يأمل الفلسطينيون أن يعود قطاع غزة لوضعه قبل 20 عامًا وليس قبل شهرين

عصفت الحرب الأخيرة بين حماس وإسرائيل بقطاع غزة، وكما حولت مبانيه وبنيته التحتية إلى أنقاض، فقد حولت اقتصاده الهش إلى أنقاض تحتاج إلى وقت ومجهود كبير لإعادة البناء.

قبل الحرب، كانت قدرة أغلبية سكان غزة على الحصول على مواد مغذية وبأسعار معقولة محدودة، وكانوا يعتبرون غير آمنين غذائياً ، وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، وكان حوالي 80% من سكان غزة يعتمدون على نوع ما من المساعدات الدولية قبل التصعيد الأخير.

يقول ماركو بابيتش، الشريك وكبير الاستراتيجيين في مجموعة Clocktower Group، إن اقتصاد غزة اعتمد بنسبة 100% على مصدرين للدخل: المساعدات الخارجية والوصول إلى سوق العمل في إسرائيل، وقد ذهب هذا الأخير الآن، وربما إلى الأبد، والشيء الوحيد المتبقي هو المساعدات الخارجية.

كما أن معدل البطالة في غزة، والذي كان تقليديًا أحد أعلى المعدلات في العالم بنسبة تزيد عن 40% ، يقترب الآن من 100% ، مع “توقف نشاط” اقتصاد القطاع فعليًا إلى أجل غير مسمى، وفقًا لتقرير  صادر عن معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني في رام الله بالضفة الغربية

اقتصاد غزة.. كيف خسر القطاع من الحرب؟

تأثيرات الحرب

وبعد دخول الحرب يومها الخمسين، فقد سكان غزة ما لا يقل عن 182 ألف وظيفة، أو 61% من القوى العاملة، وفقاً لمنظمة العمل الدولية.

وتوقعت وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة، وهي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن تتراجع التنمية في غزة بمقدار 16 إلى 19 سنة في تقييمها على أساس المؤشرات الاقتصادية والصحية والتعليمية.

وقال كيفن كلودين، الباحث في معهد ميلكن للأبحاث في سانتا مونيكا بولاية كاليفورنيا: “على الرغم من أن الإسرائيليين استولوا غزة بدءاً من عام 1967 وحتى فترة الثمانينيات، إلا أن الاقتصاد كان في وضع أفضل قليلاً، فكان في الغالب في حالة جيدة، استناداً إلى وجود عدد من الأشخاص المتعلمين الذين تعلموا خارج غزة”.

وكانت غزة تحت سيطرة مصر من عام 1948 حتى منتصف عام 1967 قبل أن تستولي عليها إسرائيل مع الضفة الغربية بعد انتصارها في حرب الأيام الستة ضد الدول العربية.

قال رجا الخالدي، مدير معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني، إنه في السنوات الخمس والعشرين الأولى كان في غزة أشخاص يعملون داخل إسرائيل وكان لها اقتصادها المحلي الخاص، وكان جزءًا مهمًا من الاقتصاد الفلسطيني”.

كما أن سكان غزة كانوا قادرين على العمل في إسرائيل ومصر والخليج وأماكن أخرى قبل 50 عاما، وكانت هناك طبقة مهنية قوية وجامعة ومطار في ذلك الوقت، ولكن مع الصراع الحالي أصبح اقتصاد القطاع الآن سيئا، ويكاد يكون معطلا، كما يقول كلودين.

اقتصاد غزة.. كيف خسر القطاع من الحرب؟

العمل في إسرائيل

وأصدرت إسرائيل نحو 18 ألف تصريح لسكان غزة للعمل والعيش في البلاد ومستوطناتها في الضفة الغربية، لكن تم إلغاؤها بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وفقاً للأمم المتحدة، شهد الاقتصاد الفلسطيني خلال السبعينيات والثمانينيات تدفقات رأسمالية قوية نسبياً، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تحويلات العمال الفلسطينيين في إسرائيل ودول الخليج.

تغيرت الأمور بعد أن حصلت حماس على السلطة في غزة عام 2006 عندما تخلت إسرائيل عن سيطرتها على القطاع، ولم تجر حماس انتخابات في غزة منذ ذلك الحين.

وقال كلودين إن الفلسطينيين لم يخسروا العمل في إسرائيل بعد سيطرة حماس على غزة فحسب، بل تبددت تجارتهم مع المصريين أيضًا حيث تنظر مصر إلى حماس باعتبارها تهديدًا، وحدث ذلك بجانب توقف الاستثمارات في الضفة الغربية التي تحكمها السلطة الفلسطينية عن التدفق إلى غزة.

مستقبل اقتصاد القطاع

وقال الخالدي ”عندما يسألني الناس ما الذي يتطلبه الأمر حتى تعود غزة إلى ما كانت عليه… نريد العودة إلى ما كانت عليه قبل 20 عاما، وليس إلى ما كانت عليه قبل شهرين”.

أدى الحصار والحروب المتكررة مع إسرائيل منذ عام 2008 إلى إفراغ اقتصاد القطاع، حيث تراجع نموه الاقتصادي الهزيل كثيراً عن نظيره في الضفة الغربية على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، وفقاً لصندوق النقد الدولي.

وقال كلودين: “على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، كان هذا هو الوضع بشكل أساسي، لديك مجتمع صغير جدًا من السكان لا يرى أملًا في ذلك. ومن الصعب للغاية رؤية مستقبل اقتصادي من وراء ذلك”.