل يومين من اجتماع تستضيفه الكويت للدول المانحة في 15 كانون الثاني الجاري من اجل تقديم المزيد من المساعدات الانسانية لملايين اللاجئين والنازحين داخل سوريا وخارجها.
وأمس اجتمع ممثلون عن مجموعات في المعارضة السورية في قرطبة جنوب اسبانيا “للحد” من انقساماتها قبل مؤتمر “مدريد 2”.
وقالت الخارجية الاسبانية في بيان انها تقدم بالتعاون مع هيئة دار العرب العامة “الدعم اللوجستي اللازم لاجتماع قرطبة في التاسع والعاشر من كانون الثاني لاعضاء المعارضة السورية لنظام الاسد وممثلي المجتمع المدني”.
ووصفت الوزارة المشاركين في الاجتماع بـ”الاصوات المهمة في المعارضة المشمولة بهدف الاندماج والاعتدال”، مشيرة الى انها تتوقع مشاركة “120 الى 150 عضوا في احزاب سياسية ومجموعات من المجتمع المدني وقادة روحيين واجتماعيين” لعقد الاجتماع الذي ينظم ايضا بالتعاون مع خارجية الاتحاد الاوروبي.
وجاء في البيان ان “اجتماع قرطبة يريد ان يعطي فرصة جديدة للسماح بالتحاور وبالحد من انقسامات المعارضة السورية في اطار عملية جنيف 2 والعملية السياسية الانتقالية في البلاد”، من دون توضيح المجموعات او الائتلافات الممثلة.
وقال محمد برمو ممثل حزب التنمية الوطني للاذاعة الاسبانية العامة ان “العدد الكبير للضحايا والجرحى واللاجئين والنازحين في سوريا (…) هذا ما يدفعنا اليوم الى الاجتماع من اجل سوريا من اجل امة ترسم نهجا جديدا لارساء السلام الذي نأمل ان يكون ممكنا”.
وقالت الوزارة ان “اجتماع قرطبة يندرج ضمن جهود الاسرة الدولية لايجاد حل سياسي عبر التفاوض لتسوية النزاع”.