سوريا , 12 ديسمبر 2013, وكالات-                              

هرب اكثر من مليوني سوري من الغارات الجوية والقصف بحثا عن ملجأ الا ان المأساة تبعتهم أينما حلوا، أكان في مخيمات متواضعة في دول الجوار، او خلال ترحالهم القاتل نحو شواطىء أوروبا.

كما يعاني النازحون السوريون من أوضاعٍ مأساويّة في مواجهة العاصفة  أليكسا، إذ تحطمت بعض الخيام في بعض المناطق، واجتاحت المياه العديد منها، عدا عن النقص الكبير في الوقود ووسائل التدفئة المتوفّرة، وتبدو المساعدات شحيحة جداً مقارنة بحجم الكارثة،في ظل ذلك عمل بعض السوريين وغيرهم على نشر صور لأطفال سوريا عبر مواقع التواصل الإجتماعي ، وقام بعضهم بتصاميم لمحاولة التأثير على الرأي العام لمساعدة أولئك الأطفال

 في لبنان، وجد عشرات الآلاف من اللاجئين انفسهم في مخيمات عشوائية على اراض غمرتها المياه والثلوج مع بدء فصل الشتاء، بينما واجه اقرانهم في مصر ملاحقة السلطات الرسمية والخطر الداهم بالترحيل.

 قلة محظوظة تمكنت من نيل اللجوء في اوروبا، في حين وجد الكثيرون انفسهم مقيمين في ملاجئ مكتظة بائسة. 

وسلك اللاجئون السوريون بدورهم دروب الباحثين عن فرص اقتصادية ومعيشية أفضل، أكانوا من النيجر ام اريتريا ام دول صغيرة مماثلة. واجتمعت مصائر هؤلاء على متن مراكب هشة من افريقيا الى اوروبا، او من آسيا في اتجاه اوروبا، مقابل آلاف الدولارات يدفعونها لمهربين.

 وعلى رغم اقتراب الموعد المحدد لمؤتمر جنيف 2 الهادف الى البحث عن حل للنزاع السوري الذي يقترب من اتمام عامه الثالث، تتوقع المنظمات الدولية والاغاثية ان تزداد الازمة سوءا في العام 2014.

 وفرض تدفق اللاجئين ضغوطا هائلة على الدول المجاورة لسوريا، ومنها لبنان الصغير الذي يتحمل العبء الاكبر.

 وبحسب ارقام الامم المتحدة، يستضيف هذا البلد الصغير ذي الموارد المحدودة اكثر من 825 ألف لاجئ سوري مسجلين، في حين تقدر السلطات العدد بأكثر من مليون، ما يوازي ربع عدد السكان.

 واذ لقي لبنان ترحيب المجتمع الدولي لابقائه الحدود مفتوحة امام تدفق اللاجئين السوريين، الا ان الخلافات السياسية تحول دون اقامة مخيمات رسمية لهم.

 إزاء ذلك، يقيم هؤلاء في منازل عائلات مضيفة او شقق مستأجرة، بينما لجأ قسم كبير منهم الى مخيمات عشوائية وموقتة غالبيتها في منطقة البقاع (شرق)، مؤلفة من خيم بلاستيكية مثبتة بأعمدة خشبية، ومقامة على اراض ترابية تستحيل وحلا بمجرد تساقط المطر.

 وقال صقر وهو فتى في الثالثة عشرة التقته وكالة فرانس برس امس الاربعاء في احد مخيمات البقاع بعد ان ضربت عاصفة قاسية لبنان “لا نتحمل البرد. البرد شديد  لا يوجد تدفئة في خيمتنا. عندما يذوب الثلج يدخل الى الخيمة وتفيض المياه في كل مكان. والبراكيات (الخيام) تهبط علينا”.

 وتقول المتحدثة باسم المفوضية العليا للاجئين روبرتا روسو ان حجم تدفق اللاجئين الى لبنان هذه السنة فرض تحديات جمة. “في كانون الاول/ديسمبر العام الماضي، كان العدد اقل من 200 ألف لاجئ، وحاليا يقارب 830 ألفا”، في حين ان “التمويل (للمساعدات) لم يتضاعف بالنسب نفسها”.

 اما الاردن فأقام مخيمات ابرزها الزعتري (شمال) الذي يضم 130 ألف شخص، في منطقة صحراوية، ما يولد رغبة لدى الكثيرين بالمغادرة، مثل حسن نشوى الذي قال لفرانس برس “الحل الوحيد هو العودة الى سوريا لان هذا المخيم هو مجرد سجن كبير”.

 وسجلت ابرز موجات النزوح هذا العام خلال شهر آب/اغسطس، مع عبور اكثر من 50 الف شخص الحدود من شمال سوريا في اتجاه مناطق الحكم الذاتي الكردي في شمال العراق.

 وفي تركيا، يتوزع اكثر من 600 الف لاجئ على مناطق واسعة من البلاد، ربعهم فقط في مخيمات. 

في اسطنبول، تفترش عائلات واطفال الشوارع والحدائق العامة، حيث يتوسلون للحصول على لقمة العيش، وينامون في العراء في بلد يصعب عليهم العثور على فرص عمل فيه نظرا الى عدم معرفتهم اللغة. 

في مصر، وجد السوريون انفسهم محط انتقادات وهجمات بعد عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي مطلع تموز/يوليو، وهو الذي كان داعما بشدة للمعارضة السورية الساعية لاسقاط الرئيس بشار الاسد. وفي اوروبا، اعلنت السويد منح اللجوء لكل سوري يصل الى اراضيها. 

بين هؤلاء عائلة خالد الهدل التي وصلت الى البلد بجوازات سفر بلجيكية مزورة. وقال خالد ان الامر كان يستحق العناء. واضاف “بامكاننا الاقامة هنا، والحصول على الجنسية”مشيرا الى انه بات في امكانه ان يحلم بأن تصبح ابنته طبيبة.

 الا ان بريق اللجوء الى القارة العجوز انعكس خيبة أمل بالنسبة الى الكثيرين الذين حاولوا دخولها عن طريق بلغاريا، اكثر الدول الاوروبية فقرا، اذ ضاقت المنشآت المخصصة للاجئين سريعا بأعداد كبيرة منهم باتوا يعيشون في ظروف مزرية، وسط برد قارس ونقص الادوية والحاجات الاساسية.

 كما كان البحث عن ملجأ بعيدا من الحرب، مغامرة قاتلة للعشرات الذين صعدوا على متن مراكب صغيرة في مسعى للوصول الى شواطئ أوروبا بطريقة غير قانونية.

 وتقاطعت سبل هؤلاء مع مهاجرين من دول اخرى في الشرق الاوسط وافريقيا، يبحثون عن “نعيم اقتصادي” في اوروبا. الا ان العشرات منهم لاقوا حتفهم مطلع تشرين الاول/اكتوبر في غرق مراكب صغيرة قبالة سواحل ايطاليا ومالطا. 

وفي حين دفعت هذه المآسي الدول الاوروبية الى البحث عن حلول تقي المهاجرين خطر الموت، لا تزال دول عديدة ذات موارد محدودة مترددة في فتح حدودها امام موجات الهجرة المتزايدة.

 ومع استمرار النزاع السوري، تحذر المنظمات الانسانية من تزايد التوترات التي ترافق ازمة اللاجئين، لا سيما بينهم وبين المجتمعات المحلية كما حصل مطلع كانون الاول/ديسمبر في لبنان.

 فقد اقدم سكان بلدة في شرق البلاد على احراق خيم للاجئين السوريين وطردهم بعد اتهام عدد منهم باغتصاب شاب، علما ان تقرير طب شرعي نفى حصول اي اعتداء.

 وتوضح روسو ان جهود المفوضية العليا للاجئين ستتركز السنة المقبلة على الحد من توترات مماثلة “اذا استمرينا على هذه الحال، سيتصاعد التوتر ويمكن للوضع ان يتدهور”.