أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة –  بواسطة "ابراهيم الخيمي " بالتعاون مع أراجيك

ربما من المتفق عليه أن الولايات المتحدة الأمريكية هي دولة متفوقة عالمياً في العديد من المجالات، كالمجالات العسكرية و السياسية والاقتصادية و التقنية و غيرها، ولكن إذا تمعنت أكثر في التفاصيل ستجد أنه  لحسن حظ أمريكا – أو لسوءه- فإنها غير متفوقة على بقية العالم في كل شيء.

في هذا المقال سأستعرض  بعض الأمور التي ربما تكون مفاجئة لك، أمور ربما تعتقد أن أمريكا متوفقة فيها، ولكن الحقيقة هي غير ذلك، أرجو لك قراءة مسلية.

– سرعة الانترنت

إن شبكة الانترنت هي اختراع أمريكي،  و الحاسب هو اختراع أمريكي، و معظم الشركات التقنية العملاقة هي أمريكية. بالرغم من أنك لا تعاني انقطاعاً في الشبكة عندما تتصفح موقعاً أو تشاهد فيلماً أونلاين في أمريكا.

إلا أننا عندما نتحدث عن سرعة الانترنت  فإنك ستتفاجئ ربما  إن علمت أن أمريكا ليست حتى في قائمة الدول العشر الأولى من حيث الأداء العالي للانترنت.

حسب تحقيق نشرته CNN فإن السبب في ذلك قد يعود بشكل كبير إلى سلوك المستثمرين في الأسواق المالية الامريكية، و أشهرها سوق نيويورك المالي، الأكبر عالمياُ، في وول ستريت.

إن طبيعة الاستثمار في وول ستريت تفرض على الشركات تحقيق أرباح سريعة في وقت قصير نسبياً،و ذلك على عكس نمط الاستثمار طويل المدى الذي يعتمد على  المشاريع قليلة الربح الآني والمستدامة لفترة أطول.

 ان كنت تعمل في مجال تقنية المعلومات فربما تعلم  الكلفة العالية التي يتطلبها تطوير البنية التحتية الخاصة بمزودات خدمة الانترنت، هذه الكلفة غير متوافقة مع الأرباح التي تحققها شركات الانترنت، وتكون الطريقة الوحيدة للاستثمار في تطوير البنية التحتية هي اقناع المستثمرين بذلك، وهذا ما لايتم في معظم الحالات.

لعدة سنوات كانت كوريا الجنوبية هي الدولة صاحبة الانترنت الأسرع في العالم، و ذلك بسبب عزمها على الاستثمار في تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات بما يتناسب مع الكثافة السكانية فيها، هدفها في ذلك تحقيق أكبر معدل للانترنت السريعة المتوافرة لكل مواطن.

بما أن حوالي ربع سكان كوريا الجنوبية يقطنون في العاصمة سيؤول، فإن نجاح كوريا بتوفير انترنت سريعة للعاصمة سيكون نجاحاً بتحقيق رقم قياسي، وهو انترنت بالغة السرعة متوفرة لكل مواطن من أصل أربعة مواطنين، و هذا ما يساهم في جذب الاستثمارات و تحسين الاقتصاد، حسب CNN.

أما حالياً فإن صاحبة المرتبة الاولى هي هونغ كونغ.

مازلت تسأل عن ترتيب الولايات المتحدة ؟ حسناً، إنها في المرتبة الرابعة عشرة عالمياً.  ربما ستتفاجئ أكثر إن علمت أن ولاية Delaware (وهي من الولايات الفقيرة نسبياً) هي صاحبة الانترنت الأسرع بين الولايات الأمريكية..تسبق بذلك واشنطن.

– براءات الاختراع

لاشك أنك تسمع و تقرأ أحياناً عن العملاق الصيني الذي ينمو و يتسارع و ينافس الولايات المتحدة و أوروبا في العديد من المجالات. إن براءات الاختراع هو أحد أشهر تلك المجالات التي نافست فيها الصين الدول الثلاث التي تربعت على عرش أكبر عدد لبراءات الاختراع في المئة سنة الماضية، وهي  أمريكا، ألمانيا واليابان.

في عام 2011 حققت الصين أعلى رقم لبراءات الاختراع متوفقة بذلك على جميع دول العالم.

هل هذا يعني أن المنتجات الصينية ذات السمعة المتواضعة ستغزو العالم قريباً؟ ليس بالضرورة ، فلحسن الحظ فقط خمسة بالمئة من تلك الاختراعات تم تسجيلها على أنها اخترعات عالمية، النسبة الأكبر من الاخترعات الصينية لاتزال حبيسة سور الصين العظيم.

– انتاج النفط

لا أعتقد أن هذه المعلومة جديدة بالنسبة لك عزيزي القارئ. فكونك تعيش في الشرق الأوسط يعني أنك تعلم أن سياسات الولايات المتحدة الأمركية في منطقتنا موجهة كلياً حسب مصالحها النفطية، و ذلك لأن بعض دول الشرق الأوسط تتفوق بانتاجها النفطي على أمريكا.

الولايات المتحدة الأمركية هي المستهلك الأكبر للنفط في العالم، و لكنها ليست المنتج الأول له.

المنتج الأول للنفط في العالم هو روسيا،تليه السعودية، ثم تأتي أمريكا في المرتبة الثالثة .

وحتى نتحرى الدقة في المعلومة فإن شهر أيار من السنة الحالية كان المرة الأولى في التاريخ الذي تحرز فيها الولايات المتحدة المرتبة الأولى عالمياً في انتاج النفط، متوفقة على روسيا و السعودية معاً، وفقاً لبحث نشره Bank Of America فإن ذلك يعود إلى اعتماد الشركات الأمريكية على تقنية استخراج الطاقة من الصخر الزيتي، ماهي تلك التقنية؟ الله أعلم.

– المسيحية

هل تعتقد أن الولايات المتحدة الأمركية هي دولة مسيحية ؟ ان كنت تعتقد ذلك فأنت تشارك معظم الأشخاص الذين يعتقدون أن الولايات المتحدة هي صاحبة أكبر ثالث تعداد سكاني في العالم بعد الصين و الهند ( وهذا الجزء من الاعتقاد صحيح)، و بما أن الدين المسيحي هو الدين الأكبر في العالم من حيث عدد المعتنقين فإن هذا يقود للاعتقاد بأن عدد المسيحين في أمريكا كبير كفاية ليجعلها دولة مسيحية.

دعني أفاجئك بخطأ الفرضية السابقة. إن نسبة معتنقيي المسيحية في أمريكا هي 73%، وهي، مجدداً، لم تكن كافية لتصنيف الولايات المتحدة بين أكبر عشر دول مسيحية.

تتفوق على الولايات المتحدة في ذلك اليونان بنسبة 99.7 بالمئة ، ثم المكسيك، بولندا، رومانيا، فنزويلا و غيرها..

مقارنة مع التنوع الديني الكبير في أمريكا ربما تكون نسبة 73 % منطقية للافتراض بأنها دولة مسيحية، ولكن الحقيقة تحتلف عن المنطق في هذه النقطة أيضاً.

– البدانة

شخصياً، وقبل إجراء هذا البحث كنت أعتقد أن أمريكا تحوي أكبر عدد من البدناء في العالم. يعود ذلك لمعلومات مسبقة كانت لدي، بالإضافة لمشاهدات أصادفها يومياً من خلال عيشي في الولايات المتحدة. من المنطق أن تعتقد أن أمريكا تحوي أكبر نسبة من البدانة في العالم، وذلك نسبةً لعدد شركات الوجبات السريعة التي تحويها، و نسبةً لنمط الاستهلاك و الحياة السريعين الذين يميزان المستهلك الأمريكي عموماً، فمن يمكن أن يتفوق على الأمريكيين في تناول الهمبرغر و الكنتاكي و البيتزا و البيبسي؟

 ولكن مجدداً عندما تدقق بالأرقام تجد أن الدولة الأولى عالمياً بمعدل البدانية هي ناورو، وهي دولة صغيرة في جنوب المحيط الأطلسي، عدد سكانها حوالي 13 ألفاً، نسبة 95% منهم بدناء. السبب في ذلك يعود إلى عدم وجود أراضي صالحة للزراعة في تلك الدولة، مما يجعلها تعتمد بشكل أساسي على استيراد الطعام، والذي شراؤه ليس بمتناول الجميع.

ماذا عن الولايات المتحدة ؟ هل تعتقد أنها رقم اثنين أو ثلاثة في معدل البدانة ؟ في الواقع إن ثلاثة أرباع الأمركيين يعانون من البدانة، و لكن مع ذلك فإن هذا الرقم غير كافي لجعل أمريكا في المرتبة الثانية أو الثالثة ، هذا الرقم يضعها في المرتبة التاسعة عالمياً من حيث عدد البدناء نسبةً لعدد السكان.

– استهلاك المشروبات الكحولية

مؤخراً خضت نقاشاً فيسبوكياً مع أحد الأصدقاء المقيمين في ألمانيا حول أن الشعب الالماني هو أكثر الشعوب  استهلاكاً للمشروبات الكحولية. حتى ساعة إعداد هذا المقال كنت أعتقد ذلك، ثم بعد البحث و جدت أن معلوماتي كانت خاطئة. الشعب الفرنسي هو أكثر شعوب العالم  استهلاكاً للمشروبات الكحولية، حسب ويكيبيديا.

الشعب الألماني في المرتبة الرابعة ، ويأتي قبله هنغاريا و أستونيا.

ماذا عن أمريكا؟

حسناً، أمريكا هي ليست في قائمة الدول العشر الأوائل، ولا في قائمة العشرين ولا الثلاثين، هي حتى ليست في قائمة الدول الخمسين الأوائل من حيث استهلاك الكحول. متفاجئ؟ و أنا أيضاً !

– معدل الوفيات بسبب استخدام الأسلحة

ان كنت تعيش في أمريكا أو تتابع القنوات الإخبارية الأمريكية فلا يمكن أن يمر اسبوعان أو ثلاثة دون أن تسمع عن حادثة إطلاق نار في مدرسة أو جامعة أو في الشارع أو في مطعم، بعض الحوادث تؤدي لعدد من الضحايا أو تؤدي لانتحار مطلق النار.

طبعاً ذلك يعود إلى أن حق امتلاك السلاح الشخصي هو حق يكفله الدستور الأمريكي بنسخته الأولى، و هو من الأمور التي لايبدو أنها ستتغير في أمريكا .

ربما يجعلك هذا تعتقد أن أمريكا هي الدولة الاولى في العالم من حيث عدد الوفيات بسبب الأسلحة.

الحقيقة أن أمريكا هي الدولة الأولى من حيث نسبة تملك السلاح مقارنة مع عدد السكان، و لكنها في المرتبة الثامنة والعشرين من حيث عدد الوفيات التي سببها امتلاك السلاح، يسبقها في ذلك السلفادور في المرتبة الأولى ثم  هندوراس و جامايكا في المرتبتين الثانية و الثالثة على الترتيب، وذلك بنسبة وفيات تعادل أربع أضعاف نسبة الوفيات في الولايات المتحدة .

– البحث عن مواضيع جنسية اباحية في غوغل

ربما يبدو الموضوع طريفاً، ولكن هل تعلم أن الشركات الأمريكية تنتج أكبر محتوى رقمي في العالم للأفلام الجنسية الإباحية. انتاج الولايات المتحدة من الإباحة الجنسية  يرضي جميع الأذواق، الطبيعية، الشاذة و حتى الشهوات التي ربما لم تسمع بها في حياتك سابقاً، و معظمها مجاني و متاح للجميع.

ولكن عندما يأتي الموضوع لعدد الأشخاص المهتمين بعرض هذا المحتوى و البحث عنه، فمرة أخرى، الأمريكيون ليسوا ضمن قائمة الدول العشر الأولى.

باكستان، الدولة الإسلامية التي تعد إحدى الدول القليلة المتبقية في العالم  التي لاتزال تطبق عقوبة الإعدام بحق الأشخاص الذين يتصفحون مواقع مسيئة للاسلام، باكستان تحتل المرتبة الاولى من حيث عدد طلبات البحث على مواقع إباحية أو مواقع متعلقة بمواضيع و صور جنسية…

لن أخوض في عرض بقية الدول في السلسلة لأن ذلك ممكن أن يكون صادماً لبعض القراء من بعض الدول العربية.

الحقيقة ان هذه النقطة تدفعني لأن أكتب صفحات و أملأ عشرات المدونات لمناقشة العلاقة بين الكبت و بين السلوك المتطرف. هذه العلاقة التي أدعي بأنها صحيحة ليست في الكبت الجنسي فقط، ولكن في المجالات الاقتصادية والسياسية و الاجتماعية،  المنع يؤدي إلى الكبت و الكبت يؤدي إلى قرارات متطرفة و غير مسؤولة.