غازي عنتاب، تركيا، 15 ديسمبر 2013، (أخبار الآن) –
ألف يوم مرت والثورة السورية لم تحقق أهدافها بعد بالحرية والكرامة والعدالة، ألف يوم مرت خلالها هذه الثورة بعدة مراحل، ألف يوم مرت ولم يسقط النظام، والحصيلة نحو مئتي ألف قتيل، ومثلهم معتقلون وضعفهم من الجرحى، أما النازحون واللاجئون، فحدث ولا حرج .
بقيت الثورة سلمية لنحو 180 يوماً، وقع خلالها آلاف الضحايا وعشرات المجازر على يد قوات النظام والشبيحة، قبل أن ينشق عن الجيش ضباط ( كحسين هرموش، ورياض الأسعد، وماهر النعيمي، وعبد الرزاق طلاس ) وغيرهم، ليشكلوا نواة الجيش الحر الأولى والذي بدأ بلواء الضباط الأحرار .
حقق هذا الجيش بمساعدة متطوعين من الثوار انتصارات كبيرة، وسيطروا على مساحات واسعة من الأراضي السورية، وهو ما جعل قوات النظام لا يوفر نوعاً من الأسلحة إلا واستخدمها في جميع المناطق الثائرة.
استخدمت قوات النظام القصف الجوي بالبراميل المتفجرة والقنابل الفراغية والعنقوية، كما استخدم القصف المدفعي والصاروخي، وصولاً إلى قصف المناطق السكنية بصواريخ ( سكود ) البالستية، والتي راح ضحيتها العشرات في كل مرة، وليس انتهاءً طبعاً بالكيماوي، سلاح التدمير الشامل الذي استخدمته قوات الأسد على نطاق واسع في غوطة دمشق .
ورغم ذلك استمر تقدم الثوار الذين كانت قوتهم تتضاعف شيئاً فشيئاً، حتى كاد النظام يلفظ أنفاسه لولا التدخل المباشر للحرس الثوري الإيراني، ومليشيات حزب الله، وقوات جيش المهدي العراقي باسم لوء أبو الفضل العباس وغيرهما .
أمام هذه المعطيات، يقف المرء حائراً، بعد دخول الثورة الألفية الثانية من أيامها، فهل حققت الثورة أهدافها التي خرجت من أجلها ؟
وللإجابة عن هذا السؤال، أخبار الآن التقت أكثر من ناشط وصحفي معارض معني بشأن الثورة، حيث اعتبر الصحفي الكردي “آلجي حسين” أن مجرد القيام بثورة ضد نظام طاغٍ هو أكبر إنجاز للشعب السوري، موضحاً أن الثورة تُخطئ حين تتشبه في بعض من ممارساتها بأسلوب النظام الفاسد .
ويضيف حسين : “إن الثورة السورية طالت في مدتها، وهنا من الطبيعي أن تكثر الأخطاء التي كان أهمها تسلق بعض الجماعات المتأسلمة على الثورة ومحاولتها كسب منجزات أبطال سوريا، وهنا كان أكبر خطأ وقعنا فيه، وكان يجب ألا نجعل لهؤلاء غير السوريين حصة في وطننا”، يختم آلجي حسين .
أخطاء كثيرة ارتكبت باسم الثورة إذاً، ومنها اقصاء النخب الفكرية التي حاولت على قلتها أن تلحق بركب الثورة، وحتى ضد من كان من هذه النخب مواكباً لانطلاقتها كما يرى آخرون !
فقد انطلت حسب رأي الناشط والصحفي عقيل حسين على الجماهير خدعة، أن الثورات الجديدة تجاوزت النخب، وأنها ليست بحاجة للقيادات والكوادر، ما أدى لتقاعس هذه الجماهير عن حماية نخبهم حتى المحلية منها، فاغتيل بعضهم واعتقل الكثير منهم، لتجد الثورة نفسها أمام فقر كبير في القيادة والتوجيه، الأمر الذي أدى لسيطرة الفئات غير المثقفة التي يسهل أن تنقاد للعواطف وأن تسير في طريق الرعونة حسب قوله.
ويضيف عقيل حسين وهو من مدينة حلب : “إن أكبر أخطاء الثورة هنا، كان السماح للتنظيمات الجهادية بالسيطرة وأخذ أدوار قيادية، تحولت شيئاً فشيئاً إلى أدوار رئيسية اقصائية، فقدت معها الثورة كل معانيها” .
لكنه أكد أن هذا الخطأ لازال في حدود غير واسعة حتى الآن، وعدم مواجهته وإصلاحه سيعني تفاقمه وتوسع آثاره بحيث تنتهي الثورة ويكون مقتلها من هذا الباب.
وأضاف الصحفي المطلوب “لداعش” أنه سيكون من الخطأ مواجهة تنظيم مثل داعش بالسلاح، لكن من الخطأ بالمقابل عدم مواجهتها بسلاح الفكر والسياسة والخدمات والإغاثة، وهي الأسلحة التي تجيد استخدامها داعش.
بدوره يرى الكاتب والإعلامي محمد منصور “أن هناك من فقد الأمل من الثورة بعد أن ثقلت فاتورة آلامها على الشعب المشرد المضطهد المستهان به من أصدقائه قبل أعدائه، لكن الثورة ظلت ماضية بعزم أولي العزم، لا يضرها من خذلها، ولا يغرها من نصرها.
ويؤكد منصور أن الثورة السورية لم تفقد الأمل بانتصارها، ولا الإيمان بمشروعيتها ، فمع كل قطرة دم شهيد كما يقول، كانت تزداد الثورة قوة، حتى تصل هي إلى الحرية وأعداؤها إلى مزابل التاريخ !