أخبار الآن | دبي – الامارات العربية المتحدة (وكالات)

زادت التكنولوجيا الحديثة من كم المعلومات المحيطة بالإنسان حتى كادت تغرقه، وقد ساهم الإغراق المعلوماتي بالإثقال على الدماغ وتشتيت بعض من تركيزه، حتى أصبح الإنسان المواكب للتكنولوجيا يحتاج إلى وقفة طويلة ليجمع شتات دماغه ويصنف ما يحيط به من المعلومات إلى مهم وأقل أهمية، إلى ضروري وغير ضروري، إلى فوري ومؤجل.

وعليه، يعد هذا السيل المعلوماتي ثقلاً على الذاكرة، ومن ثم تحتاج إلى تدريب لتتسع للمعلومات لفترة أطول.

كيف ذلك؟

ليس هناك حل سحري لتقوية الذاكرة، فهي تحتاج تدريباً بعدة طرائق لتصبح أقوى، وقد تحدثت الدراسات على مر السنين عن عدة استراتيجيات لتحسين الذاكرة، سنذكر هنا بعضاً منها:

أولاً: التركيز التفاعلي

ينصح خبراء علم النفس باستخدام طرائق متنوعة لتركيز انتباهك على ما يهمك، والتي تضمن لك أن تتذكر محتوى الكلام لفترة طويلة. فعلى سبيل المثال، إذا كنت تستمع لحديث، أو محاضرة، أو نقاش يهمّك، يمكنك تكرار أو إعادة صياغة ما يقال، وكتابته إذا كان ذلك ممكناً. بماذا يفيد ذلك؟

بحسب خبيرة علم النفس “ديان روبرتس ستولر” فإن تغيير استراتيجيات التركيز تجعل الدماغ يبني المزيد من الروابط العصبية بين المعلومات الداخلة، مما يسهل عملية استرجاعها.

إلى جانب ذلك، أكدت دراسات سابقة أهمية الانتباه والتركيز بكامل الحواس في أثناء الاستماع لمعلومات جديدة ومهمة، وذلك مبني على نظرية معروفة في علم النفس المعرفي وهي “تأثير الأولوية”، والتي ترى أن الإنسان يتذكر التفاصيل التي تعرض أمامه بداية، أكثر مما يعرض في المنتصف، ما يعني أن الانتباه إلى المعلومات الجديدة والتركيز فيها في بداية الكلام تجعل احتمال تذكرك أكبر. كما أنك يجب أن تحرص على فهم ما تسمع بشكل عميق وتحلله وتسقطه على الواقع، لأن ذلك يحفظ المعلومات على المدى البعيد.

ثانياً: تبني طرائق تفكير جديدة

تحدثت دراسات كثيرة سابقة عن قدرة الدماغ على تغيير مبناه وبناء وهدم خلايا وروابط عصبية بالتلاؤم مع النشاط الفكري للإنسان، وعليه؛ فإن اتباع استراتيجيات تفكير متنوعة تقوي الدماغ وتحافظ على خلاياه، وربما تزيد منها. ومع أن تعبير “تعلم طرائق التفكير” قد يبدو معقداً وغير مفهوم، إلا أنه يعني ببساطة: “كسر الرتابة”؛ وذلك بتعرُّف أشخاص جدد ومتنوعين، والتحدث معهم، أو بتغيير الطريق التي اعتدنا أن نسلكها إلى العمل، أو غيرها من كثير من التغييرات اليومية البسيطة.

وفي هذا السياق نذكر أن تغيير العادات، والسلوك، والتجديد الدائم، يؤثر في الدماغ ويقوي من روابطه، في حين أن اتباع الرتابة يقتل فعلياً خلايا الدماغ، لأنها لا تعمل!

إذن، عليك استعمال الحد الأقصى من قدرات دماغك بأكثر الأساليب تنوعاً.

ثالثاً: تخفيف الضغط

وعن تخفيف الضغط تقول د.ستولر: إنه من أصعب الأمور فعلاً على الإنسان، لكنه من أهم ما يجب التخلص منه لتحسين التركيز والانتباه واسترجاع المعلومات، خاصة إذا رافقه مرض أو صدمة نفسية.

وفي هذا السياق تقول: إن الرابط بين دقات القلب والتنفس وبين الدماغ هي روابط قوية جداً، فإذا توترت الأعصاب دق القلب بسرعة وتسارعت وتيرة التنفس، مما يتسبب بإعاقة الدماغ عن العمل بشكله الأمثل. وفي المقابل فإن المحافظة على تنفس منتظم ودقات قلب منتظمة تحسن الأداء، وخاصة في الأماكن المسؤولة عن تخزين الذاكرة وتسجيل المعلومات واسترجاعها.

رابعاً: التغذية السليمة

وفي هذا السياق ينصح الخبراء بتناول أطعمة تحوي موادَّ مضادة للالتهابات وغنية بالبروتين وفيتامين ب 12 الموجود بكبد الدجاج واللحوم والسمك والبيض وأوميغا 3 الموجود ببذر الكتان والصويا والسمك، لأنها تحدث فرقاً حقيقياً في تحسين الذاكرة والتركيز.

خامساً: النوم المنتظم

يعتبر النوم من السلوكيات الأكثر تأثيراً في جوانب كثيرة من حياتنا، لذلك ينصح الخبراء في الطب وفي علم النفس أخذه على محمل الجد. إذ من المهم جداً أن ننام بحسب جدول ثابت، وفي بيئة هادئة (بدون تلفاز أو مذياع) لأن ذلك يساعد على تنظيم عمليات الجسم مثل التنفس ودقات القلب، التي تؤثر بدورها في الذاكرة. كما أن النوم العميق يفعّل الدماغ بالطريقة المثلى، ويجعل النوم يمر بكل مراحله المطلوبة التي تفيد الجسم، ويرسخ المعلومات التي استقبلها الدماغ قبل النوم ويخزنها في الذاكرة بشكل أفضل.

سادساً: التمرّن

تقول د.ستولر إن التمرّن البسيط له فاعلية كبيرة في وظائف الدماغ، ومنها الذاكرة، لذلك فهي تنصح بالتحرك لمدة 20 دقيقة يومياً على الأقل. ولا يجب أن يكون ذلك بالقيام بتمرينات رياضية صعبة، بل يكفي أن نختار استخدام الدرج بدلاً من المصعد، أن نقوم بتمارين ليونة بسيطة في أثناء مشاهدة التلفاز، رياضة “تاي تشاي” الصينية التي تساعد على التأمل وتصفي الذهن.

سابعاً: كن حذراً من تناول الأدوية

تحتوي الأدوية على العديد من المركبات الكيميائية التي تؤثر في الدماغ، لذلك ينصح بالحذر في تناولها والانتباه لأعراضها الجانبية التي قد تؤثر بشكل مباشر في الذاكرة. ومن بين الأدوية التي يجب الحذر منها هي المنوّمات، الستيروئيدات، مضادات القلق، أدوية الصرع، المهدئات والأدوية ملينة العضلات. كما يجب الحذر أيضاً من الأدوية العشبية وليس الكيميائية فقط.

ثامناً: تجنب الخمر والمخدرات
 

وتقول د.ستولر: إن من يريد خسارة ذاكرته فعليه بالكحول والبيرة والمخدرات، ومن يريد الحفاظ عليها يجب أن يتجنبها بشكل كامل، لأن تأثيرها السلبي في الذاكرة هو أمر حتمي.

تاسعاً وعاشراً: أقلع عن التدخين وقلل من الكافيين

يؤثر التدخين في نسبة الأوكسجين في الدماغ، مما يؤدي بدوره إلى ضعف في كافة عمليات الدماغ ومن ضمنها الذاكرة، لذلك ينصح الخبراء بتجنب التدخين بشكل كامل إذا أراد الشخص المحافظة على ذاكرته وتحسينها.

إلى جانب ترك التدخين، يجب التقليل من كمية المشروبات الغنية بمادة الكافيين التي نشربها يومياً. ومع أن الكافيين قد يكون مفيداً لتنشيط الذاكرة على المدى القريب، إلا أن تأثيره سلبي على المدى البعيد؛ ويعود السبب إلى أن تناول الكافيين بشكل مستمر لمدة طويلة يؤثر في فاعلية الغدة الكظرية التي تؤثر في نشاط منطقة استرجاع المعلومات بالدماغ.