أنصار داعش يثيرون مسألة إقامة سيف العدل في طهران
في هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من 19 إلى 25 فبراير 2024.. وأبرز عناوينها:
- هل بدأت بوادر قبول أنصار القاعدة بالعلاقة الإيرانية من خلال سيف العدل؟
- اكتشاف مقبرة ”خاصة“ لدفن المقتولين تعذيباً في سجون هيئة تحرير الشام
- تصاعد في موجات الإرهاب والتقتيل من موزمبيق إلى الساحل الإفريقي
غزة .. البطولة والعذاب
في غزة، ”قتلى ومجهولون“ … كانوا صغاراً يلعبون، ويصنعون حكايةً للوردة الحمراء تحت الثلج، خَلْفَ حكايَتيْنِ طويلَتيْن ِعن البطولة و العذاب، و يهربون مَعَ الملائكة الصغار إلى سماء صافيةْ. (محمود درويش). في عالم الجهادية، تناسي الحقائق لا يجعلها سراباً.
هل يقبل أنصار القاعدة الأثر الإيراني تكبراً وعناداً؟
في إحدى مجموعات المناصرين على التلغرام، لفت هذا الأسبوع جدل طويل بين أنصار داعش والقاعدة حول علاقة كليهما بإيران، فكل طرف يتهم الآخر بأنه ربيب ”الرافضة“ وحامي حماهم.
مثل هذا الجدل ليس جديداً، ولكن استوقفتنا بعض الردود من جانب أنصار القاعدة تحديداً قد تكون مؤشراً على المزاج العام بينهم حول علاقة التنظيم بإيران من خلال سيف العدل.
أثار أنصار داعش مسألة إقامة سيف العدل في طهران دليلاً على سيطرة نظام الملالي على قرار القاعدة، فكان رد القاعديين أن شككوا في تلك المعلومة.
يقول أحدهم: ”إذا كانت أمريكا باستخباراتها لم تعرف أين مكانه لذلك وضعت لمن يدلي بمعلومات عن مكانه ومقتله كذا مليون دولار.“ فيرد مناصر داعش أنّ الدليل هو قتلُ رفيقه أبي محمد المصري في طهران. ومرة أخرى، يشكك أنصار القاعدة في تلك المعلومة.
ونقول وبالرجوع إلى أدبيات الجهاديين أنفسهم من دون الاستعانة بتقارير الإعلام العربي والعالمي، نجد أن الجهادي المخضرم خالد العاروري أبا القسام الأردني ذكر في أكتوبر 2017 أن سيف العدل وأبا محمد المصري كانا في طهران يعيشان حياة طبيعية وإن كانا ممنوعين من السفر إلى خارج البلاد. فهل غادر سيف العدل طهران بعد ذلك التاريخ؟ على الأرجح لا.
لنتذكر أن سيف العدل وأبو محمد كانا ضمن صفقة تبادل سجناء بين إيران وتنظيم قاعدة اليمن في 2015. أبو القسام الأردني كان من ضمن الصفقة وغادر وآخرين مثل أبي الخير المصري من طهران إلى إدلب. أما سيف العدل وأبو محمد فبقيا في إيران لسبب غير معلوم.
أما عن تشكيك انصار القاعدة في قتل أبو محمد المصري في طهران، فقد ذكر أحدهم أنه قُتل في الشام. والحقيقة أن الذي قُتل في الشام هو أبو الخير.
نستدل على خبر قتل أبي محمد بما نقله القيادي في قاعدة اليمن خبيب السوداني إبراهيم القوصي في كتابه ”شذرات من تاريخ القاعدة“ في طبعتيه الأولى والثانية. في الصفحة رقم 10 وفي الهامش، كتب السوداني: ”قبل الفراغ من هذا الكتاب تلقينا نبأ اغتيال الشيخ أبي محمّد المصري مع ابنته الكبرى (زوجة حمزة بن لادن) على أيدي الموساد اليهودي في إيران. جدير بالذكر أن اغتيال الشيخ أبي محمد رحمه الله، تم في يوم 7 أغسطس 2020.“ فهل أصاب السوداني في نقل الخبر؟ إذا كان أنصار القاعدة يشككون في الإعلام العربي والعالمي، فهل يشككون فيما نقله القوصي والعاروري؟.
أثيرت أيضاً مسألة ما إذا كان أيمن الظواهري زعيم القاعدة حياً أم ميتاً بعد أن أعلنت أمريكا قتله في كابول في اليوم الأخير من يوليو 2022.
يرد أنصار القاعدة: ”رحمه الله حياً وميتاً.“ ونقول إن حسم مصير الظواهري يتعلق بالبيعة، فمن يبايع أنصار القاعدة وأمراؤها؟ وإذا أخذ أنصار القاعدة على داعش مبايعتهم مجهول الاسم والرسم، فكيف يبايعون رجلاً لا يعلمون يقيناً إن كان حياً أم ميتاً؟.
المسألة الثالثة التي تستوقفنا في هذا الأخذ والرد اتهام أنصار داعش القاعدة بتعطيل الهجمات ضد ”الروافض في اليمن“ أي الحوثيين المدعومين إيرانياً. أنصار القاعدة ردوا إن الجواب ”في الجبهات.“
ونقول إن داعش اليمن مُني بخسارة كبيرة في اليمن عندما ”انحاز“ من قيفة في أغسطس 2020. وهذا موثق في صحيفة النبأ الصادرة عن التنظيم في عددها 248. وفي ذلك الوقت دار جدل حول الدور الذي لعبته القاعدة في ”تسليم“ قيفة للحوثيين. في المحصلة، عندما يقول أنصار القاعدة إن التنظيم يقاتل الحوثيين في الجبهات، فهذا كلام يجانب الصواب.
فتنظيم القاعدة في اليمن لم يشن هجمة واحدة ضد الحوثيين المدعومين إيرانياً طوال العام الفائت على أقل تقدير. وهذا ما وجدنا من من خلال تتبع منشورات التنظيم عبر مؤسسة الملاحم الرسمية على Rocket Chat التي لم تتعرض للحذف خلال فترة الرصد. هجمات التنظيم كلها كانت ضد القوات اليمنية الجنوبية المدعومة إماراتياً.
في الفترة من يناير 2023 إلى فبراير 2024، لم يسجل التنظيم هجمة واحدة ضد الحوثيين مقابل 73 هجمة ضد القوات اليمنية. قبل ذلك التاريخ، في أربعة أشهر فقط من 13 سبتمبر 2022، عندما انطلقت حملة سهام الحق، حتى يناير 2023، شن التنظيم 43 هجمة ضد القوات اليمنية، مقابل خمسين هجمة فقط شنها التنظيم ضد الحوثيين في ثلاثة أعوام كاملة من 1 يناير 2020 إلى يناير 2023.
وهكذا يظهر بوضوح أن التنظيم عطل الهجمات ضد الحوثيين المدعومين إيرانياً رغم توفر قدرات معتبرة العام الفائت باستخدام الطائرات المسيرة في الهجوم.
المسألة الرابعة التي نتوقف عندها في هذا الجدل هو إثارة الطرفين مسألة شرعية أحدهما ووصايته على الآخر انطلاقاً من الخلاف على ”ولاية الشام“ في 2013.
يقول أنصار القاعدة إن داعش ”خرجوا“ على طاعة الأمير، أي الظواهري، وأن أصل ”علاقة الدولة بالقاعدة هي علاقة الجندي بأميره.“
صحيح. لكن ما يتناساه أنصار القاعدة هو أن الذي تسبب في قلب الموازين كانت قيادة القاعدة ممثلة بالظواهري نفسه عندما ثبّت ”الجندي“ أبا محمد الجولاني أميراً على الشام خلافاً لما ذهب إليه أبو بكر البغدادي الذي كان أمير الجولاني ومن انتدبه للعمل في الشام رافداً إياه بنصف ميزانية التنظيم في ذلك الوقت بشهادة الجولاني نفسه. الجولاني خلع بيعته للبغدادي وأعطاها للظواهري. والظواهري بارك هذا ”الخروج.“
هذا الخلل في التعامل مع الجولاني وقبله التعامل مع البغدادي – الذي لم يكن محلّ قبول لدى قيادة القاعدة ممثلة بأسامة بن لادن – مثبت في بحث للكاتب القاعدي المعروف باسم عدنان حديد بعنوانه ”بين الشيشان والشام … دروس وعبر“ المنشور في منصة ”بيان“ القاعدية في 2020.
مقابر هتش ”الخاصة“
آخر التطورات في ملف العمالة في هيئة تحرير الشام، أفرجت الهيئة عن دفعة جديدة من المعتقلين على ذمة الملف كان من أبرزهم أبو محجن الحسكاوي؛ الذي قال عنه المعارضون إنه كان ”ضابط أمن الانقلاب“ بشهادة أبي ماريا القحطاني أمام زعيم الهيئة أبي محمد الجولاني نفسه.
وهكذا اعتبروا خروج الحسكاوي تهيئة لإخراج أبي ماريا. بالفعل، ترددت أنباء قيل إنها ”مؤكدة“ عن قرب إطلاق سراح القحطاني.
ومن ذلك أن نقل حساب أبو حمزة الكردي جدلاً دار بين الجولاني وكبير شرعييه عبدالرحيم عطون من جهة وشرعيين آخرين من جهة أخرى ضمن جلسات الجولاني مع المتنفذين في الهيئة لترتطيب الأجواء بعد إعلاق ملف العمالة على النحو الذي جاء عليه. في الجلسة قال الجولاني إن ”عمالة“ القحطاني ”معلقة“ حتى الآن حيث تبين لهم ”أنه كان يكذب في اعترافه.“
في الأثناء، كشف معارضون عن مقبرة خاصة- قيل إن اسمها مقبرة مورين – أعدتها الهيئة لتدفن فيها من مات تحت التعذيب في سجونها. القصة الأبرز في هذا الملف كانت وفاة عبدالقادر الحكيم أبي عبيدة تلحديا التابع لجيش الأحرار.
بحسب حسابات معارضة، قتل الرجل تحت التعذيب بعد اعتقاله في مايو الماضي بتهمة العمالة. ودفن في مقبرة مورين. في الأونة الأخيرة، اكتشف أهله مكان قبره فانتشلوا جثته ونقلوها إلى موقع آخر. المعارضون أشادوا بأبي عبيدة الذي لم تثبت عليه تهمة العمالة.
ولا يزال معارضو الهيئة يطالبون بتحقيق مستقل في الملف يفرز الغث من السمين ويثبت البرئ والمذنب. كما يطالبون بإطلاق سراح معارضين مثل عصام الخطيب وأبي شعيب المصري.
داعش يحذر من الإعلام
في عدد صحيفة النبأ 431 الصادر الخميس 22 فبراير، لفتت افتتاحية الصحيفة التي جاءت بعنوان ”الإعلام والعاطفة.“ وفيها يحذر التنظيم من تركيز الإعلام على ملفات دون غيرها.
مينا اللامي، المتخصصة في رصد الساحة الجهادية في BBC Monitoring اعتبرت أن الافتتاحية موجهة نحو ملفين. الأول هو الأحداث في غزة إذ أن داعش لا يعتبرها أحداثاً تستدعي التعامل بخصوصية. والثاني هو سلسلة مقابلات العربية مع نساء البغدادي التي فيها ”ادعاءات تضر بقيادة التنظيم ما أغضب حسابات وازنة من أنصار التنظيم.“
تجدد العنف في موزمبيق والساحل
أسبوع صعب في كابو ديلغادو شمال موزمبيق مع تجدد موجة هجمات داعش هناك.
الموجة الجديدة تركزت في مقاطعة شيويري في الإقليم الغني بالغاز. نتج عن أعمال التقتيل والتخريب التي وثقها داعش نزوح آلاف القرويين. بلغ عدد النازحين من الإقليم مليونا نسمة في حاجة ماسة للعون والإغاثة.
في الساحل الإفريقي، التخوف من انتقال العنف من إفريقيا إلى أوروبا ليس جديداً، لكن الجديد هو الدليل بالأرقام. الباحث بيتر فان أوستاين p_vanostaeyen الذي يرصد هجمات القاعدة وداعش في منطقة الساحل الإفريقي علّق في حسابه على منصة إكس أن هجمات التنظيمين في المنطقة تجاوزت 90 هذا الشهر وبالتالي: ”لم يعد السؤال ‘إذا‘ بل ‘كيف ومتى‘ سيصل العنف والإرهاب الجهادي إلى أوروبا.“