أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (BBC)

مع فصل الشتاء، تكثر الإصابات بأمراض الإنفلونزا ونزلات البرد. ولذلك، يعمد المرضى إلى تناول الأدوية للتخلص من الرشح. غير أنّ هناك طرقاً علاجية عديدة وطبيعية، يعتقد البعض أنها تساهم في معالجة هذه الأمراض. ولعلّ تناول مواد مكملة لمواد مغذية أساسية مثل الفيتامينات والزنك والحديد، لن يكون مفيداً بدرجة كبيرة إلا إذا كان المرء يعاني من نقصٍ في هذه المادة أو تلك تحديداً. وعلى الرغم من ذلك، فقد كشفت دراساتٍ أُجريت بشأن الأساليب والوصفات العلاجية الخاصة بمواجهة نزلات البرد عن أن تناول أطعمةٍ أو مكملاتٍ غذائيةٍ كتلك يمكن أن يُحدث فارقاً. وفي هذا الصدد، فقد أظهرت دراسةٌ أن “الثوم أدى إلى تقليل الإصابة بنزلات البرد عندما تم تناوله كمكملٍ غذائي”.

وينظر إلى الثوم على أنه وسيلةٌ علاجيةٌ تحظى بشعبية كبيرة. ففي دراسةٍ أُجريت على نطاقٍ محدود، أُعطي 146 شخصاً من البالغين الأصحاء إما حبة دواءٍ وهميةٍ “بلاسيبو” أو مُكمل غذائي يومي من الثوم لمدة 12 أسبوعاً خلال فصل الشتاء. وبينما أصيبت المجموعة التي تناولت الحبة الوهمية بـ 65 نزلة برد أدت إلى أخذ المصابين بها عطلات مرضيةً وصلت في مجموعها إلى 366 يوماً، لم يتجاوز عدد حالات الإصابة بين أفراد المجموعة الأخرى الـ24، كما لم تتعد أيام العطلات المرضية بينهم 111 يوماً.

إلى جانب ذلك، فقد أظهرت دراسة أخرى فوائد فيتامين “سي” كمكمل غذائي، يقلص فترة الإصابة بنزلات البرد لدى الأطفال بنسبة 14% ولدى البالغين بنسبة 8%. وخلص الباحثون إلى أن الأمر قد يستحق تجربة هذا المُكمل الغذائي للتحقق مما إذا كان مفيداً لعلاج نزلات البرد أم لا، في ضوء أنه لا يترتب على تناوله مخاطر تُذكر.

أما عصير البرتقال فربما يكون أقل فائدة، إذ لا يوجد أي دليلٍ قويٍ يفيد بأنه يساعد على الوقاية من الإصابة بنزلات البرد أو يخفف من أعراضها أو يقلل من مدة المعاناة منها.

وفي هذا الإطار، يقول هارّي هيميلاّ، الباحث في مجال الصحة العامة بجامعة هيلسنكي ومعد دراسة حول تأثير فيتامين “سي”: “إن السبب في ذلك يعود إلى أن عصير البرتقال لا يتضمن نسبةً عاليةً بما يكفي من ذلك الفيتامين من شأنها إحداث التأثير نفسه الذي ينجم عن تناول المكملات الغذائية التي تحتوي عليه يومياً”. ومن غير المرجح أن يُحدث عصير البرتقال فارقاً على صعيد الوقاية من الإصابة بنزلات البرد أو تخفيف أعراضه.

ومع ذلك، ثمة مشكلةٌ تتعلق بما يمكن أن نسميه “قوة الإيهام”. ويمكن أن نجد من يقسمون على أن أطعمةً ومشروباتٍ مثل حساء الدجاج وعصير البرتقال أدت إلى شفائهم من نزلات البرد بالفعل، رغم أن الأدلة العلمية التي تثبت صحة ذلك محدودة.

غير أنّ ذلك يجعلنا نقول إن ما يتردد في هذا الصدد ناجمٌ عن “قوة الوهم” أو الإيهام بالفعل، وهو أمرٌ تبين أنه فعالٌ في تخفيف الكثير من الأعراض، وذلك بالرغم من أن أسباب حدوث ذلك لم تُفهم بعد على نحوٍ كامل. كما أن تأثير مثل هذا الوهم – سواء ذاك المتعلق بفعالية فيتامين “سي” أو حساء الدجاج – قد يكفي لمساعدتنا على التعافي من نزلات البرد.

وتتطرق فيليسيتي بيشوب، الأستاذة المشاركة لعلم النفس الصحي في جامعة ساوثهامبتُن البريطانية، إلى أوجه التشابه بين حبة الدواء الوهمية التي تُعطى من جانب الباحثين والأوهام التي تُبث في الأذهان في الحياة الواقعية. وأظهرت دراساتٌ تُجرى حول تأثيرات فيتامين “سي” أنه مفيدٌ على صعيد مواجهة نزلات البرد.

وتقول إن الدراسات تُظهر أن “تأثير حبة الدواء الوهمية ينبع من العلاقة التي تسودها الثقة بين المرضى والمتخصصين في مجال العناية بالصحة. وهذا يشبه ما يفعله الوالدان عندما نكون صغاراً. الأمر المهم هنا هو طبيعة العلاقة لا هوية أطرافها”.

وتلفت إلى أن “قوة الإيهام المتعلقة بفائدة طعامٍ معينٍ مثل عصير البرتقال، لا تأتي فقط مما يقوله الأصدقاء أو أفراد الأسرة الموثوق فيهم، وإنما يمكن أن تُعزز من خلال الطريقة التي يتم من خلالها تسويق الطعام”.

وتوضح بيشوب إلى أنه “عندما يتبع الطبيب نهجاً شفافاً ويقول للمرضى إن دواءً ما ليس إلا علاجاً وهمياً ولكنه أدى إلى مساعدة بعض المرضى، قد يحدث تحسن للحالات المرضية”.

للمزيد:

أدمغة المراهقين في مرمى ضربات الكرة المتكررة