كيف تم الاحتفال بالذكرى الخمسين لوفاة بيكاسو؟

  • تشكّل الأعمال الأدبية لفرناند أوليفييه، ولا سيما مذكراتها المنشورة عام 1988، بعد 20 عاماً على وفاتها.
  • يهدف اختيار فرناند أوليفييه موضوعاً لهذا المعرض إلى طرح مسألة “ماهية تراث بيكاسو”.

انتشرت حركة “مي تو” منذ خمس سنوات وهي حركة تهدف الفاع عن النساء, فبعد نصف قرن من وفاة بابلو بيكاسو, انطلق معرض جديد في باريس التي تركز على علاقة الفنان المثير للجدل بفرناند أوليفييه، أولى شريكات حياته، خصوصاً ما يرتبط بالعنف الذي شابها وبنوبات الغيرة والأنانية لديه.

ويُبرز المعرض الذي يقام في متحف مونمارتر في باريس الشهادة النادرة والحميمة لهذه المرأة التي لم تكن مواهبها ككاتبة معروفة جداً، في علاقتها ببابلو بيكاسو وفناني مجمّع “باتو لافوار” السكني الشهير للفنانين في باريس.

وتشكّل الأعمال الأدبية لفرناند أوليفييه، ولا سيما مذكراتها المنشورة عام 1988، بعد 20 عاماً على وفاتها، نوعاً من حوار مع نحو مئة لوحة ومنحوتة ورسم لبيكاسو ولكبار فناني القرن العشرين الذين عرفتهم من كثب في هذا المجمّع السكني الشهير للفنانين الذي أقيم على تلة مونمارتر،على مقربة من كاتدرائية القلب المقدّس وملهى “لابان أجيل” الشهير.

ويهدف اختيار فرناند أوليفييه موضوعاً لهذا المعرض إلى طرح مسألة “ماهية تراث بيكاسو”، على ما قالت سيسيل دوبريه، مديرة متحف بيكاسو في باريس الذي يدير الاحتفالات في فرنسا، في مؤتمر صحافي الأربعاء عن المعرض.

جمهور شاب

وترغب دوبريه في مناسبة الذكرى الخمسين لوفاة بيكاسو، في توفير فرصة “لإعادة قراءة” أعمال الفنان بطريقة “تُخاطب الجمهور الشاب، الأكثر حماسة لإعادة النظر عبر الشبكات الاجتماعية. وللقضايا المثارة ضمن +مي تو+”.

خلال فعاليات الذكرى الـ 50 لوفاته.. معرض عن شريكة حياة بيكاسو الأولى

وأدّت هذه الحركة التي وُلدت في الولايات المتحدة في تشرين الأول/أكتوبر 2017 لتشجيع النساء ضحايا العنف الجنسي على الإدلاء بشهاداتهن، إلى تحوّل كبير في العقليات في كل أنحاء العالم وإلى “تشويه” بيكاسو، على ما أقرّت دوبريه في لقاء مع وكالة فرانس برس في نيسان/أبريل.

فمنذ وفاة الرسام عام 1973 في موجان في كوت دازور، رسم عدد من الكتب المثيرة للجدل صورة قاتمة جداً عنه. وصوّره بودكاست نسوي حديث مخصص لبيكاسو، يبلغ عدد متابعيه 250 ألفاً لكنه لا يستند إلى أية “مصادر تاريخية” وفقاً لدوبريه، على أنه رجل عنيف ومؤذٍ، لا يتورع عن استغلال شابات في مقتبل العمر.

وقالت ناتالي بونديل، وهي من القيّمين على المعرض “بعد خمس سنوات على +مي تو+، ينبغي تصحيح بعض الأمور. فبدلاً من +ثقافة الإلغاء+ (التي تميل إلى +شطب+ الشخصيات الشخصيات العامة الشهيرة بسبب سلوك في الماضي تجاه النساء بات في الوقت الراهن يُعتبر مستهجناً، يجب التحدث عن + ثقافة السياق+”.

ثقافة السياق

واعتبرت دوبريه أن فيرناند أوليفييه “هي في آن واحد بمثابة نظرة خام وواقعية جداً إلى وضع النساء في بداية القرن، وامرأة عاملة تولت أكثر من وظيفة ومتواضعة لكي تبقى مستقلة خارج إطار الزواج وامرأة قوية وذكية جداً في كتاباته وفي نظرتها إلى المجتمع والفنانين”.

وأوضحت بونديل “أنها علاقة ندية تقريباً” مع بيكاسو”، “فقد وُلدا في السنة عينها (1881)، والتقيا في وقت لم يكن بيكاسو معروفاً بتاتاً وكان يفتقر لكل شيء. لقد كان غيوراً ويعمل كثيراً، بلا شك، لكنه لا يشبه أبداً الصورة (السلبية) التي رسمتها عنه فرنسواز جيلو أو التي صوّرتها لاحقاً حفيدة بيكاسو”، مارينا.

ويظهر هنا بيكاسو العاشق “والحنون والمحب. لقد كان الحبيب الوحيد من هذا النوع لفرناند أوليفييه، ما يعاكس بدرجة كبيرة صورة الوحش”، وفق دوبريه.

وتعكس حياة فرناند أوليفييه، واسمها الحقيقي أميلي لانغ، الكثير من الحقائق بشأن وضع النساء في مطلع القرن العشرين.

فهذه المرأة التي تخلى عنها والداها وربّتها عمتها البرجوازية، تزوجت قسراً من رجل عنيف ومغتصب، ما دفعها إلى الهروب منه.

ولدى وصولها إلى “باتو لافوار” كعارضة محترفة سنة 1901، التقت بابلو بيكاسو سنة 1904 وكانت شريكة حياته حتى 1912.

وتجلّت موهبتها الأدبية خصوصا من خلال كتاب “بيكاسو وأصدقاؤه” المنشور سنة 1933، فضلا عن “ذكريات حميمة” الذي نُشر بعد وفاتها.