دور المسنين في تونس.. عالم ملئ بالأسرار والحكايات

مؤسسات رعاية المسنين من الأماكن التي يجب زيارتها بين الوقت والآخر، عالم مليء بالأسرار والحكايات والمآسي. فبحسب المعطيات الرسمية لوزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن في تونس يبلغ عدد هذه المؤسسات حسب آخر تحيين 12 مركزًا، منتشرة خاصة في محافظات منوبة ومنزل بورقيبة وتونس وقرمبالية وباجة. 

فيما يبلغ عدد دور المسنين الخاص 20 مركزًا والتي لا يمكنها فتح أبوابها للمسنين والشروع في استقبال النزلاء إلا عبر التقيد بكراس شروط تضبطها سلطة الإشراف.

هذا التطور في انتشار دور المسنين يكشف وهنًا كبيرًا على مستوى الروابط الأسرية في تونس، وأشباح عديدة تطوف حول فئة المسنين الذين يقبعون في ديار كبار السن.

 شبح العزلة والوحدة أهمهم، ناهيك عن مرض الزهايمر (فقدان الذاكرة) الأشد فتكًا بهم. بالإضافة أيضًا للأمراض المزمنة الأخرى التي لا تحصى ولا تعد. 

وتعتبر هذه الفئة من ضمن أصحاب الاحتياجات الخصوصية، ولنتمكن من الحديث معهم في كل مشاغلهم، اتصلت أخبار الآن بإحدى دور المسنين الخاصة التي تحمل اسمدار الأسرة، وتمكنا من الولوج لهذه الفئة على عكس دور المسنين العمومية التي طالما تقوم بتعقيد الإجراءات للولوج إليها. ولا نعرف في الواقع لماذا؟ هل هو خوف من كشف تقصير أو حماية للنزلاء!.

أردنا رصد حالة المسنين، فقمنا بتسليط الضوء على أحد النزلاء وهو السيد بشير الشيحاوي أحد نزلاء هذه الدار الذي تخلى عند أبنائه وهم يقطنون في عاصمة الحب باريس، فيما يقبع هو وحيدًا فيدار الأسرة“.

و بالرغم من ذلك، لا تفارق البسمة محياه، وهو صديق كل النزلاء بالدار. ويكتفي بشير أحيانًا كثيرة بالجلوس وحيدًا للعيش مع ذكرياته، ذكريات جميلة تتخللها مغامرات ورحلات من بلد لآخر.

لكن بشير ليس الوحيد، فهناك أيضًا بعض النزلاء ليسوا من كبار السن ولكنهم ينتمون إلى فئة أخرى، ممن قذفت بهم أمواج الهجرة غير النظامية، فتكفلت بعض المنظمات العالمية المعنية بهذا الملف إدماجهم وسط هذه الدور لاستحالة إيجاد مكان يأويهم.

دور المسنين في تونس.. ملاذ كبار السن للهرب من أشباح العزلة

بشير الشيحاوي أحد نزلاء دار الحياة

لا نرغب أبدًا في معالجة بعض المواضيع بطريقة بشعة أو تشاؤمية، لكن الواقع الذي يعيشه المسن في تونس أصبح يشكو عيوبًا غير متناهية. لكن في الوقت ذاته، لا يمكننا المرور دون ذكر المجهودات التي يقوم بها الشباب من مكونات المجتمع المدني. فبعض الجمعيات على غرار الهلال الأحمر التونسي، يضعون ضمن أولوياتهم هذه الفئة، فيقومون بزيارتهم في المناسبات الدينية أو في المناسبات.

 ومن المنتظر أن يقوموا بإحياء احتفال يوم الـ27 من رمضان ضمن مجموعة من الفنانين التونسيين الذين تطوعوا لإدخال البسمة على هؤلاء الناس.

وفي ختام هذه اللمحة عن دور المسنين في تونس، لا يسعنا عدم ذكر صاحب الدار ومديرها السيد زهير الحداد الذي لا يدخر جهدًا في الاعتناء بالنزلاء والتفكير دائمًا في متطلباتهم واحتياجاتهم. 

كما لقيت كاميرا أخبار الآن كل الترحاب من القائمين على الدار، عسى أن يصل صوت بشير وغيره إلى الشباب والمجتمع المدني للمساهمة في تحسين أحوالهم.

هذه الرحلة الجميلة والمحزنة في الآن ذاته عبر جدران هذه الدار تجعلنا نتأمل مليًا في صلة الرحم وأهمية الاعتناء بوالدينا الذين يصبحون في حاجة للرعاية تمامًا كما ربيانا صغارًا.