دبي، الامارات العربية المتحدة، 31 ديسمبر 2013، أخبار الآن –

لم تمض سوى بضعة أعوام على الوجود الإيراني الرسمي في موريتانيا، حتى تحول الحديث من الاستغراب لهذا التقارب المفاجئ بين بلدين تباعد بينهما الجغرافيا بآلاف الكيلومترات ولا يجمعها من التاريخ إلا القليل المشترك من التراث الإسلامي، إلى حديث عن أياد إيرانية خفية تلعب على أوتار حساسة تصل في بعض الأحيان إلى المساس بالوحدة الوطنية والمذهبية الدينة لشعب كان على مر أكثر من عشرة قرون موحد المذهب الفقهي والعقيدة، والطريق إلى الله.
فالعزلة الجغرافية لموريتانيا الواقعة على الحدود الغربية للعالم العربي والإسلامي مكنتها من الحفاظ على وحدتها المذهبية، منذ وصل الإسلام إليها، وهي وحدة ترتكز على ثلاثية المذهب المالكي فقها، والسني عقيدة، والصوفي طريقا.

تقارب يضر المصالح
منذ وصول الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد العزيز عبر انقلاب عسكري إلى السلطة أواخر عام 2008 وجد النظام الجديد نفسه في عزله حقيقة، فالدول العربية والغربية لم تعترف بسلطة نظام وصل إلى الحكم عن طريق الانقلاب على رئيس منتخب بشهادة الجميع، ولم يكن من وسيلة لتمويل نفسه، إلا اللجوء إلى الحضن الإيراني، وتقديم خطاب مناهض للعلاقات مع إسرائيل، وتوطيد العلاقة مع ما كان يعرف قبل الثورات العربية بأنظمة الممانعة.
افتتح النظام الموريتاني الحالي سفارة كاملة الصلاحية لإيران في نواكشوط، وقد مد لها طوق نجاة كانت في أمس الحاجة إليه بفعل انقطاع علاقتها مع المملكة المغربية والسنغال وتوتر علاقتها مع الجزائر، وغامبيا، وذلك بفعل الأعمال التي تقوم بها تلك السفارات من نشر للمذهب الشيعي في منطقة كانت حتى بداية القرن الحادي والعشرين حكرا على المذهب السني.
وقد تسببت تلك العلاقات بكثير من الأضرار للدولة الموريتانية، ففضلا عن انزعاج دول الخليج من هذا التقارب المفاجئ بين إيران وموريتانيا، وهي الدول التي تعتبر الممول الرئيس لكثير من المشاريع التنموية في البلاد، وجد النظام نفسه يدور في فلك مغاير لتوجهات شعبه، وهو ما تجلى في وقوف النظام ضد خيارات الشعوب العربية أثناء ثورة ليبيا وسوريا، وإعلانها المساندة لتلك الأنظمة التي دمرت خيرات شعوبها، في وقت لم يجد فيه من حليفه الجديد في طهران غير عدد من السيارات منتهية الصلاحية قدمتها الحكومة الإيرانية عربون صداقة لنظام نواكشوط.

لعب على خطوط متعددة
منذ وصول السفارة الإيرانية إلى نواكشوط يتحدث خبراء محليون عن موجة من الدعوة العلنية والسرية  للمذهب الشيعي تقوم بها شخصيات وهيئات تحاول نشر هذا المذهب في موريتانيا، ويعمل النظام الإيراني على تعزيز هذا التوجه من خلاف استضافة تلك الشخصيات في الإعلام الإيراني الموجه إلى العالم العربي، وتقديمهم كأبطال، وصل ذلك أوجه حين قدم مذيع موريتاني في قناة العالم الإيرانية نشرة الأخبار وهو يرتدي الزي التقليدي الموريتاني، كما كثرت في الأونة الأخيرة نشاطات من يزعمون أنهم شيعة موريتانيون على شبكات التواصل الإجتماعي، وكثرت استضافتهم في القنوات الإيرانية.
غير أن الدعوة إلى المذهب الشيعي ليست سوى غطاء لما يدور في الخفاء، فحسب العارفين بالملف، فإن إيران تستغل سفاراتها في موريتانيا، لأغراض اقتصادية وأمنية، ووقعت مع موريتانيا عدة اتفاقيات في المجال الأمني تتضمن بيع أسلحة إيرانية لموريتانيا.
كما أن موقع مورتيانيا الإستراتيجي على الميحط الأطلسي، وانعدام الرقابة المالية على السوق السوداء، أتاح للحكومة الإيرانية الحصول على مليارات من العملة الصعبة في بلد يباع اليورو والدولار في الشارع من دون رقابة أو حصانة، كما أنه بلد ظل عبر التاريخ معبرا للتجارة الإفريقية الأوربية، وهو ما أتاح لإيران الحصول على مورد ومصدر غير خاضع للرقابة الدولية، التي تفرض عقوبات على كل من يتعامل مع إيران.
ولا يستعبد البعض أن يكون سكوت النظام الموريتاني عن حالة الرفض لنشر المذهب الشيعي في موريتانيا، محاولة لشغل الرأي العام المحلي الرافض لمواقف الحكومة الإيرانية وما تقوم من تدمير لبنية المجتمع وتدخلها السافر في القضايا العربية، ليظل الحديث عن محاولات التشييع، ولا يصل إلى فضح الجهود الأمنية والاقتصادية لإيران في بلد يعتبر البوابة الرئيسية للعالم العربي من الجهة الغربية.