فيلم 1941.. قصة يمنية وصلت العالمية
يبدأ الفيلم بظهور أشخاص يمسكون بكرة صوف حمراء اللون، ويحيكون، تبدو عليهم حالة من الذهول، أو الصدمة، وكأنهم معزولون عن العالم.
يقفون بجانب بعضهم، ولكنك تشعر بأنهم في عوالم مختلفة، (عقلهم ليس معهم)، حركاتهم كلها آلية.
هدوء مخيف وأزيز بين حين وآخر، كل رجل منهم يقف بصدره العاري ممسكا بخيوط الصوف، ومنهم من أعمى بصره تماما بالصوف، ولازال مستمراً بالحياكة، وفي آخر الفيلم نرى طفلاً يحيك يبدو أكثر انتباهاً لما يفعله، ولكن لا نعرف هل سيصبح منقطعا عن العالم مثل الآخرين.
كان هذا وصفاً للفيلم التجريبي اليمني 1941 من وجهة نظر كاتبة المقال، ولكن دعنا نقرأ ما يقوله مخرج الأفلام التجريبية المنتج عاصم عبدالعزيز.
فيلم 1941 يصور الجانب العاطفي، والنفسي للأشخاص الذين يعيشون في بلد يعاني من الحرب. مع استمرار الحرب في اليمن، يعتمد الكثير من الناس على الحياكة لإلهاء أنفسهم عن الواقع، بحركاتها الإيقاعية المتكررة التي تضعهم في اللحظة الحالية، وتصرفهم عن التفكير في الماضي أو الخوف من المستقبل”.
فكرة الفيلم بدأت عندما عاد عصام إلى عدن بعد أربع سنوات من العيش في ماليزيا، حينها أدرك كيف أن الحرب غيرت الناس بشكل كبير، وأصبح الكثير منهم يعاني من الاكتئاب، والقلق، والخوف، والحزن، والصدمات النفسية، مما جعل عصام يفكر في إنتاج فيلم قصير يركز على الجانب العاطفي، والنفسي، فنادراً ما يتم تسليط الضوء على الصحة النفسية لمن يعيشون في مناطق الحرب، وغالبا ما يتم رفض تمويل هذه المشاريع بحسب تصريح المخرج.
ليست هذه أول أعمال المخرج
يقول المخرج عاصم “بدأت العمل بدوام كامل في مجال الفنون في عام 2019. في هذا العام أنتجت سلسلة تصوير تعاونية مع المصور البروناوي أمين قاسم. كان مشروعنا “Moved with Nature” أول مشروع تصوير لي حيث يركز على حركات الجسم وقيودها على الرجال في العالم العربي.
بمجرد عودتي إلى اليمن، بدأت العمل في سلسلتي الثانية التي تحمل اسم “Detached”، والتي ظهرت في مجلة Tripe ثم “الحنين إلى الوطن homesick” بتمويل من الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق).
حظى مشروع “حنين للوطن” على انتباه مجلات عالمية، مثل واشنطن بوست، هاي بيست، و آي دي، وتم عرضه في واشنطن العاصمة Arsheef Gallery.
في عام 2020 بدأت العمل في شركة إنتاج Adenium حيث أنتجت برنامج “كلات عدن” مع المخرج اليمني عمرو جمال. ثم في عام 2021، بدأت العمل على أول فيلم قصير لي “1941” وأعمل حاليًا على مشروع “مكان مثل المنزل”، المشروع ممول من السفارة الهولندية في اليمن، وتقود المشروع الفنانة اليمنية ثناء فاروق المقيمة في هولندا.
جوائز ومهرجانات
لطالما اهتم عاصم بالتعبير عن مشاعره، وأفكاره من خلال إخراج، واستكشاف مجال الفن والأفلام التجريبية.
تم عرض أعماله محليًا، ودوليًا، بدءًا من عدن وصولاً إلى واشنطن العاصمة، والمملكة المتحدة.
تم عرض أعماله في مجلات عالمية شهيرة، علاوة على ذلك فاز بكل من “منحة دعم الفنانين” لعام 2020 من الصندوق العربي للفنون والثقافات (آفاق)، ومنحة 2021 “مسارات” من المجلس الثقافي البريطاني.
حصل فيلم 1941 على 4 جوائز حتى الآن، عرض في مهرجان كندا للأفلام القصيرة، وحصل على جائزة أفضل فيلم تجريبي، وأفضل تصوير سينمائي، كما حصل الفيلم على جائزة أفضل مخرج في مهرجان الفيلم البديل، وأفضل فيلم مستقل في مهرجان أضواء كاشفة. علاوة على ذلك، تم اختيار الفيلم للعرض في مهرجان الأفلام القصيرة في رومانيا، ومهرجان مانشيستر السينمائي، وأخيرًا في مهرجان كرامة اليمني لأفلام حقوق الإنسان.
الفن في زمن الحرب
انقطاع الكهرباء، الحالة المادية الصعبة، انعدام الأمان كلها عوامل لا تساعد على الإبداع، ورغم ذلك استمر عاصم في العمل على موهبته ولم يستسلم للظروف.
“من خلال العمل في فيلم 1941، تعاملت مع عشرات العقبات مثل انقطاع الكهرباء كل يوم لساعات، وأحيانًا قد يستمر لعدة أيام مع طقس يصل إلى 38 درجة مئوية، واتصال إنترنت سيئ يجعل من الصعب جدًا تحميل صورة عالية الدقة، ونقص المياه، وتدهور الاقتصاد، وإغلاق المطار مما يجعل من الصعب علي الحصول على فرص في الخارج، وغياب الأمان، وقبل كل شيء غياب الدور الحكومي لدعم الفنانين، ولكنني حصلت على تمويل من قبل المجلس الثقافي البريطاني” يضيف عصام: “يكافح الفنانون في اليمن باستمرار في البحث عن الموارد، والتمويل، والفرص، ومن الصعوبات التي سببتها الحرب مدى انفصال اليمن عن العالم الذي يحد الموارد، ويجعل من الصعب على الفنانين تسليط الضوء على أعمالهم”.
حصل الفيلم على 4 جوائز دولية، ومختارات من المهرجانات السينمائية، ولكن بسبب القيود المفروضة على حدود البلد، لم يتمكن عصام من حضور أي مهرجان منها، والاحتفاء بإنجازاته.
“أتذكر عندما تلقيت أول خبر عن اختياري في مهرجان نيو فيجن السينمائي، في اللحظة التي عرف فيها المهرجان أنني لن أتمكن من الحضور تم إخراجي مباشرة من المهرجان”.
“من خلال فني أريد تغيير الصور النمطية المأخوذة عن اليمن. أريد أن يعرف العالم كم هي جميلة بلدي، ومدى إبداع شعبها. من ناحية أخرى، أود أن ألقي الضوء على الجانب النفسي للأشخاص الذين يعيشون في بلد منطقة حرب، ومدى صعوبة عيش حياة طبيعية، وسلمية مع مواجهة التهديدات بشكل يومي”.
تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن