بلدة الدانا، ريف إدلب، سوريا، 23 سبتمبر، (فارس الفارس، أخبار الآن) – تسيطر داعش على بلدة الدانا في الريف الإدلبي والتي لاتبعد سوى عدة كيلوات عن معبر باب الهوى الحدودي، حيث جعلت منها مقراً لولايتها المزمع إنشائها في محافظة إدلب، وفقاً لعدد من المقاتلين فيها.

وبحسب عدد من الأهالي فإن سيطرة “داعش” على البلدة جاءت إثر خلاف بين كتائب الحر في البلدة على ما وصف بالغنائم، أو اختلاف على دبابة حربية، اغتنمتها تلك الفصائل من قوات الأسد في المعارك، حيث سبق سيطرتها بيومين قتال شرس بين كتائب البلدة استمر لساعات طويلة، انتهى بسقوط قتيل وجرح آخرين.

ووفقاً للأهالي فإن تلك الليلة كانت عصيبة جداً، حيث قضت أصوات المدافع مضجعهم، وأبقت على عيونهم ساهرة طوال الليل تراقب ما يجري في البلدة الوادعة التي بقيت لأيام وأشهر طويلة لا تسمع فيها طلقة رصاص أو صوت مدفع.

وبحسب عدة ثوار في المنطقة فإن “داعش” استغلت الفرقة بين الفصائل، وأخذت دور شرطي السير في البلدة، لتداهم مقرات الحر هناك وتستولي على السلاح والذخيرة وتجعلهم بلا شوكة.

لم تهدأ الأمور طويلاً في البلدة، فهناك هدوء من المتوقع أن تسبقه عاصفة، إلى أن جاء يوم خرجت فيه مظاهرة تندد بأعمال الدولة وبمحاولة إقامة ولايتهم المنشودة هناك، فخرجت وفقاً للأهالي مظاهرة تطالب بمقابلة والي البلدة الداعشية “أبو أسامة التونسي” الذي اصيب في معارك مع النظام في الريف الحمصي منذ أيام.

وبحسب عدد من الأهالي فإن ذاك اليوم كان عصيباً، حيث خرجت قوات من داعش مشطت البلدة، وداهمت البيوت واعتقلت عدد من الأهالي وصادرت الأسلحة من المنازل ولم تبق حتى على السلاح الفردي، واشتبكت في حينها مع القيادي في الحر “فادي القش” وعناصره الذي اتهمته بالوقوف وراء العملية.

ووفقاً لمصدر قضائي، فإن القضية أحيلت لمحكمة في الريف الحلبي للتحكيم فيها، وبعد موافقة “القش” على التحكيم، قتل هو وشقيقه في ظروف غامضة في الطريق الواصل ما بين بلدة دارة عزة في الريف الحلبي وبلدة الدانا الإدلبية.

وبحسب الأهالي فإن مقاتلي “داعش” نحروا “القش” وشقيقه، وقطعوا رأسيهما ووضعوهما في بازار البلدة، حيث يصف أحد الأهالي حالة الأم المفجوعة بمقتل ولديها، وهي تمشي ما بين الرأس والجسد في حالة وصفت باللحظة التي قتلت فيها الإنسانية وفقاً لتعبير أحد حقوقي البلدة.

وبدأت “داعش” بالتصرف والتعامل مع أهالي البلدة كرعايا لها خلال إصدار الأوامر التي تتعلق بتسيير أمور الحياة في البلدة من خلال تسيير دوريات لمخفر الشرطة الذي أستحدثته فيها لرعاية أمور المواطنين وإنشاء شبكة جواسيس تابعة لها تقدم المعلومات الاستخباراتية عن سكان البلدة والايقاع بهم.

ووفقاً لمراسل أخبار الآن فإن “داعش” أصدرت قرارت في الأونة الأخيرة تقضي بمنع التدخين في الأماكن العامة، ومنع بيعه في المحال التجارية، متوعدة المخالفين بعقوبات رادعة قد تصل حد حرق المحال وفقاً لأحد مقاتلي “داعش”.

وتناقل أهالي البلدة خبر إطفاء “سيجارة” في يد أحد سكان البلدة بعد مشاهدته يقوم بالتدخين في شوارع البلدة الإدلبية، كما اجتمع والي الدولة السابق “أبو أسامة” مع أصحاب الجمعيات السكنية، مطالباً إياهم بضرورة الإسراع في تسليم الشقق لأصحابها، بعد شكاية تقدم بها عدد من المواطنين ضد المستثمرين في البلدة.

كما اجتمع الوالي وفقاً لمصادر محلية بمستأجري المحال التجارية، مطالباً إياهم بضرورة الخروج من المحال أو دفع الأجارات بشكل منتظم وبحسب أسعار السوق الحالي، ومن لم يستطع ستتكفل “الدولة الداعشية” بمساعدته وفقاً لمصادرنا الخاصة.

ووفقاً لمراسلنا فقد استدعى الوالي الجديد “أبو عبدالله الليبي” الذي قتل مؤخرا على أيدي مجهولين قرب معبر باب الهوى ، أصحاب السرافيس (الحافلات الصغيرة) في البلدة، واستمع لمعاناتهم، مطالباً إياهم بضروة الإخلاص في العمل وعدم ابتزاز المواطنين تحت طائلة العقوبات التي قد تصل بحسب القوانين الداعشية لحد قطع اليد أو قطع الرأس ان اتهم بالردة أو الكفر أو إعاقة مصالح عباد الله.

كما منعت داعش في البلدة مرور الدراجات النارية، والسيارات إلى داخل البلدة حرصاً على عدم إزعاج المواطنين، بحسب تعليلها للقرار، الأمر الذي رأى فيه عدد من مواطني البلدة في تلك القرارت خوفاً من استهدافات قد تطال مقرات داعش في البلدة.

وبحسب الأهالي فإن “داعش” وزعت مناشير على المحال التجارية مطالبة إياهم بوضع التسعيرة على السلع، كما منعت فتح المحال أثناء أوقات الصلاة متوعدة المخالفين بعقوبات رادعة ومشددة.

بدوره أفاد مراسلنا في بلدة الدانا في الريف الإدلبي أن “داعش” طردت قبل أيام قليلة قاضي محكمة البداية في البلدة، والذي كان يقوم على مصالح الناس من خلال تصديق الأوراق الرسمية وتصديق الكفالات، ما يخفف على المواطن ويغنيه عن تعب السفر، الأمر الذي رأى فيه عدد كبير من السكان اضراراً بمصالحهم وخدمة للنظام.

كما أشار مراسلنا إلى أن “داعش” أغلقت جميع الطرق المؤدية للبلدة والبالغ عددها حوالي الـ10 طرقات، محددة مسار السيارات بطريق واحد تقوم هي على إدارته من خلال حواجزها المدعمين برشاشات البي كي سي والمدرعات.

وتحدث مراسلنا عن حالات استنفار في صفوف داعش في بلدة الدانا بعد اغتيال والي البلدة وعدد من عناصره على أيدي مجهولين قرب معبر باب الهوى الحدودي، الأمر الذي فرض حالة من الارتباك في صفوف مقاتلي الدولة في البلدة.

الجدير بالذكر أن بلدة الدانا تعتبر مركز الحراك الداعشي الذي تحاول فيه ما يسمى بدولة الإسلام في العراق والشام أن تفرض سلطتها على البلدة والبلدات المجاورة في إطار طموحها لإيجاد ولاية داعشية تشمل الشمال السوري الذي يعتبر البوابة الرئيسية للعبور للمدن الأخرى والتحكم بحركة الحدود مع تركية من خلال قيامها مؤخراً بالسيطرة على مدينة اعزاز الحلبية القريبة من معبر باب السلامة، واشتباكها مع قوات الجيش الحر في بلدات حزانو لتؤمن الطريق لمعبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.