ريف دمشق، سوريا، 23 سبتمبر، (محمد صلاح الدين، أخبار الآن) – لكل ثورةٍ تكلفتها التي تلقي بآثارها على كاهل الشعوب .. فكيف إذا تحولت الثورة إلى حرب طويلة الأمد !!

الأمهات هنّ الخاسرات الأكبر في هذه الحرب .. 
لا تكاد عائلة سورية معارضة كانت أم مؤيدة تخلو من معاناة سببها غياب واحدٍ أو أكثر من أبناءها سواءً كان الغائب ميتاً أو معتقلاً أو مخطوفاً أو حتى مفقوداً.

حرقوا قلبها قبل أن يحرقوا فلذات أكبادها..

في جديدة الفضل داهم عدد من عناصر قوات النظام البلدة الصغيرة ودخلوا أحد المنازل فاعتقلوا رجلاً وولده الصغير فتدخلت ام سامر ترجوهم اطلاق سراح ابنها وحفيدها فما كان منهم إلّا ان أردوهما قتلى رمياً بالرصاص ثمّ أحرقوهما أمام ناظرها التي يحترق قلبها على ابنها وحفيدها .. وبعد أن غادروا وجدت جزءاً من قطعة نقدية ورقية لم تلتهمها النيران فأخذتها وراحت هائمة على وجهها تبكي فلذة كبدها وهي تقول : “هذا ما بقي لي منه”.

ظلامٌ لم ينجلي بعد..

أكثر المشاهد سوداوية تلك التي جرت مؤخراً إثر مجزرة الكيماوي الشهيرة بعد أن فقدت مئات الأمهات أطفالاً صغاراً كانوا يرقدون في أحضانهن .. في زملكا تقول راما وهي أمٌ لطفل لم يتجاوز عمره السنة: “كنت أحتضنه بحنان عندما ألقى المجرم علينا غازات الموت البطيء، بدأت روحي تنساب من جسدي وأنا أرى مجد يغادرني بلا رجعة ليكمل نومه بعيداً عن الضوضاء التي أقلقت مستقبله، حينها فقدت عقلي ورحت أصرخ بأعلى صوتي أريد ابني حتى غبت عن الوعي، ولما أفقت أيقنت أن مجد لم يعد موجوداً في حياتنا لكنه سيبقى في وجداننا.  
وتقول أمُّ هادي التي هجرت منزلها في حي جوبر بعد أن قتل زوجها بقصف لقوات النظام وأقامت في عين ترما: “لدي طفلان اكبرهما هادي 11 عاما والآخر عماد 7 سنوات، فقدتهما بعد أن أُسعفنا جميعاً إلى المشافي الميدانية، لما صحونا من هول المصيبة وبدأت أبحث عنهما وجدت هادي بين من قتلهم الكيماوي فيما لايزال عماد مختفيا لا أثر له، تمنيت لو قتلت يومها قبل أن أفقد من كنت أعيش لأجلهم”.

أن تكون مؤيدا للنظام لا يعني أن تكون بعيداً عن الألم..

على الجانب الآخر فإنّ أمهات قوات النظام يعانين الأمر ذاته ففلذات أكبادهن يواجهن الموت في حرب تطحن كل شيء دون تمييز. فقد فقدت أمّ عمّار ابنيها أحدهما كان جندياً في صفوف قوات النظام وقتل في معارك حلب ضد الجيش الحر فيما فقدت الآخر بعد أن اختطفه الشبيحة أثناء عودته من جامعته وطالبوا أهله بفدية عجزوا عن سدادها فأرسلوه لأمه جثة هامدة في مشهد مأساوي تقول عنه الأم الثكلى عجزت عن افتداء ابني بالمال.

لفتة نظر لمأساة مغيبة..

يقول تيم حناوي وهو مخرج سوري شاب درس الإخراج السينمائي في مصر وأوكرانيا إنّ غياب الموضوع على أهميته عن الإعلام جعله يفكّر بفيلم قصير يعبّر فيه عن معاناة الأمهات اللاتي يقتلن ألف مرة قبل أن يعرفن مصير أبنائهن الذين غيبهم الخطف او باتوا في عداد المفقودين يضيف تيم: “إن فيلم (وينن) القصير يعطي المشاهد انطباعاً عن مشاعر تلك الأم التي تفقد ابنها وتحلم بلقائه مهما طال بهما البعد”، وإن فيلمه يعبر عن قصة حقيقية باتت موجودة في كل حي وشارع من شوارع سوريا التي تنزف.

 

اضغط هنا ===> رابط فيلم “وينن” على اليوتيوب: