أخبار الآن | دبي – الامارات العربية المتحدة – (عبدالرازق الطيب)
باتت بدانة الأطفال مشكلة صحية عصرية تواجه الدول. فبعد ارتباطها بأطفال الدول المتقدمة لفترة طويلة تفشت بين أطفال الدول النامية. وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية الى أنه في حال سارت الأمور في الاتجاه السيئ فإن العالم سيشهد ارتفاعاً غير مسبوق في أعداد الرضع والأطفال المصابين بالبدانة ليصل الرقم الى حوالى 70 مليوناً في حلول العام 2025.
وترتبط البدانة في مرحلة الطفولة بمجموعة كبيرة من المضاعفات المستقبلية، مثل الداء السكري النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم، وزيادة نسب الشحوم في الدم، والأزمات القلبية والدماغية الوعائية، ومشاكل على صعيد العينين والكليتين، والاكتئاب، ونوبات توقف التنفس خلال النوم، وانزلاق مشاشة رأس عظمة الفخذ، والبلوغ المبكر عند الإناث.
ويبدو أن تأثير البدانة على القلب هو أكثر مما كان يُعتقد سابقاً، فقد كشفت دراسة ألمانية حديثة نشرتها مجلة جمعية القلب الأميركية عن وجود تغيرات سلبية في شكل القلب ووظيفته لدى الأطفال البدناء مقارنة بأقرانهم من أصحاب الوزن الطبيعي.
الدراسة شملت 101 طفل تراوحت أعمارهم من 9 الى 16 سنة، منهم 61 طفلاً بديناً، أما المتبقون فهم من معتدلي الوزن. وقارن الأطباء خلال الدراسة أشكال القلب ووظائفه عن الفئتين باستخدام التصوير بالأمواج فوق الصوتية ثنائية الأبعاد، فتبين أن معظم الأطفال البدناء كانوا يعانون من ارتفاع في ضغط الدم، ومن زيادة في مستوى الشحوم الضارة في الدم، وانخفاض معدل الكوليسترول الجيد مقارنة مع الأطفال المعتدلي الوزن. ورصد القائمون على البحث علامة تحذيرية مثيرة للقلق هي تضخم غرف القلب، وهذا دليل على أن القلب يعمل بجهد أكبر ما يعرّضه للخطر.
وإذا حاولنا سبر الأسباب التي تقود إلى زيادة الوزن والبدانة لدى الأطفال، فإننا نجد ضالتنا في الأسباب الآتية:
1- الاعتماد المنهجي على الوجبات الجاهزة في تغذية الطفل، فهذه الوجبات التي لها مفعول الســـحر على الصغار تحمل معها سعرات حرارية عالية وفيها الكثير من الدهون والسكريات والنشويات والملح.
2- التسوق المكثف للأطعمة والمشروبات الغنية بالطاقة.
3- انتشار ثقافة الإكثار من الأكل في بعض المجتمعات، خصوصاً العربية.
4- عادة الخمول التي أدت إلى قلة النشاطات الرياضية، وقد ساهم في تفشي هذه العدة السيئة غول الإلكترونيات الذي سلب عقول الصغار وجعلهم يهدرون الوقت سريعاً على حساب أوقات أخرى مخصصة للنوم والدرس والرياضة والنشاطات الاجتماعية المفيدة.
كيف تمكن محاربة البدانة؟
قبل الدخول في متاهات الحلول التي تقضي على البدانة لا بد من الإشارة الى أهمية وضع خطوط عريضة للوصول الى الهدف ، والابتعاد من فرض نظام غذائي قاس على الطفل لأنه لن يعطي نتيجة، بل ربما يقود الى نتائج عكسية.
ويختلف علاج بدانة الأطفال عن غيرهم من البالغين، فالأطفال هم في طور النمو، ولهذا يحتاجون إلى الكثير من العناصر الغذائية التي يتحتم تأمينها لهم مهما كانت الظروف. إن العنوان الأكبر في علاج البدانة يجب أن يتمحور حول عملية إبطاء الوزن أو منع زيادته الى أن يصل الطفل إلى الوزن الصحي الذي يتناسب مع طوله وعمره. ومما لا شك فيه أن الوصول إلى الوزن المثالي لن يتم بالوتيرة نفسها عند الكبار بل يحتاج الى وقت طويل قد يســـتغرق سنــة أو سنــتين أو ثلاث سنوات وربما أكثر وذلك تبعاً لعمر الطفل وطوله.
إن إحداث تغييرات تدريجية على النظام الغذائي، وإطلاع الطفل على جوهر هذه التغييرات، مع تأمين الدعم الكافي لاتباع نمط حياة صحي وغذائي سليم بعيداً من الوجبات السريعة، الى جانب ممارسة النشاطات الرياضية المنتظمة، يجب أن تكون حجر الأساس في مواجهة البدانة في الصغر قبل أن تصبح أمراً واقعاً في الكبر.
وكي تكتمل خطة مواجهة بدانة الأطفال لا بد من حضهم على شرب الماء الطبيعي بدل المشروبات الغازية والسكرية التي تعطي سعرات حرارية لا قيمة لها تلحق أشد الضرر بالصحة.
وإذا أخذنا بنتائج دراسة لباحثين من جامعتي نيويورك وسيراكيوز الأميركيتين ونشرت في دورية طب الأطفال، فإن توفير صنابير المياه بشكل أكبر في المدارس يمكن أن يساعد في حل مشكلة البدانة ويساعد الأطفال على عدم اكتساب أوزان إضافية. ولفتت الدراسة التي استغرقت خمس سنوات، الى أن توفير صنابير المياه بشكل أكبر داخل المدارس، له أثر مذهل على فقدان الطلاب الوزن.
إن الفكرة الأساس التي أتت بها الدراسة هي أن مياه الشرب يمكنها أن تصبح بديلاً من المشروبات الغازية والسكرية وغيرها من المشروبات التي تحتوي على كميات كبيرة من السعرات الحرارية التي تساهم في زيادة الوزن وفي تفشي البدانة عند الأطفال… فنصيحتنا للكبار أن تشجعوا أطفالكم على شرب الماء في البيت وخارجه.
إقرأ أيضاً