دبي، 6 أكتوبر 2013 ، هاني الملاذي، أخبار الآن
يوماً بعد يوم يزيد تنظيم “داعش” المرتبط بالقاعدة مقدار الخسارة والأضرار الذي يصيب الثورة السورية الطامحة للاستقلال والتخلص من ظلم الإجرام والاستبداد. تنظيم داعش بات في الآونة الأخيرة يوجه سلاحه جهاراً في وجه كتائب الجيش الحر وليس بوجه قوات نظام الأسد التي ادعى محاربتها مايطرح الكثير من التساؤلات حول مدى التناغم والتلاقي بين أهداف “داعش” وأهداف النظام السوري ذاته ربما تقاتل فصائل عسكرية كثيرة خلفياتها دينية بين صفوف معارضي الأسد، غير أنها لا تشاطر الفصائل المنتمية الى “القاعدة”، وغالبيتهم أجانب، طموحاتها في المنطقة والعالم. أكثر من ذلك، معارضون وناشطون سوريون اتهموا ولايزالوا تنظيم داعش بتنفيذ أجندة وصفوها بالمشبوهة، وبمحاولة بسط سلطته على مواقع جغرافية حساسة، وطرد عناصر الجيش الحر منها. هذه الاتهامات ازدادت حدة بعدما اقتحم مقاتلو التنظيم مدينة أعزاز بريف حلب، والتي كان يسيطر عليها لواء “عاصفة الشمال” التابع للجيش الحر، ومحاولة السيطرة على المعبر الحدودي مع تركيا، وكانوا قبل ذلك اشتبكوا مع تشكيلات أخرى من الجيش الحر في كل من الرقة ودير الزور وإدلب وكلها مناطق نحررت من قبضة الأسد.يضيف مراقبون ومتابعون أن ما يُعرَف بـ تنظيم داعش وكلما ضاق الخناق على قوات النظام السوري يبالغ في دخول مواجهات عسكرية مع كتائب الجيش الحر تارة ومسلحين أكراد تارة أخرى مستزفة قدراتهم العسكرية والبشرية والمالية. مواجهات تنال سخط السوريين من جهة وتصب أولاً وأخيراً في مصلحة النظام الذي يثورون ضده، من جهة أخرى
ثمة احتمالان أو سيناريوهان في تفسير هذا التناغم الواضح بين نتائج سياسات داعش وبين أهداف النظام في سورية
الأول أن يكون هذا التنظيم صنيعة استخبارات إقليمية بمشاركة النظام ذاته لتحقيق أجندات مختلفة، وأجندة النظام السوري هنا، أن تشكل داعش فزاعة يخيف بها الداخل والخارج لتثبيت ودعم افتراءاته، وأن تكون إسفيناً في ظهر الكتائب المسلحة المعارضة له.
والثاني أن يكون هذا التنظيم مستقلاً لكنه مخترَق من جانب النظام عبر زرع عناصر مؤثرة في قراره ورسم وتوقيت تحركاته العسكرية.
وفي كلتا الحالتين سواء سلمنا أن قياداتِ التنظيم يعملون بمفردهم أو بتنسيق بشكل أو بآخر مع نظام الأسد
فإن الثابت على الأرض أن نشاط داعش يبدو أكثر وأوضح حضوراً في المناطق المحررة.
في استعراض نتائج وجود وتصرفات “داعش” على الثورة السورية، نرصد البعض منها:
1. عرقلة اتخاذ قرار سياسي في كل من النواب البريطاني والكونغرس الأمريكي داعم للتدخل العسكري ضد نظام الأسد بعد أن بات وفي كثير من المناسبات التخوف من وجود داعش كفصيل أساسي للمعارضة يفوق التخوف من وجود الأسد ذاته.
2. خلط أوراق المعارضة السورية المتبعثرة أصلا، وضرب أهم عناصر قوتها التي سعت لتفعيله وهو توحيد الكتائب المسلحة تحت كنف الائتلاف الوطني
3. أغلاق تركيا المعبر الحدودي الأساسي في باب السلامة نتيجة تواجد داعش قريباً منه بعد أن كان يشكل شريان الحركة الأساسي للمعارضة السياسية والعسكرية من وإلى سورية، وتلويح الأردن بإعلاق معابرها مع سورية في حال سقوطها بيد المعارضة.
4. دك أسفين في الحامل الشعبي للمعارضة عبر إثارة مخاوف جهات متعاطفة مع الثورة من الأقليات العرقية والدينية من إمكانية سيطرة داعش على مناطق في سورية بعيد سقوط الأسد
في مطلق الأحوال لا أحد يستطيع إنكار حقيقة تقول إن نتائج تصرفات داعش سياسيا وإعلامياً أمام الرأي العام العربي والغربي والرأي الرسمي أيضاً يصب في مصلحة الأسد
فلا دول الجوار ولا المجتمع الدولي يقبل أن تفضي ثورة الشعب السوري مهما بلغت تضحياتها ومآسيها، إلى وجود تنظيم مرتبط بالقاعدة كبديل مسيطر على الأرض.
وهكذا ينتشي الأسد بمستجدات الأوضاع كأوراق تسند مواقفه الحرجة، لسان حاله يقول الآن مسوقاً أمام محطات التلفزيون وفي أروقة المحافل الدولية ، انظروا إلى البديل في حال تركت البلاد، ها هو البديل الأكثر حضوراً،
داعش .
كل ما سبق يوحي بأن الصراع في سوريا ربما سيتجه نحو لحظة مواجهة حاسمة وقادمة بين مكونات الثورة ذاتها من جهة والمجموعات المرتبطة بالقاعدة من جهة أخرى.
فثورة الشعب السوري هي ضد كل أشكال الاستبداد التي لطالما اشتهر بها النظام السوري وضد كل ميليشيات الإجرام التي طالما أيضاً عرف عن النظام السوري أنه يرعاها أويوجهها أو يحتفي بها لخدمة أجنداته..