الحياة تمثل علامة إستفهام كبرى، فهى مليئة بالتساؤلات والمواقف التي تثير دهشتنا، ولا نجد تفسيراً لها .. ولكننا إعتدنا هذه الأمور .. وصرنا نتقبل أشد المواقف وأصعبها بإبتسامة باهتة !
يكاد يكون من المستحيل أن نفهم ظروف الحياة، ولماذا تحدث لنا هذه الأمور وعلى هذا النحو، اليوم؛ أريد استكشاف المزيد من ألغاز الحياة التي تأتينا في هيئة دروس، صحيح اننا ندفع الثمن باهظاً لتعلم هذه الدروس ، إلا ان تعلّمها يختصر علينا المزيد من الألم ..
تجاوز شعور الفقد
قيل قديماً ان الحياة عبارة عن خسائر متتالية، قصص من الألم لا تنتهي، قد تلتقي بشخص ما اليوم وتفقده غداً! هذه هى الحياة مليئة بالمفاجآت ..
ولكن؛ الأيام تمضي، والحياة تسير، والكون كله يدور بإنتظام، الليل ينزل علينا عتمته في الموعد، الشمس لم تزل تشرق !! أنت فقط من تعطلت حركتك.
استمرار الحياة لا يقللّ من شأن من فقدتهم،ولا يقلل من حجم ألمك، لكن عليك ان تدرك ان هذه الخسارة لن تنتهي، هذا الشعور سيتبعك حتى آخر لحظة بعمرك، لذا تعايش به، تعلم كيف تتأقلم على هذه الفجوة التي خلّفها غيابهم، أدرك تماماً كم الألم الذي يخلفه فقد شخصاً ما، جرح لا يلتئم وندوب لا تشفى،ولكن حاول ان تنظر للأمر من منظور آخر؛ أتعلم؟ الامر أشبه بإصابتك بكسر في إحدى قدميك ، كلما خطوت خطوة آلمتك، هل ستتوقف عن السير حينها، أم ستكمل الطريق (الحياة) ..؟ شئت أم أبيت ستواصل السير .. أليس كذلك ؟
صحيح ان خطواتك ستبدو مضطربة لفترة ، وبها خلل واضح، ولكن هذا الأثر لن يبقى طويلاً، سيخف الألم تدريجياً حتى تعتاد السير بقدم مكسور، في نهاية المطاف أنت تمضي، في نهاية المطاف أنت على قيد الحياة، هذا الكسر درس من دروس الحياة، ضربة من ضرباتها ، وطالما انها لم تقتلك ، فلتشد من أزرك إذن ..
إذا كنت تبحث عن السعادة .. ف حياتك بلا معنى !6
حياتنا مليئة باللحظات السعيدة التي تمر سريعاً كما نّدعي دوماً، حقيقة هى تمر كأي وقت آخر، كلحظات الغضب، الحزن، الإنتظار، الوقت كله يمر بنفس السرعة ..البحث عن عموما هو شعور عابر يعتمد على ظروف وقتية، بمعنى ان كنت تشعر بملل او حزن فأنت تلقائياً تبحث عن شيء ما يفرحك ويساعدك على الخروج من تلك المشاعر السلبية التي تعتريك ..
لكن هؤلاء الذين إمتهنوا البحث عن السعادة، هل حقاً يبحثون عن السعادة ؟!
في الحقيقة لا، لسببين ؛ أولهما ان الركض الدائم وراء السعادة أشبه بالركض خلف فقاعة رغبة في الإمساك بها، الأمر بعيد المنال !
والثاني؛ هو ان هؤلاء من يدعون انهم تعساء وانهم قد قضوا نصف أعمارهم بحثاً عن السعادة، هم مخدوعون، ما يبحثون عنه في الواقع ليس السعادة، وإنما عن معنى وهدف لحياتهم .. يركضون بحثاً عن حياة ذات مغزى ..
إسأل نفسك؛ لماذا أعيش؟ ما الذي يجب علي أن أخلفه بعد رحيلي؟ ماذا أفعل في حياتي؟ وهل ما أفعله حقاً أمر جيد؟
إذا وجدت إجاية على هذه الأسئلة، ستجد طريقك للسعادة، الأمر ليس بهذه السهولة، أن تجلس بهدوء تتأمل وتردد :” ماذا أريد ان افعل في حياتي؟” فتجد الجواب في لحظتها !
ما لم يكن لهذه الأسئلة أثراً على نفسك في شكل تغيير ،او رغبة في التغيير على الأقل، فأنت تضيع وقتك عبثاً !
قيّم أنت نفسك
هل يخيفك ما يعتقده الآخرون عنك؟ هل آراءهم وانطباعاتهم عنك تعيقك عن المضي قدما؟ أراهن انك تهز رأسك “نعم”
إذن حان الوقت لتغيير عقليتك ..
أولاً؛ عليك ان تكون أفضل من الشخص الذي كنت بالأمس، هذه الرغبة في تحسين ذاتك ستجعلك تؤمن بأنك شخص جيد، قوي، وذكي بما فيه الكفاية.
المهم اثبات ذلك لنفسك وليس للآخرين، إذا اقتنعت انت بذلك، سيقتنع كل من حولك بأنك شخص رائع بالفعل، لا تنتظر تقييماً من أحد حتى تشعر بقيمة نفسك، إن انت لم تشعر بذلك من داخلك فلن تقتنع أبداً ولو ألقت فيك قصائد من الشعر !
صحيح ان لكلمات وآراء الآخرين تأثير حقيقي على نفسك، سلبي كان ام ايجابي، لكن هذا لا يعني ان التحدث عنك بسلبية، يعني انك بالفعل شخص سيء، أنها ليست نهاية العالم عندما تواجه الرفض من شخص ما.
انه لشيء رائع ان تتلقى الإطراء والمدح من الآخرين ، لكن ببساطة هذ لا يحدث دائما، خاصة اذا كنت تنوي إحداث فرق حقيقي في الحياة، ستجد الكثير من أولئك الذين يختلفون معك، الذين يتجاهلونك ، الذين يجاهدون لدحض أفكارك وجهودك، حينها وجه نظرك لأبعد منهم، وواصل سيرك.
المغامرة هى الوجه الفاتن للحياة “الحياة إما مغامرة جريئة أو لا شيء” هيلين كيلر
المخاطرة هى لُب الحياة، ومغزاها الذي يجهله الكثير، سواء كان ترك عملك الروتيني لبداية مشروع خاص بك، أو السفر إلى مناطق مجهولة من العالم، الحياة المثالية تستحق المخاطرة، والنضال والتضحية.
ولكن الكثير منا يعيش حياته بمحاذاة الحائط، يتابع الواقع من خلف النوافذ والجدران، هذه ليست حياة بالمرّة !
عندما نستسلم لمخاوفنا، سنواجه صعوبة في كل شيء، من أبسط الأشياء في الحياة إلى أكثرها تعقيداً،لكن؛ اسأل نفسك أليست الحياة المهدرة عديمة القيمة أولى بالخوف من المخاطرة؟
جرب ان تفقد عقلك للحظات ، تخلى عنه قليلاً وإتبع قلبك، لتنظر تنظر للماضي عندما تشيخ برضا وتردد: “لا أستطيع أن أصدق أنني فعلت ذلك”، أفضل بكثير من ان تنظر إلى الوراء وتقول في أسف : “ليتني فعلت ذلك.”3
لا تدع الوقت يمرك كقطار عليك اللحاق به ،تنظر له في أسف وأنت مسمر القدمين ،لا تقضي بقية حياتك في التفكير، لماذا لا تفعل ما يمكنك القيام به والآن، إشعر بقيمة الحياة، واجه المخاطر ، اكتشف الحب، إركض في جنون ، تنفس .. هذه الأشياء أجمل ما في الحياة صدقني !
الحياة لا يمكن التنبؤ بها
عندما تتوقف عن التكهن وتوقع حدوث الأمور بشكل معين، عندها فقط ستتقبل كل ما يحدث لك بكامل الرضا، فقط عليك إدراك أن من أعظم هدايا الحياة ؛ الأمور التي تحدث بالشكل الذي لا نتوقعه، وإدراك حقيقة كهذه يستلزم عقل متفتح، وشخصية إيجابية.
تخيّل للحظة؛ ان كل ما تتوقعه يحدث لك حرفياً .. بربك أي حياة هذه ؟!
حدوث الأشياء بطريقة غير التي تتوقعها او تريدها ليس شيئا سيئا، بالعكس هذا يجعل الحياة مثيرة للاهتمام، بالإضافة إلى تدريبك على ان تكون شخص مرن، الصلابة والتركيز على طريق واحد بعينه لن يصلك إلى ما تريد، كن جاهزاً لسد هذا الطريق في أي لحظة، كن أهلاً لأن توضع في أي طريق، كن قوياً قادراً على ان تسلكه حتى النهاية.
هذا فضلاً عن ان 99% من الخبرات الحياتية تكتسب بهذه الطريقة، أن فلان يسلك الطريق (أ) فإنغلق فجأة بوجهه، فذهب يجرب الطريق (ب) ليصل إلى غايته فإنغلق هو الآخر، وهكذا حتى حقق هدفه، بالإضافة إلى اكتسابه الكثير من الخبرات التي ستساعده بكل تأكيدعندما يقرر السير في طريق جديد لغاية جديدة.
لذا علينا ان نتقبل كل ما يحدث لنا حتى وإن كان بالطريقة التي لا نتوقعها، ولم نضعها في الحسبان، انها واحدة من الإنجازات الأكثر صعوبة ان تتقبل شيء لا ترضاه، ولكن التقبل هو أول خطوة في التغيير، والوصول إلى ما تريد.
لا مفر !
مهما ركضت هرباً من أمر تخشاه، سينتهي بك الطريق إليه، لا مفر يا صديقي!
فكلما تحاشيته وقررت عدم التفكير فيه، ستجد نفسك في نهاية الأمر لا تفكر إلا فيه، وبعبارة أخرى كلما قاومت شيئاً زادت سطوته عليك، الفلسفة نفسها عندما يتعلق الأمر بتحرير عقلك من تجربة سلبية عشتها في الماضي.
خلاصة القول: الهروب من المشاكل هو سباق لن تربحه أبدا.
توجه نحو ما يخيفك بدل الهرب منه، وقم بما يجب القيام به، تخلّص منه، عالجه، المهم ان تنتهي من إتباع أسلوب الهرب للأبد!3
ركز على خلق أشياء إيجابية تحل محل تلك الأمور السلبية التي تزعجك وتدفعك للهروب منها، كخطوة أولى للتخلص فلسفة الهروب.
الحياة معركة مستمرة … لا أحد في هذا العالم سيسحقك كما ستفعل الحياة !
سوف تصدمك الحياة بمفاجآتها العظيمة التي لا تنتهي، ستسقطك أرضاً محاولة إبقاءك على هذا الوضع المزري، ولكن لن يحدث هذا إلا إذا ضعفت أنت واستسلمت وقبلت بوضع كهذا.
الكارثة الحقيقة ليست بما فعلته بك الحياة، بل في ردة فعلك انت وما ستفعله تجاه نفسك!
فإما أن تقوم وتنفض عنك غبار الألم وتواصل سيرك وكأن شيئاً لم يكن، وهنا ستكون أنت الفائز حقاً في هذه المعركة، أو ان تجلس مكانك ترثي نفسك، في حين ان الحياة تمضي وتكمل ألاعيبها بمنتهى السادية، الخيار لك، أنت من يقرر ..
وبالرغم من كل ما تفعله بنا الحياة، إلا انها مغامرة جميلة حقاً تستحق العناء، من يفز بها يربح كل شيء، ومن يخسرها فقد خسر كل شيء، حتى نفسه !
فكن حريصاً على ان ترحل من هذه الحياة وأنت قد عشت كل لحظة فيها بقلب قوي، وذهن متفتح، وإصرار لا ينفد، تاركاً لنا تجربة غنية بالخبرات والدروس ..