الأسبوع الماضي، نشرت أنباء عن وثائق عُثر عليها في تمبكتو، أظهرت خلافات جذرية بين قيادات القاعدة في بلاد المغرب العربي حول الاستراتيجية المتبعة في الاستحواذ على شمال مالي. من بين الوثائق أيضا ما أظهر خطط القاعدة لاستغلال الجماعات الأصغر مثل (أنصار الدين) والاستحواذ عليها؛ وهو ما تنبهت إليه هذه الجماعات لاحقا وحاولت الانفصال عن القاعدة وطلب التفاوض مع السلطات المدنية في مالي وغيرها.
المتابع لمسار القاعدة وجد أن هذه الوثائق إنما تؤكد الانحدار الذي اعترى القاعدة منذ عقد على أقل تقدير. لم تكن هذه الوثائق الوحيدة التي عرّت القاعدة. بل سبقها إلى ذلك أحد أهم منظريها: سيد إمام الشريف أو المعروف بالدكتور فضل.
 

سيد إمام الشريف كان أحد مؤسسي القاعدة. درس الطب في القاهرة وفي مرحلة مرة قرر الانضمام للقاعدة وإبن لادن. لكن الرجل وجد أن القاعدة انحرفت عن المسار الذي كان يريده لها. وهذا ما اختزله في كتابه الشهير (وثيقة ترشيد الجهاد في العالم). في هذا الكتاب ينزع القناع عن أخلاقيات القاعدة ويعرّيها من أي شرعية، ويقول إن “القاعدة أضرب بالجهاد في العالم بحيث انحدرت إلى مجرد جماعة إرهابية.” ويضيف: “ليس هذا هو الجهاد الذي دعا إليه الإسلام وبالتالي لا يمكن الدفاع عن منطق هذه الجماعات.”
وجاء الرد من القاعدة سريعا، وتحديدا من أيمن الظواهري الذي وصف الشريف بأنه أسوأ ما أنتجه التنظيم؛ وهو الطبيب والمفكر والذي كان في وقت من الأوقات المعلم والراعي لأيمن الظواهري نفسه.
الرجل قرر الانسحاب من القاعدة بهدوء في العام 1994، وعمل طبيبا تحت اسم مستعار في اليمن إلى أن اعتقل في 2001 بعد هجمات الحادي عشر من أيلول سبتمر.
من سجنه في القاهرة، كان يكتب منتقدا بشدة هجمات سبتمبر. وصف القاعدة بأنها تمارس إرهابا “أحمقا” أضر بالإسلام والجهاد وسفك دماء مسلمين أبرياء.
بهذه الشاهدة، لا شك خسرت القاعدة وتخسر أي دعم كانت تتمتع به بين الشباب المسلم.