بغداد، العراق، 8 اكتوبر 2013، وكالات
لأن لها تاريخ ثري بالكتاب والفنانين نالت العاصمة العراقية بغداد لقب عاصمة الثقافة العربية لعام 2013. لكن وعلى الرغم من لقبها فان المشهد الفني يعاني في أعقاب موجة الهجمات المميتة التي تعرضت لها المدينة في الآونة الأخيرة.
ولا تتوفر الكهرباء في بغداد سوى ساعات قليلة يوميا كما ان تمويل الأعمال الفنية لا يمثل أولوية. اضافة الى ان الاجتماعات العامة تكون عرضة للخطر كما ان عدد صالات المعارض بالمدينة قليل وقاعات الحفلات خاوية على عروشها ومعظم دور العرض السينمائي والمسارح موصدة الأبواب.
وعلى الرغم من الوضع الأمني فان شارع المتنبي الذي يعج بالمكتبات ويعد مركزا ثقافيا في العاصمة العراقية لا يزال منطقة تحظى بتردد الجمهور عليها.
لكن الضالعين في المشهد الثقافي في العراق يقولون ان الوضع الأمني يلقي بظلاله على أعمالهم وتحركاتهم في أرجاء المدينة.
وقال علي السراي عضو بيت الشعر العراقي “الوضع الامني يؤثر على النشاط الثقافي العراقي ويؤثر على المشهد الثقافي. لكن الناشط الثقافي العراقي الدي اختبر كيف يعمل أو لنقل خبر كيف يعمل منذ عام 2003 وحتى اليوم عليه ان يكون معتادا على التعامل مع هكذا وضع شائك. هو يستمر بنشاطه..يتفاعل مع المشروعات التي يريد تنفيدها ويصر على تنفيدها لكن في نفس الوقت..بالوقت نفسه..هو يدرك المخاطر التي تحيط بالواقع العراقي .. بالمجتمع وبالظرف ككل.”
وأضاف السراي “مثلا نحن في بيت الشعر العراقي عندما نريدان نعقد اجتماع نحن لدينا غرفة في شارع المتنبي. غرفة في الطابق الثانني لإحدى العمارات لايمكن بعد الساعة الثالثة او الرابعة عصرا ان نعقد اجتماع في هذا المكان. لذلك نضطر ان نذهب الى المقاهي في بغداد. هده المقاهي قبل اشهر وحتى هذا اليوم هي مهددة او تتعرض للتهديد بفعل العبوات الناسفة او الاستهدافات المتكررة. اضطررنا الى نقل بعض الاجتماعات الى فضاء الفيس بوك. ان نجتمع في ساعة معينة ويلتقي أعضاء الهيئة الادارية ويواصلون اجتماعاتهم ويتبادلون الاراء.”
ومازال تمثال الشاعر العراقي الشهير ابو الطيب المتنبي يذكر العراقيين بارثهم الثقافي الثري. ويحرص الطلاب في كليات الفنون العراقية على ان يبنوا على الأهمية الثقافية لبلدهم لكنهم يقولون انهم يشعرون ايضا ان الفراغ الأمني يمثل عائقا لعملهم.
ويقول اصحاب صالات العرض الفني وجامعي الأعمال الفنية في المنطقة ان بعض أفضل قطع الفن المعاصر في الشرق الأوسط تأتي من فنانين عراقيين مثل هناء مال الله او حليم الكريم لكن غالبيتهم يعمل في الخارج باوروبا او الولايات المتحدة.
وقال فنان عراقي ان جمعية الفنانيين التشكيليين ببغداد وهي جماعة غير حكومية تضم في عضويتها 1200 عضو بالمقارنة مع 4000 عضو فقط كانوا فيها في السنوات العشر الماضية. وانتقل كثير من أعضائها الى كردستان العراق أو غادروا العراق بالكلية.
ويقول طلاب مثل العراقي الشاب عمر ياسين الطالب في قسم السينما بأكاديمية الفنون الجميلة ان محدودية الفضاء العام قيدت أعمالهم.
وأضاف ياسين “الوضع بالعراق غير مستقر خصوصا في هذه الايام. والتدهور الامني الذي صار في بغداد والانفجارات التي حصلت بالاونة الاخيرة ادت الى مشاكل كثيرة بالبلد منها انقطاع الطرق. منها وجود الصبات الكونكريتية (الحواجز الخرسانية) التي ادت الى ضيق المساحة في العاصمة بغداد والتجول في العاصمة بغداد وطبعا مع الاسف الشديد نحن حزينين جدا بسبب هدا الوضع. نتمنى ان يستقر الوضع مرة ثانية ونشوف بغداد عاصمة من غير صبات.”
وباعتباره طالبا يدرس السينما يحتاج عمر ياسين الى تصوير أفلام لمشروع تخرجه. لكنه يحتاج الى تصريح من السلطات العراقية لكي يصور في أماكن عامة.والحصول على هذا التصريح شبه مستحيل حسب قوله.
وأوضح ياسين ذلك قائلا “كطلاب سينما يجب تان نأخد موافقات من قادة العمليات العسكرية لكي نصور في بغداد. الكاميرا في بغداد وكأنها سلاح. يعني مع الاسف الشديد وكأننا..كانني حامل عبوة ناسفة. الكاميرا في بغداد جدا خطرة. يجب في البداية ان آخذ موافقة يالا (لكي) نصور بالمكان الدي اريده. هذا يعني أبسط المعاناة التي نحن نعانيها. انا كطالب سينما وسنة الاخرى انا مقبل على مشروع تخرج من قسم الفنون السينمائية والتلفزيونية في كلية الفنون الجميلة. لحد الان افكر كيف احصل على موافقة حتى اصور فيلمي. مع الاسف الشديد تفكيري بالموافقة قبل ما يكون تفكيري بفكرة الفيلم.”
وبعد 18 شهرا على انسحاب القوات الامريكية من العراق تزايد استهداف المهاجمين الانتحاريين أماكن مثل المقاهي والأحداث الرياضية.
ونظمت الحكومة العراقية مؤتمرات وحفلات ومعارض قليلة العام الجاري لكنها لم تعلن عنها بشكل واسع وقصرت المشاركة فيها على أعداد محدودة.
وارتفع معدل الأشخاص الذين يقتلون شهريا في بعض الشهور العام الجاري ليصل الى أعلى معدلاته منذ ذروة الصراع الأهلي في العراق عامي 2006 و 2007 الأمر الذي يثير مخاوف بشأن عودة الحرب الأهلية للبلاد.