دبي, الامارات العربية المتحدة, 10 ابريل 2014, ايلاف –

تتواجد بكتيريا ستافيلوكوكوس أوريوس العنقودية بشكل اعتيادي في الكثير من زوايا الحياة، وفي جسم الإنسان أيضًا، لكن بعض أنواعها يشكل خطورة كبيرة على الصحة. وتكشف دراسة أميركية جديدة أن مادة تريكلوسان إحدى المواد المستخدمة في إنتاج مستحضرات التجميل تشجّع على نمو وتكاثر هذا النوع من البكتيريا.

نشر العلماء الأميركيون دراستهم الجديدة في مجلة “م. بيو” المتخصصة، مشيرين بأصابع الاتهام إلى مادة “تريكلوسان” التي تستخدمها شركات التجميل في إنتاج العديد من مزيلات الروائح والصابون ومعاجين تنظيف الأسنان وغيرها.

وعلى الأقل تساعد هذه المادة على تكاثر ستافيلوكوكوس في الأنف، ويمكن لهذا “التجمع المشبوه” أن يكون خطيرًا لقرب الأنف من الدماغ، ولترابط الأوعية الدموية بينهما، وخصوصًا أثناء العمليات الجراحية في الأنف.

جاء في التقرير أن بكتيريا ستافيلوكوكوس أوريوس تتواجد على بشرة الإنسان، وفي الفم والأنف، لكنها لا تشكل خطرًا إلا عند حصول اختلال في جهاز مناعة الإنسان، أو بسبب مرض مزمن، أو ربما بسبب المضاعفات الناجمة من العمليات الجراحية. حينها يمكنها أن تنزع ورقة البراءة عنها، وأن تتحول إلى سبب لالتهابات خطيرة، تمتد بين التهاب الدم والتهاب الرئتين أو الدماغ.

من مادة مضادة إلى حاضنة

يعرف عن ستافيلوكوكوس أوريوس المرضية أنها تطور مقاومتها للمضادات الحيوية بسرعة. وربما أن أخطر أنواعها هو النوع المقاوم للميثيسيلين، أي المقاوم للبنسلين والأنواع القديمة الأخرى من المضادات الحيوية. إذ طورت هذه البكتيريا مقاومتها للأنواع الجديدة من المضادات الحيوية، وتتسبب اليوم بحالات وفيات عديدة في المستشفيات والمصحات يوميًا.

الطريف في اكتشاف الباحثين الأميركيين، هو توصلهم إلى أن مادة تريكلوسان، التي يستخدمها منتجو مستحضرات التجميل، كمادة مقاومة للبكتيريا، أصبحت، بحكم تطور هذا النوع من البكتيريا، حاضنة لها. كما تستخدم هذه المادة أيضًا بكثرة في إنتاج الملابس المضادة للتعرّق، وفي صناعة مواد التنظيف المنزلية، وفي إنتاج مساحيق غسيل الملابس.

الأهم من كل ذلك هو أن تريكلوسان عرفت، كما هي الحال مع بعض المواد الأخرى، مثل جزيئات البلاستيك، كيف تتسلل إلى جسم الإنسان. وعثر العلماء في دراساتهم السريرية على هذه المادة في دماء المواطنين، كما عثروا على نسبة منها في حليب الأم.

وحينما أجرى بليز بولز، من جامعة ميشيغان، أبحاثه على مخاط استمدوه من أنوف متطوعين، عثروا على التريكلوسان في مخاط 37 من مجموع 90 إنسانًا يتمتع بكامل صحته. وظهر أن بكتيريا ستافيلوكوكوس أوريوس تتواجد في ثلثي أنوف الذين شملتهم الدراسة، وكانت تبلغ الضعف في أنوف من ثبت أن نسبة تريكلوسان عالية في أنوفهم، في حين كانت نسبة البكتيريا قليلة جدًا في الأنوف الخالية من هذه المادة.

ويعترف بولز بأن عدد المشاركين في الدراسة كان ضئيلاً نسبياً، لكنه يعد العدة إلى دراسة أوسع ستؤكد نتائج الدراسة الحالية حول مخاطر التريكلوسان الصحية.

تساعد البكتيريا على الالتصاق بالبروتينات البشرية

من نتائج الدراسة الأخرى حول علاقة تريكلوسان بنمو البكتيريا المرضية، ظهر من خلال التجارب المختبرية على الفئران، أن هذه المادة أدت أيضًا إلى زيادة نمو وتواجد ستافيلوكوكوس أوريوس في أنوف الفئران.

ولاحظ العلماء أن جزيئة تريكلوسان تساعد البكتيريا على الالتصاق بالبروتينات البشرية، وخصوصًا في الأغشية المخاطية، مثل الكولاجين والكرياتين والفايبرونكتين. كما تم العثور عليها على السطوح الاعتيادية في المنازل، التي تستخدم تريكلوسان في التنظيف، مثل سطوح أكواب الشرب والأواني البلاستيكية.

الجدير بالذكر أن العلماء يختلفون منذ سنوات حول علاقة التريكلوسان بنمو البكتيريا، وأثار العلماء الألمان منذ سنوات مسألة تأثيرها السلبي على العضلات والهرمونات. على هذا الأساس فقد حظر الاتحاد الأوروبي استخدامها منذ سنة 2010، لكن الشركات في بقاع العالم الأخرى مازالت مترددة في التخلي عنها.

سقوط صبغات الشعر

قبل سنة من الآن أخضع خبراء مجلة “إيكو-تيست” الألمانية البيئية المعروفة 23 نوعًا من صبغات الشعر، للنساء والرجال، من الماركات السائدة في السوق، إلى فحوصاتهم، ولم يمنحوا أية ماركة درجة مقبول. وجاء في تقرير المجلة أن كل هذه الصبغات تحتوي على مواد مشكوك في تأثيرها على صحة الإنسان، وأن معظمها نال درجة “ضعيف”. بين هذه الماركات صبغات الشعر من “لوريال” و”شفارتسكوبف” و”بولي”.

بل إن بعض مستحضرات صبغ الشعر”الطبيعية”، التي تحمل “العلامة الخضراء”، على علبتها، لم تخلُ من المواد الضارة. فهذه المستحضرات التي تحتوي على صبغات نباتية مثل “ناتروتينت”، و”سانوتينت”، والحنة، تحتوي على مواد يقف العلم في شك حول تأثيراتها على صحة الإنسان.

كل صبغات الشعر غير النباتية كانت تحتوي على مواد كيميائية مثل “الأمين العطري 2.5 توليلندامين (PTD) وب -فيناليندامين (PPD)، وهي مواد قد تثير الحساسية عند احتكاكها بالجلد. هذا فضلًا عن مادة ب- أمينوفينول، التي يشك العلماء في أنها تؤثر في العناصر الوراثية للبشر. وهذه المواد لا تسبب السرطان، حسب تقدير خبراء المجلة، لكنها ليست بريئة من مضاعفات أخرى قد تكتشف لاحقًاَ.

نيرون أفضل من جيرهارد شرورد
كان نيرون، طاغية روما، يصبغ شعره الأبيض بعجينة السباغيتي، كما يصبغ المستشار الألماني السابق جيرهارد شرودر شعره بالحنة. وإذا كان الإسكندر ذو القرنين يخفي قرنيه بشعره، وقتل حلاقه كتمًا للسر، فإن شرودر أقام دعوى قضائية ضد الحلاق الذي تحدث عن صبغ شعره بتهمة الكذب.

بعد دراسة متأنية لتاريخ المجتمعين القديمين الروماني والأغريقي، خلص فريق من الباحثين الفرنسيين والألمان، من مركز الدراسات العلمية في باريس، إلى أن الرومان القدامى كانوا يصبغون شعرهم بعجينة السباغيتي.

وأكد البروفيسور فيليب فالتر أن رجال روما وأثينا قبل 2000 عام كانوا أول من استخدم التقنية النانوية (نسبة إلى النانومتر الذي يعني 1 من مليون جزء من المتر) في صناعة مستحضرات التجميل. إذ إن معاملة الشعر بعجينة أوكسيد الرصاص والجير المطفأ كان يلون الشعر بكريستالات نانوية صغيرة وفعالة، لكنها كانت ضارة بالصحة.

لم تختلف الصورة اليوم، لكن صبغة السباغيتي القديمة أكثر سلامة، وأكثر ثباتًا، من صبغات اليوم، حسب تقدير الباحثين من “إيكو- تيست”.