بنغازي، ليبيا – 6 يناير 2014 – فدوى القلال أخبار الآن –  
 
وصلتنا رسالة من اب ليبي يستنجد بوسائل الاعلام لعله يجد ابنه الذي اختفى يوم 28 نوفمبر الماضي وهو في طريقه من مدينة بنغازي عائد الى مدينته درنه. يقول الأب ياسين ساسي بأن ولده جعفر ذا التسعة عشر عاما قد اختفى هو و ثلاثة  شباب من رفاقه بعد ان قام أفراد الأمن الذين يعملون على تأمين بوابة برسس بتفتيش سيارتهم، و من ثم انقطعت أخبارهم. يقول الأب في رسالته ان اهل مدينة درنه بصفةٍ عامة يتعرضون للتمييز و سوء المعاملة عند مرورهم من البوابة لذلك يخشى ان يكون قد تعرضوا الشباب للأذى و يطالب بحقه في معرفة مصير ابنه و رفاقه.
 
و من هنا انطلقت للبحث عن ملابسات هذه القصة التي شابها الغموض و استطعت ان اصل الى الابن الاخر للأستاذ ياسين ساسي،  (حذيفة ساسي) الذي فاجئني بمحور آخر لقصة الاختفاء!
 
اتضح لي ان الموضوع يحمل في طياته أكثر مما جاء في رسالة الوالد. وعلمت من حذيفه ان أخاه كان قد قرر السفر الى الجهاد في سوريا، حيث قال: “جعفر يرى أن هذا واجب شرعي وفقا لفتوي علماء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”، فسافر الشهر الماضي من مدينته درنه الى بنغازي ليسافر منها الى تركيا و من ثم يتمكن من دخول الأراضي السورية. لكن بسبب تعطل إجراءات إصدار جوازات السفر له و لصديقه الحسين محيميد لم يتمكن الشابان من السفر، و أثناء عودتهم الى درنه يوم 28 نوفمبر الماضي تم توقيفهم في بوابة برسس و اختفوا هم و رفاقهم منذ ذلك اليوم. يقول الأستاذ حذيفة ان الشباب كان معهم أسلحتهم الشخصية و مبلغ 50 الف دينار ليبي و لم يكن معهم اي نوع من المتفجرات كما يزعم البعض. و في نهاية حديثي معه، سألني  حذيفة، “ما هو المبرر لاعتقال او ربما قتل اربع شباب و اين هو دليل ادانتهم؟”
 
واقع مرير يجعلنا امام تساؤلات عدة عن السبب الذي يدفع شباب لم يتعدوا عقدهم الثاني الى ترك وطنهم للجهاد في بلد اخر، و عمن المسؤول عن الترتيب لسفرهم و من اين أتوا بتلك المبالغ الضخمة؟
 
توجهت بعدئذ لأحد المطلعين على قضية الاختفاء هذه (و الذي رفض ذكر اسمه) لأفاجأ برواية مختلفة تماما. روى لي بأن هؤلاء ‏‏الشباب الذين ينتمون الى الفكر الجهادي وُجد معهم يوم اختفائهم أدلة قوية تُشير لانتمائهم لنفس المجموعة التي شاركت في أعمال سابقة ضد وحدات من الجيش الليبي. و ‏ان مصيرهم مجهول بين ثلاث فرضيات، ‏فإما أنهم قُتلوا عند البوابة، أو تم سجنهم في مكان آخر، أو أنه تم تهريبهم الى سوريا كما يروج البعض.
 
و قال المصدر ان التفجير الانتحاري الذي استهدف بوابة برسس منتصف شهر ديسمبر الماضي و الذي أودى بحياة شباب يعملون على تأمين البلاد يبدو و كأنه بالفعل تفجير انتقامي ردا على اختفاء الشباب الأربع؛ كما وضح ان بوابة برسس قد أربكت خط الإمداد بين مدينتي درنه و بنغازي لذلك هي للأسف لا تحظى بدعم الحكومة لها بسبب ضغط بعض أعضاء المؤتمر المتحالفين مع تلك المجموعات الجهادية.
 
رحت أتساءل، هل اللجوء لهذه الاجراءات مع من ينتهجون طريق هؤلاء الشباب سيردع تلك التيارات ام انه سيزيد من وطأة التطرف في البلاد؟ … ففي غياب دولة القانون، ستتعدد الروايات و ووحده الانتقام سيرأس المشهد