الإيغور.. معاناة مستمرة لأقلية مضطهدة

“إنه عيد ميلاد أخي اكبار.. يتألم قلبي له”.. بهذه الكلمات اختصرت ريحان وهي شقيقة معتقل إيغوري، قصته المأساوية بعد نحو 4 سنوات من الزج به في معسكرات الاعتقال بشينجيانغ في الصين بتهم باطلة، لتتحول قصته بعد ذلك إلى حملة عالمية.

القصة بدأت عام 2016، عندما عاد اكبار وهو رجل أعمال شاب من زيارة اخته ريحان الطالبة بجامعة هارفارد بأمريكا، ليختفي بعد ذلك ولتعلم ريحان لاحقاً أنه زج به في معسكرات شينجيانغ سيئة السمعة بتهم التحريض على الكراهية وبحكم جائر بلغ 15 عاماً في السجن.

تهم باطلة تلاحق الإيغور

صحيفة الغارديان البريطانية أوردت تقريرا لقصة اكبار وشقيقته ريحان، ويقول تقرير الصحيفة: “اختفى اكبار عام 2016 بعد عودته من الولايات المتحدة حيث كان في برنامج للتبادل استغله بزيارة شقيقته ريحان، طالبة القانون بجامعة هارفارد. اكبار وعد بالعودة إلى الولايات المتحدة في غضون بضعة أشهر مع والديه لحضور حفل تخرج شقيقته من جامعة هارفارد”.

 

قالت ريحان لصحيفة الغارديان: “كنت أنا وأخي قريبين جدًا، لكن فترة الامتحان شغلتني عن التواصل مع عائلتي لفترة من الزمن، ولم أكن أتحدث معهم كل يوم.. أعلم أنه وصل إلى المنزل بأمان، ولكن فجأة ألغى والداي زيارتهما إلى الولايات المتحدة لحضور حفل تخرجي، ولم يخبروني شيئاً عن أخي واختفائه”.

اكبار زُج به في معسكرات الاعتقال بإقليم شينجيانغ، وهي معسكرات سيئة السمعة تعتبر  جزءاً من سياسات الحزب الشيوعي الصيني لقمع الإيغور وطمس هويتهم. ويصنف خبراء تلك المعسكرات إلى مستوى “الإبادة الجماعية الثقافية”. وقدر خبراء الأمم المتحدة وخبراء آخرون في مجال حقوق الإنسان، أن أكثر من مليون شخص محتجزون في معسكرات الاعتقال لأسباب “واهية” من بينها كونهم صغارًا أو لديهم أقارب في الخارج.

تعاطف مع اكبار والإيغور

ريحان التي سخرت نفسها لنصرة قضية اكبار، لم توفر جهدا لنشر معاناته وأبناء جلدته في معسكرات الاعتقال، فشكل حسابها على تويتر ساحة لنشر قصته وقصص زملائه المعتقلين، حتى باتت من أبرز ناشطي الإيغور وجذبت قضيتها آلاف المتعاطفين معها على مستوى العالم.

ووفق صحيفة “الغارديان” البريطانية، وقع ائتلاف مكون من نحو 70 منظمة طلابية بجامعة هارفارد على رسالة تحث وزارة الخارجية الأمريكية على اتخاذ “إجراءات أقوى” للضغط على الحكومة الصينية لإطلاق سراح اكبار. تشكلت الحملة التي قادها الطلاب، بعد أن ألقت ريحان كلمة في مؤتمر هارفارد للقانون العام الماضي، وروت فيها معاناة شقيقها لأول مرة.

وقالت “سوندرا أنتون”، وهي تقود نشاط المدافعين عن حقوق الإنسان في كلية الحقوق بجامعة هارفارد، والمنظم الرئيس للحملة: “في البداية، الحملة جذبت بعض الاهتمام، إلا أن الدعم بعد ذلك  تضاعف وجاء من عشرات المجموعات، بما في ذلك جمعيات للطلاب من عرقيات متعددة”.

من جانبه، قال البروفيسور “ويليام ألفورد”، مدير الدراسات القانونية لشرق آسيا في جامعة هارفارد، إنه “وجد حالة اكبار مزعجة”، وتابع: “اعتقد أنه من الجدير بالثناء أن يعبر الطلاب عن أنفسهم في مسائل تتعلق بالضمير”.

الصحيفة البريطانية لفتت في تقريرها، إلى أنه إضافة إلى المنظمات الطلابية السابقة، انضم العديد من خريجي هارفارد والعلماء وأعضاء في الكونغرس إلى حملة ريحان، وأثنت كذلك وسائل الإعلام على شجاعة الناشطة الإيغورية.

ريحان تأمل أن يوماً ما، أن تحتفل مع اخيها اكبار بعيد ميلاده، وستقبل منه “مباركة” وهدية التخرج التي حُرمت منها، بسبب تعنت الحزب الشيوعي الصيني وانكاره لحقوق أقلية لم ترد سوى العيش بسلام في وطنها وبين حضارة أجدادها.

الإيغور اضطهاد ممنهج

الصين بدأت بتشديد حملتها القمعية على أقلية الإيغور المسلمة والتي تقطن بأغلبيتها في إقليم شينجيانغ في أواخر عام 2014، لتستعر تلك الحملة وتبلغ أوجها عام 2016، تحت قيادة العديد من شخصيات الحزب الشيوعي الصيني، الذي سعى إلى طمس هوية الأقلية الثقافية وسلخها عن حضارتها وتذويبها بالقوة مع عرق الهان، الذي يشكل الغالبية العظمى من الصينيين، وبطبيعة الحال رموز الحزب الشيوعي الصيني.

وإضافة إلى معسكرات الاعتقال في شينجيانغ، عملت الحكومة الصينية على اختطاف وقتل وتعذيب الإيغور وكذلك بيع أعضائهم ليتصدروا مشهد تجارة الأعضاء الرائجة في الصين، دون إغفال الأساليب البوليسية التي طبقتها بكين على حياتهم، كالمراقبة الدائمة واستخدام تقنيات التعرف على الوجوه، كل ذلك مع تطبيق سياسة الزواج القسري لفتيات إيغوريات من شبان من عرق الهان دون رضاهم، وكذلك اخضاع النساء الإيغوريات في المعتقلات إلى أدوية من شأنها أن تجعلهن عقيمات في نهاية المطاف.