البصرة, العراق,  سبتمبر 2013, وكالات, أخبار الآن

قرر مجلس محافظة البصرة في الآونة الأخيرة تخصيص ميزانية سنوية تبلغ ثلاثة َ ملايين وثمانمئة مليون دولار من عائدات المحافظة من تصدير النفط لعلاج مرضى السرطان.
 
ونتيجة الحروب التي مر بها العراق على مدار الثلاثين عاما الماضية, يُعزى الارتفاع الحاد بالاصابة بمرض السرطان في محافظة البصرة إلى الكميات الهائلة من ذخائر اليورانيوم التي استـُخدمت في الحروب, حيث كانت ساحة للقتال.
كما أن البصرة تحملت وطأة الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات في الثمانينات ووطأة الحرب في العراق عام ألفين وثلاثة.

ويعزى إلى الكميات الهائلة من ذخائر اليورانيوم المستنفد التي استخدمت في البصرة الارتفاع الحاد في حالات الإصابة بالسرطان وحالات تشوه الأجنة وغيرها من المشاكل الصحية في المنطقة.

وقال خلف عبد الصمد رئيس مجلس محافظة البصرة “البصرة قياسا بالوضع العام بالعراق لها خصوصية باعتبار كل الحروب التي حدثت. وأصبحت البصرة هي ساحة معركة. ولذلك التأثيرات السلبية نتيجة هذه السياسات على البصرة أكثر من بقية المحافظات. فلذلك لا بد من وجود عمل استثنائي في المحافظة. على هذا الأساس تم اتخاذ قرار بتخصيص عشرة مليار لمعالجة مرضى السرطان.”

وذكر المسؤولون بمستشفى الأطفال في البصرة أن المستشفى يفتقر إلى المعدات والسعة السريرية لعلاج آلاف الحالات التي ترد إليه سنويا رغم أنه المكان الوحيد المتخصص في أمراض الأطفال في العراق.

وقالت الدكتورة جنان غالب حسن الأستاذ بكلية الطب في جامعة البصرة ورئيسة قسم الأمراض السرطانية بمستشفى البصرة للأطفال “قبل 1991 كان عندنا تقريبا 15 حالة تأتينا بالسنة كاملة. هذه السنة جاء لي.. تقريبا وصلنا 2000. معدل الحالات التي تأتينا بالشهر تعادل 1-.. 14 حالة بالشهر. معظم الحالات سرطان الدم بالإضافة إلى بقية حالات السرطان.”

ويخدم المستشفى محافظات البصرة وذي قار وميسان في جنوب العراق وتحال إليه أحيانا حالات من محافظة المثنى.

لكن الدكتورة جنان قالت إن 65 في المئة من الحالات تأتي من البصرة وعزت ذلك إلى تلوث البيئة من الذخائر التي استخدمت في الحروب.

وأضافت “في حالة تزايد وأتوقع بعد تزداد. أتوقع بعد تزداد. يعني احنا من‭‭91 ‬‬ إلى 95 زادت عندنا وهسة (الآن) في 2003 أكثر وحاليا بعد أكثر. قلت هسة بدأنا خمسة بالشهر تأتي حالات جديدة.. بعدين سبعة.. هسة 10.. إلى 12 صار عندنا هذا شهريا. هذه حالات جديدة أقصد.”

ويقول مسؤولون إن استخدام قوات التحالف والقوات الأمريكية لذخائر اليورانيوم المستنفد في عامي 1991 و2003 كان موضوعا لتوثيق مستفيض لكن يصعب إثبات وجود صلة بين تلك الذخار المشعة ومشاكل العراقيين الصحية.

ويصعب جمع بيانات صحية دقيقة في العراق بصفة عامة. كما يواجه الأطباء في البصرة على وجه الخصوص صعوبة بالغة في تحديد حالات الإصابة بالسرطان.

ويعيش سكان البصرة منذ أعوام بين تلال من خردة المعادن التي يحمل الهواء الصدأ منها إلى بيوت السكان وطعامهم وأجسامهم.

وقالت الدكتورة جنان “أورام خبيثة عجيبة تأتي. أورام العين هواي (كثيرة) عندنا. أورام الكلى هواي عندنا. يعني أطفال تبدأ‭‭ ‬‬من عمر ثلاثة أشهر فما فوق. لحد احنا نستلم 16 و17 (سنة) مرات نستلم حالات. فتوقع طفل عمره ثلاثة أشهر.. عمره ستة أشهر.. عنده لوكيميا.. سرطان دم.. عنده سرطان كلى. هواي أطفال يأتون هسة لو تشوف هواي أعمار مختلفة.”

وذكرت الطبيبة أن حالات إصابة بالسرطان سجلت في المنطقة الصحراوية القريبة من البصرة التي ترتفع فيها مستويات الإشعاع.

ودعت الدكتورة جنان المسؤولين إلى إنفاق المخصصات المالية الجديدة في شراء الأجهزة الطبية اللازمة وتدريب الأطباء.

وقالت “لو أفضل يعني هذه الفلس (الأموال) يجيبون أجهزة.. يرسلون أطباء للتدريب (بالانجليزية).. يجون مثلا أطباء جدد. أنا أحكي ندزهم (ندخلهم) تدريب (بالانجليزية) على علم الوراثة.. والكروموسومات والعلاج بالإشعاع وزرع النخاع (بالانجليزية). نفتح مركز (بالانجليزية) أكثر ما أعالج عشرة أطفال أعالج 200 طفل. مو أحسن مما أدزه (أرسل مريض السرطان) بره. هسة هم عندهم مبالغ.. أنا أفضل لو أبدأ بها. بس المبالغ اللي موجودة عندهم ما تفتح لك هذه المراكز التشخيصية. هذه علاج فقط.. قليلة.”

وشككت بعض الدراسات في النتائج السلبية لليورانيوم المستنفد لكن دراسات عديدة أخرى خلصت إلى أنه بالغ الخطورة.

واليورانيوم معدن ثقيل سام ومشع وإذا وصل إلى الجسم عن طريق التنفس أو الجلد يبقى بداخله عشرات السنوات.