نشرت قوات الامن بكثافة اليوم في جوبا عاصمة جنوب السودان بينما دعت الاذاعة الى الهدوء غداة اقالة الرئيس سلفا كير الحكومة في اطار تنافس سياسي مع نائبه ريك مشار. تمهيدا لاكبر تغيير حكومي يشهده هذا البلد منذ قيامه قبل عامين، وفق ما اعلن وزير الاعلام المنتهية ولايته الثلاثاء.وبين المسؤولين الذين علقت مهماتهم نائب الرئيس ريك مشار اضافة الى باغان اموم الامين العام للحزب الحاكم الحركة الشعبية لتحرير السودان الذي يخوض مفاوضات شاقة مع الخرطوم.

             
وقال وزير الاعلام والمتحدث باسم الحكومة المنتهية ولايتها برنابا بنجامين لفرانس برس ان “الرئيس كير يريد القيام بتغيير كبير بحيث تمت اقالة نائب الرئيس والوزراء ونوابهم”.                         
ومشار المتحدر من ولاية الوحدة الاستراتيجية الغنية بالنفط شخصية مثيرة للجدل. فقد انشق خلال الحرب الاهلية بين حركة التمرد الجنوبية — التي اصبحت حاكمة في جنوب السودان — ليقف في صف الخرطوم قبل ان يعود مجددا الى الحركة الشعبية.
             
وكان سلفا كير طلب في نيسان/ابريل الحد من سلطات ريك مشار لكنه ارسل في حزيران/يونيو الى الخرطوم لاجراء محادثات مع الرئيس عمر البشير شخصيا.
             
وقالت منظمة ايناف بروجيكت غير الحكومية التي تسعى لاحلال السلام في دولتي السودان وجنوب السودان ان “اقالة الحكومة تندرج في اطار النزاع الجاري على اعلى مستوى في الطبقة الحاكمة في جنوب السودان”.
             
واضافت ان “كلا من نائب الرئيس مشار والامين العام اموم قال علنا انه ينوي الترشح للانتخابات (الرئاسية) في 2015” في مواجهة سلفا كير.
             
ويثير قرار كير المفاجىء مخاوف من فترة اضطرابات في هذه الدول الفتية التي استقلت عن السودان قبل حوالى عامين وما زالت تحمل آثار الحرب الاهلية الطويلة (1983-2005).
             
وما زال السلاح ينتشر بكثرة والمواجهات الاتنية تتكرر في هذا البلد.
             
وبعد سنتين على اعلان استقلالها في التاسع من تموز/يوليو 2011، تبقى دولة جنوب السودان واحدة من افقر بلدان العالم يجب بناء كل شىء فيها.
             
فالبنى التحتية الاساسية غائبة والفساد مستشر والتنمية فيها من اسوأ الارقام التي تسجل في العالم.
             
وقال برنابا ماريال بنجامين الذي كان حتى اقالته الثلاثاء متحدثا باسم الحكومة ووزيرا للاعلام “نطلب من كل مواطنينا القيام بواجباتهم والتوجه الى العمل”.
             
ودافع بنجامين عن قرار الرئيس مؤكدا ان تعليق عمل الحكومة لن يتسبب باي “انعدام استقرار” وهو “منسجم مع الدستور (الذي ينص) على ان الرئيس يشكل ويحل الحكومة”.
             
واضاف “امنحوا الرئيس فرصة لتشكيل حكومته (…) لقد كلف عددا من التكنوقراط ادارة الشؤون الجارية”.
             
وشاهد مراسل لفرانس برس العديد من عناصر قوات الامن ينتشرون في شوارع جوبا التي سادها الهدوء.
             
واكد الناطق باسم الجيش فيليب اوجيه ان قوات الامن تغلق عددا من شوارع جوبا ومنتشرة بكثافة امام المجمع الحكومي في المدينة التي يسودها الهدوء.
             
وقال لوكالة فرانس برس “انه عمل روتيني وهم منتشرون لحماية وزاراتنا”.
             
وكانت شائعات في جوبا تحدثت في الاسابيع الاخيرة عن امكان حصول تغيير حكومي، وخصوصا بسبب العلاقات الصعبة بين الرئيس كير ونائبه مشار.
             
لكن القرار الذي صدر الثلاثاء كان مفاجئا لاعضاء الحكومة المنتهية ولايتها. وقال اموم “تم ابلاغي ان الامر اعلن عبر التلفزيون الوطني” من دون ان يوضح سبب تعليق مهماته او مهمات الفريق الحكومي.
             
والشهر الفائت، علق كير عمل اثنين من وزرائه الرئيسيين بعد الاشتباه بضلوعهما في فضيحة فساد.
             
وكان كثير من الوزراء شخصيات رئيسية في الحركة الشعبية لتحرير السودان او جناحها العسكري ابان الحرب الاهلية بين 1983 و2005 ضد حكومة الخرطوم والتي ادت العام 2011 الى استفتاء على تقرير المصير قبل ان ينال جنوب السودان استقلاله.
             
ولا يزال التوتر سائدا بين جنوب السودان والسودان في موازاة نزاعات عرقية داخلية تشهدها الدولة الفتية.
             
ولم يعلن كير عن اي تعيين في الحكومة. ولا يمكن في المرحلة الحالية معرفة ما اذا كان عددا من الوزراء سيعودون الى مناصبهم في الحكومة الجديدة التي ستضم وجوها جديدة على الارجح.