أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (نهاد الجريري)

في الثلث الثالث من رمضان، نشر داعش إصداراً مرئياً جديداً عن هجماته في العراق بعنوان “فضرب الرقاب.”  والحقيقة أن الفيديو الذي يمتد لتسع وأربعين دقيقة لا يختلف كثيراً عن إصدارات سابقة للتنظيم في العراق من حيث مشاهد التفجير والذبح والإعدامات البشعة والبروباغاندا ومبايعة الخليفة الجديد. 

لكن أهمية هذا الفيديو تكمن في أنه يأتي في وقت زادت فيه هجمات التنظيم في العراق بشكل ملحوظ مستغلاً غياب قوات التحالف التي انسحبت بسبب الكورونا، وضعف التنسيق الأمني بين الجهات العراقية المعنية. فقد ارتفعت هجمات التنظيم في محافظات الوسط والشمال في الشهرين الأخيرين بنسبة تزيد عن ٥٠٪. بحسب زاوية “حصاد الأجناد” التي يوردها التنظيم أسبوعياً، وصل عدد الهجمات نهاية شهر مارس إلى ١٠٠ هجمة، ليرتفع الإجمالي إلى ١٤٨ في نهاية أبريل، وأكثر من مئة خلال الأسبوعين الأولين فقط من مايو.  

حرب استنزاف

في منتصف الإصدار، أورد داعش إحصائية تحت عنوان “حرب الاستنزاف خلال عامين ونصف” ابتداء من أكتوبر ٢٠١٧ حتى مايو ٢٠٢٠. واللافت هنا هو أن معظم الهجمات تمّت بعبوات الناسفة، وتركزت في ديالى غرب العاصمة بغداد. 

وكما هي الفيديوهات السابقة، افتتح هذا الإصدار بعرض مقاطع من الأخبار العربية والعالمية تفيد بأن “داعش لم يُهزم”، تبعها مقاطع لتصريحات مسؤوليين أمنيين عراقيين فيما يعتبره التنظيم محاولات “فاشلة” لتطويقه من قبيل: “استنساخ” عمليات أمنية كعملية “إرادة النصر” في نسختها الثامنة، أو القيام بحملة اعتقالات للتفتيش على مسلحي داعش، أو إقامة حواجز أمنية “بدائية” للحد من حركتهم. 

ثم يوثق الفيديو هجمات ضد عناصر الجيش والشرطة العراقية عن طريق القنص وتفجير المفخخات والعبوات الناسفة. ويلفت في هذه المقاطع كم كان داعش قريباً من مكان الهجوم الذي غالباً ما تألف من مرحلتين: أولاً، إطلاق النار على المجاميع الأمنية ثم تفجير مفخخة أو عبوة ناسفة زرعت سابقاً في عين المكان المتوقع تجمع الناس فيه لإخلاء جرحى أو إعادة التموضع. وفي كل مرة كان داعش يصور الهجمة كاملة دون أن يدافع المُهاجّمون عن أنفسهم ولو برصاصة واحدة. 

افتتاحية صحيفة التنظيم الأسبوعية، النبأ، الصادرة الخميس ١٤ مايو تحدثت عن “انهيار نفسي سريع” للقوات العراقية.  وفيها يدعو التنظيم أنصاره إلى استغلال الوضع الحالي الذي يتميز، بحسبهم، بتراجع “الرصد والاستطلاع المستمر الذي كانت تقوم به الطائرات” التابعة للتحالف، بالإضافة إلى تراجع التمويل “وبروز صراعات على الموارد والنفوذ” داخل الأقسام الأمنية المختلفة. 

عقوبات جماعية

أمر آخر لفت في هذا الإصدار هو حرق المحاصيل والمنازل وهو أمر لم نره كثيراً في إصدارات سابقة. في الفترة من ٢١ أبريل إلى ١١ مايو ٢٠٢٠، بلغت المساحات المحروقة في بغداد والمحافظات حوالي ١٠٠٠ دونم. 

حرق المحاصيل والمنازل ليس تكتيكاً جديداً في هجمات داعش لكنه كان يرتبط أكثر بخروجهم من منطقة، فيحرقونها عن بكرة أبيها حتى لا يفيد أهلها منها كما حدث في سوريا. لكن هنا، يحرق داعش محاصيل الطوائف غير المسلمة، وممتلكات الأفراد الذين يقول إنهم ينتمون إلى الشرطة أو الدولة العراقية أو يتعاونون معها. 

وفي مشهد من هذا الإصدار، أعدموا رجلاً قالوا إنه من الاستخبارات ثم أحرقوا الخيمة التي كان يسكن فيها، مستشهدين بكلام لأبي مصعب الزرقاوي دعا فيه إلى قتل “الجواسيس” وأعضاء الشرطة والجيش وحرق ممتلكاتهم – “بعد إخراج النساء والذريّة” – حتى يكونوا “عبرة،” في صورة تذكر بالعقاب الجماعي الذي تمارسه الجماعات المارقة والدول المحتلة. 

وبنفس منطق الغلو والعنجهية، أطلقوا الرصاص على رأس رجل قالوا إنه “استخبارات”. ما فعله المغدور هو أنه وجد جثث دواعش وأسلحة فسلمها إلى السلطات. الداعشي الذي أطلق النار قال “هذا جزاؤه لأنه تطاول على جثث المجاهدين.” 

مصدر الصورة: الإصدار المرئي screenshot

للمزيد: 

في أول إصدار للتنظيم بعد قتل البغدادي.. داعش يتعهد بإخراج أنصاره من سجون العراق