أخبار الآن | medicalnewstoday

 

في عام 1846، تمت تجربة أول مخدر يُفقد الوعي لغرض طبي بمستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن، ويجري استخدامه يومياً لأكثر من 150 عاماً، وقد لاحظ الباحثون لاحقًا أن فاعلية التخدير ترتبط بالذوبان في الدهون، الموجودة في أغشية خلايا الجسم. وأدت تلك الملاحظة إلى “الفرضية الدهنية” لعمل التخدير العام، ولكن بقيت كيفية حدوث التغيرات في الدهون الغشائية التي تتسبب في فقدان للوعي لغزا لعقود طويلة.

في دراسة حديثة، تمكن علماء من مركز أبحاث سكريبس في سان دييغو بكاليفورنيا، من التوصل إلى توصيفتفاصيل غير مسبوقة حول آلية التخدير العام، حيث تعتمد الآلية المقترحة على تعطيل مجموعات غير متجانسة من الدهون تسمى الأطواف الدهنية، والتي تؤدي إلى فتح القنوات الأيونية ويوقف نشاط الخلايا العصبية في نهاية المطاف.

ومن جهته، يوضح الباحث دكتور ريتشارد ليرنر، مؤسس مركز الأبحاث، أنه وزملاءه، في إطار سعيهم لحل لغز آلية التخدير، استخدموا مزيجًا من الفحص المجهري النانوي ودراسات الخلايا والتجارب على ذباب الفاكهة، والتي تعد كائنًا نموذجيًا قويًا بشكل مدهش في علم الأعصاب.

وقام الباحثون أولاً بتعريض الخلايا للكلوروفورم، وهو مخدر قوي لم يعد يستخدمه الأطباء بسبب آثاره الجانبية الخطيرة، وتم مراقبة التطورات باستخدام مجهر قوي “قادر على تصوير مجمعات بيولوجية أصغر من حدود انكسار أشعة الضوء”.

ووجد الباحثون أن الكلوروفورم أدى إلى تحويل تنظيم التجمعات الدهنية في غشاء الخلية من كرات معبأة بإحكام إلى هياكل شديدة الاضطراب.

وانسكبت محتويات الكتلة الدهنية، ومن بينها إنزيم يسمى PLD2. وللتمكن من متابعة انسكاب إنزيم PLD2 بعيدًا عن مجموعة الدهون الأصلية قام الباحثون بوضع علامة عليه بمادة كيميائية من الفلورسنت.

ووجدوا أن الإنزيم استمر في تنشيط الجزيئات داخل مجموعات الدهون الأخرى، ومنها قناة أيونات البوتاسيوم التي تسمى TREK1. ويؤدي تنشيط هذه القناة الأيونية إلى “تجميد” الخلايا العصبية، بحيث لا يمكنها إطلاق القدرة على الحركة مما يؤدي إلى فقدان الوعي.

ويشرح كبير الباحثين في الدراسة دكتور سكوت هانسن، أستاذ مساعد في مركز أبحاث سكريبس، قائلًا: “تطلق قنوات TREK1 البوتاسيوم الذي يؤدي إلى حدوث فرط استقطاب للعصب، وبالتالي توقفه عن أداء وظائفه”.

للتحقق من النتائج التي توصلوا إليها في الخلايا، قام الباحثون بإجراء نفس التجربة على ذباب الفاكهة. وبعد حذف جين الإنزيم الرئيسي PLD2 لدى بعض الذباب، اكتشف الباحثون أن الذباب بدون هذا الإنزيم كان أكثر مقاومة للكلوروفورم، واحتاجوا إلى استخدام تقريبًا ضعف كمية المخدر، التي يحتاجها الذباب الطبيعي ليصبح مخدرًا.

ويقول دكتور هانسن: إن هذه النتائج تدل على أنه على الرغم من أهمية PLD2 في إحداث آثار التخدير، إلا أنها ليست الآلية الوحيدة في هذه العملية المعقدة. إن هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به للكشف عن المزيد من الأسرار المتعلقة بآلية التخدير وكيفية تأثيرها على الجسم بغرض تطويرها وتحسينها وتجنب أي آثار سلبية لها.

 

شاب يجري عملية في “المخّ” وهو بكامل وعيه بدون تخدير | اليوم

 

مصدر الصورة: Getty images

للمزيد:

أساليب مرعبة لتخدير المريض.. قبل اكتشاف “الكلوروفورم”

مريضة تستيقظ من التخدير أثناء جراحة في الدماغ وتتحدث الى الأطباء ..