القاهرة ، مصر ، 28  ديسمبر ، رويترز – 

مركز “الرصيف” في القاهرة فكرة بدأت قبل بضعة أعوام بهدف توفير مساحة مناسبة لأبناء وبنات الجيل الجديد في مصر للتعبير عن أنفسهم. ويستقبل المركز ُكل من يريد أن يمارس أو يتعلم لونا من الفنون أو الحرف اليدوية أو شكلا من أشكال الإبداع.

ثم تحول “الرصيفُ” إلى مساحة مفتوحة لأي فنان ٍ أو مبدع يبحث عن مكانٍ مناسب يُطلق فيه موهبتهُ ويساهمُ في تحقيق الفائدة للمجتمع.رغم ذلك وجهت السلطات ُعدة إنذاراتٍ إلى المركز بالانتقال إلى مكان ٍ آخر لا يزعجُ فيه صوتُ الموسيفى السكان.واستجاب “الرصيف” وبدأ يبحث عن مساحة أخرى للمبدعين والموهوبين لكنه اصطدم بضخامة أسعار العقارات خصوصا أن المركز ليست له موارد مالية تذكر.كانت شيماء يوسف وزوجها أحمد رجائي يحرران مجلة اسمها الرصيف في أعقاب ثورة 25 يناير كانون الثاني عام 2011.

وكانت المجلة مساحة مطبوعة يلتقي من خلالها أصحاب المواهب الفنية المختلفة والمبدعين برعاة الفنون وأصحاب الأفراح والمناسبات السعيدة الذين يبحثون عن فقرات فنية لإحياء حفلاتهم.تأمل شيماء وأحمد أن ينجحا من خلال مبادرتهما في المساهمة في علاج بعض المشاكل الناجمة عن منظومة التعليم في مصر ومشكلة بطالة خريجي الجامعات من خلال أفكار غير تقليدية.

كما يسعيا إلى إفساح المجال من خلال مساحة “الرصيف” للمبدعين من أبناء وبنات الجيل الجديد للالتقاء بالجمهور ورعاة الفنون ورجال الأعمال.يعرض فنان الكاريكاتير محمد وهبة مجموعة من أعماله في مركز “الرصيف” كما يقدم خبرته في الرسم للراغبين من رواد المركز.وقال وهبة “أنا متعود أن أنا لما أخش أي مكان لازم اشتراك.. لازم.. قوانين.. لازم كدا.. أول ما جئت المكان هنا قالوا لي المكان دا مكانك.. أو زي اللي بيقولوا اللي هو إيه.. دا بيتك. فأنت اعمل فيه اللي أنت عاوزه. مفيش حاجة بتحكمك هنا. أنت هنا حر.. كلنا هنا يعتبر أسرة واحدة يعني. يعني مثلا بنتعاون مع بعض كلنا.

إذا كان عندك حاجة عايز تعملها متاح لك أن أنت تعملها. فما بنقيدكش بشيء. أنت مثلا عاوز تمارس فنك بتبدأ تمارس فنك. عندك مثلا موهبة معينة.. عندك حاجة أنت مميز فيها بنبدأ نساعدك على أن أنت تبدع في الحاجة دي.”ولا يتقاضى مركز الرصيف أي أموال من رواده ولا من الجمهور إلا إذا كان الفنان أو المبدع يمارس عملا تجاريا بأجر داخل المكان فيطلب منه أن يساهم في المصروفات.

وذكرت شيماء يوسف أن “الرصيف” يشجع الشبان والفتيات على المشاركة المجتمعية والمساهمة في تحسين الوضع الاجتماعي في محيطهم.وقالت شيماء “فيه ورش موسيقى وفيه ورش صناعات يدوية وفيه ورش رسم وورش مهارات ذهنية. وفيه ساحة للعارضين اللي هم بيعملوا حاجة أنهم ييجوا يعرضوها للمجتمع اللي بيتفاعل مع المساحة دي. مساحة دائما.. أن أنت تقدر تيجي من خلالها تعبر عن اللي جواك بما يفيدك ويفيد المجتمع اللي أنت فيه.”
كثير من رواد “الرصيف” اكتشفوا مواهبهم الإبداعية داخل المكان وباتوا يساهمون في تعليم وتدريب الآخرين في المركز.

تدرس آمي شاكر العلوم السياسية في الجامعة وتهوى الرسم بالحناء الذي حولته إلى عمل تستطيع من خلالها تحقيق بعض الدخل المادي.
وقالت آمي “وأنا بارسم دلوقتي بارسم لها أسلوب (بالانجليزية) هندي من اللي بيتحط هناك في الهند في المناسبات وكدا. ودي حناء.. اللي هي الحناء الحمراء العادية.. الحناء السوداء.. وبتتحول للون البني بعد يوم. زي التفاحة كدا لما تتساب (تترك) برة وتؤكسد.. الموضوع بالنسبة لي ابتدأ هواية وبعد كدا قلب أنه هو يكون حاجة تجيب لي دخل يعني.”
آخرون من رواد “الرصيف” يمارسون أنشطة وأعمالا خيرية من خلال المركز. يرأس أحمد علي مجموعة “دليل الخير” التي تساعد المتبرعين في التعرف على جمعيات خيرية مختلفة الأنشطة والخدمات كما تتولى التنسيق بين بعض أنشطة المنظمات غير الحكومية في مجال العمل التطوعي.

وقال أحمد علي “لما بدأوا المكان هنا تقريبا بقى لهم داخلين على سنة تقريبا.. بصراحة بقينا نيجي كثير جدا علشان نعمل أغلب اجتماعاتنا ولقاءاتنا لأن احنا.. التجميع ما بين الجمعيات وبعض. فبنستخدم المكان دا كرصيف وكدا. الصراحة الناس … علينا جدا. فله أهمية كبيرة قوي في الحاجات دي. أي مبادرات.. حملات جديدة بنعملها.. عايزين نعمل اجتماع (بالانجليزية).. نجيب أيتام.. جبنا أيتام عملنا لهم حفلة هنا قبل كدا. يعني نستفيد جدا من المكان.”لكن “الرصيف” مهدد حاليا بالإغلاق.

وقال أحمد رجائي الشريك في تأسيس الرصيف “احنا نفسنا المؤسسين للمكان دا تعلمنا حاجات جديدة واستفدنا ولقينا اللي مفروض نعمله في حياتنا. عرفنا.. عرفنا الطريق اللي مفروض نمشي فيه.. علشان نبقى بني آدمين كويسين.. علشان نعدي الحياة دي واحنا عاملين حاجة كويسة لنا وللي حوالينا. فيعني أرجو من الحكومة أنهم يساعدونا في توفير المساحات.. أننا نقدر نتعلم فيها من بعض بس.”
ولا يسعى أحمد رجائي وشيماء يوسف ورواد الرصيف إلى الربح المادي بل يتشاركون جميعا كل فيما يتقنه في خلق فرص وأفكار ومبادرات جديدة يستفيد منها الفرد والمجتمع.