الصحة العقلية لأبناء جيل زد أولوية مؤسسية في الولايات المتحدة

بعد وقتٍ قصير من انضمامه إلى المجلس التشريعي لولاية ماريلاند العام الماضي، قدّم مندوب مجلس النواب “جو فوجل” مشروع قانونه الافتتاحي، الذي يهدف إلى تخفيف ما يصل إلى 30 ألف دولار من ديون الطلاب لمتخصصي الصحة العقلية العاملين في المدارس العامة بولاية ماريلاند، مستلهماً مخاوف الشباب في منطقته بمقاطعة مونتغومري، حيث يؤكد فوغل، وهو الآن مرشّح للكونغرس في المنطقة السادسة في ماريلاند، على ضرورة معالجة أزمة الصحة العقلية وخاصة بين أبناء جيله “جيل زد“.

المرشّح فوغل، البالغ من العمر 27 عاماً، سيكون العضو الثاني من جيل زد في الكونغرس، ويعتقد أن عمره سيوفر منظوراً فريداً حول القضايا التي تؤثر على جيله، حيث يسلط الضوء على التأثير السام لوسائل التواصل الاجتماعي على الشباب، والمخاوف من أزمة المناخ، وعدم كفاية موارد الصحة العقلية لفئته العمرية. ومن الجدير بالذكر أن العديد من الشباب الأمريكيين، بما في ذلك جيل زد وجيل الألفية، يعبّرون عن صراعاتهم مع الصحة العقلية، الأمر الذي انعكس في أحدث استطلاع للرأي أجرته جامعة هارفارد للشباب، حيث أفاد ما يقارب من نصف الأمريكيين تحت سن الثلاثين أنهم يشعرون بالإحباط أو الاكتئاب.

لماذا يجب إيلاء موضوع الصحة العقلية لأبناء جيل زد أهمية كبيرة؟

فهناك العديد من الشباب مثلاً ممن بدأوا حياتهم المهنية أو التحقوا بالجامعة وسط وجود جائحة واقتصاد مضطرب، وهم الآن يتصارعون مع ارتفاع أسعار المساكن، وانعدام التواصل في مكان العمل، والمعلومات المضللة التي تفاقمت بسبب وسائل التواصل الاجتماعي وغيرهم. فقد قالت مادلين أرمسترونج، التي تبلغ من العمر 22 عاماً، من مدينة ليك هافاسو بولاية أريزونا الأمريكية، أنها عانت من الاكتئاب الانتحاري وفقدان الشهية والقلق أثناء دراستها الجامعية، وبلغت ذروتها بدخول مستشفى الأمراض النفسية في سنتها الأولى، حتى أنها تعافت من خلال العلاج والأدوية المناسبة ولكن الأمر لا يزال صعبًا، حيث عبّرت قائلة: “من الصعب أن أكون سعيدة وأركز على الأشياء الإيجابية بينما أكافح من أجل تدبر أموري والعيش من راتب إلى راتب”، حيث أنها تفكّر في تقليص العلاج بسبب تكلفته الشهرية بالإضافة إلى ديون القروض الطلابية، وذلك كون راتبها المنخفض الذي تتقاضاه نظير عملها كمحررة مساعدة في إحدى الصحف.

لماذا يجب إيلاء موضوع الصحة العقلية لأبناء جيل زد أهمية كبيرة؟

إضافةً إلى ذلك، يشير جون ديلا فولبي، مدير استطلاعات الرأي في معهد جامعة هارفارد كينيدي للسياسة، إلى أن الاضطرابات السياسية أثناء بلوغهم سن الرشد تساهم في ارتفاع مستويات القلق والاكتئاب بين الأجيال الشابة، ومع تحوّل الصحة العقلية على نحو متزايد إلى نقطة محورية سياسية، يربط السياسيون القضايا البارزة، مثل: تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي وإدمان المخدرات والعنف المسلح، برفاهية الشباب
وما يؤثر على الصحة العقلية لأبناء جيل زد.

كما ترى هانا ويسولوفسكي، كبيرة مسؤولي المناصرة في التحالف الوطني للأمراض العقلية (NAMI)، أن الصحة العقلية تتشابك مع مجالات سياسية مختلفة، وتحث صناع السياسات على إدراك تأثيرها واسع النطاق، والجدير بالذكر أن إدارة بايدن اتخذت خطوات لمعالجة الصحة العقلية، واستثمرت أكثر من نصف مليار دولار لزيادة عدد المتخصصين في مجال الصحة العقلية في المدارس، وأطلقت أيضاً خطاً ساخناً لطوارئ الصحة العقلية يعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.

ومع ذلك، لا تزال الانقسامات السياسية مستمرة مما يؤثر على الشباب الأمريكيين. بالإضافة إلى ذلك، يظل دور الصحة العقلية في الرد على العنف المسلح قضية حزبية، حيث يدعو البعض إلى إصلاحات في مجال الصحة العقلية، بينما يؤكد البعض الآخر على أهمية التغيير والتطوير من سياسة السيطرة على الأسلحة.

وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر السياسية، هناك إجماع على أن معالجة المخاوف المتعلقة بالصحة العقلية أمر بالغ الأهمية، وخاصة بالنسبة للشباب الذين يواجهون تحديات المناخ السياسي المثير للانقسام اليوم، حيث يُنظر إلى اعتراف السياسيين بهذه القضايا على أنه وسيلة للتواصل مع الناخبين الشباب الذين قد يشككون في فهمهم أو تعاطفهم تجاه صراعاتهم.